بسم الله الرحمن الرحيم في ظل زحمة المدنية الهوجاء، والمادية العرجاء، تزاحَمَ الناسُ على الدنيا، وتنافسوا فيها، وتسابقوا في جمعها، وغفلوا عن الغاية السامية التي خُلِقوا لأجلها، وهي عبادة رب الأرض والسماء، الذي أخبرَنا عن هذه الحقيقة، فقال: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات: 56]. وقد حث اللهُ نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم وكلَّ مؤمن من بعده -أن يذكره سبحانه،
أودُّ أن أذكر هنا بصراحة: أن لرأي إخواننا من أصحاب (الجهاد الهجومي) - الذي يعلن الحرب على الشرق والغرب، والشمال والجنوب، والأبيض والأسود، والمسالم والمحارب - أثارا عملية خطيرة، نلمس ثمراتها في الواقع، فليس هو مجرَّد رأي نظري أو فلسفي تجريدي يقول به أصحابه، دون أن ينضح على الواقع الإسلامي والعالمي المعيش. بل له آثار عملية خطيرة، نراها بأعيننا ونلمسها بأيدينا،
لا تسـألـنَّ بُنـيَّ آدمَ حــاجـةً وسلِ الذي أبـوابُـه لا تُـحجَبُ اللهُ يغضـبُ إن تـركتَ سـؤالَه وبُنيُّ آدمَ حينَ يُسألُ يغضَبُ
كل ما ذكرناه سابقاً حول أهمية وحدة هذه الأمة ووعيها الجماعي وإحساسها بالمسؤولية وكذلك ما ذكرناه من الواجبات والوظائف المنوطة بهذه الأمة، كل ذلك قد جمعه الله سبحانه وتعالى من خلال سورة واحدة، أشرنا إليها في الخطبة السابقة، ونشرحها في هذه الخطبة بإذن الله تعالى . هذه السورة لها ثلاث آيات فقط ولكنها تبين لنا منهجاً متكاملاً لهذه الأمة الإسلامية، موضحة حقيقة هذه الأمة،
عندما ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﻚ ﺑﺴﻮﺀ ﻭأﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ أﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺨﻄﻲﺀ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ، تذكر ﺃﻥ ﺗﺤﻤﺪ الله ﺍﻟﺬﻱ أﺷﻐﻠﻬﻢ ﺑﻚ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻐﻠﻚ ﺑﻬﻢ.
صفات الشخصية السوية من وجهة نظر علماء النفس المسلمين:
سمات الشخصية السوية من وجهة نظر القرآن الكريم کما يريها سيد صبحي 2003:
أ – الشخصية المؤمنة التي تعمل عملاً صالحاً وتتواصي بالحق والصبر:
يقول الله تعالى فى سورة العصر: «وَالْعَصْرِ * إِنَّ اْلإِنْسانَ لَفي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ» .
كان حبيب أبو محمد يخلو في بيته ويقول: "من لم تقرَّ عينه بك فلا قرت عينه، ومن لم يأنـس بك فلا أَنِـس".
لا يستغرب أحدٌ أن يسمع كلمة: "الموت في سبيل الله"، أن يموت الإنسان صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر، وهي الشهادة التي لا تحدث إلا باصطفاء من الله لعباده: "ويتخذ منكم شهداء" [آل عمران:140]. ولكن ليس بنفس القدر يسمع الناس كلمة: "الحياة في سبيل الله". من الخطأ أن يقع التعاند بين المفهومات الشرعية، وكأنها بين طرفي نقيض!
يذكر ابن الجوزي أن بعض أحبار بني إسرائيل قال: يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني؟ فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري؛ أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟
مَصَادِرُ القُوَّةِ الرُّوحِيَّة عِنْدَ المُؤْمِن
1- إِيمَانُه القَوِيُّ باللَّه فهو وحدَه مصدرُ النصر: "إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ".
ولهذا فالاعتصامُ به يشْحَذُ العزائمَ ويُعينُ على مواجهةِ كلِّ التهديدات: "وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ".
حقوق النشر © 1401 رسالة الإصلاح. جميع حقوق الموقع محفوظة. التصميم والتطوير لشركة روبال للبرمجة