أودُّ أن أذكر هنا بصراحة: أن لرأي إخواننا من أصحاب (الجهاد الهجومي) - الذي يعلن الحرب على الشرق والغرب، والشمال والجنوب، والأبيض والأسود، والمسالم والمحارب - أثارا عملية خطيرة، نلمس ثمراتها في الواقع، فليس هو مجرَّد رأي نظري أو فلسفي تجريدي يقول به أصحابه، دون أن ينضح على الواقع الإسلامي والعالمي المعيش. بل له آثار عملية خطيرة، نراها بأعيننا ونلمسها بأيدينا، منها:

(1) رفض ميثاق الأمم المتحدة:

أول الآثار العملية لهذا الرأي، كما حدَّدتها كتبهم ورسائلهم،(مثل رسالة: (أهمية الجهاد للعَلْياني) [1]: هو الرفض والإنكار لميثاق الأمم المتحدة، لأنه يقوم على نظرة غير نظرتهم، وفلسفة غير فلسفتهم، فميثاق الأمم المتحدة مبني على فكرة إمكان التعايش السِّلمي بين البشر، أو تقليل الصدام بينهم إذا حدث، أو تضييق آثار الحرب إذا وقعت، وهم يرفضون هذه النظرية، ويرفضون بنودها التفصيلية التي انبثقت عنها.

(2) تجريم الانضمام إلى هيئة الأمم المتحدة:

ومما ذكره صاحب كتاب (أهمية الجهاد): أنه شنَّع على من سمَّاهم (أهل الدفاع): (أنهم بقولهم الشنيع – إن الإسلام دين يسالم مَن سالمه، ويحارب مَن حاربه – أعطوا للحكومات والدويلات القائمة في البلاد الإسلامية سندا شرعيا – إن كانت في حاجة إلى سند – بأن تنضمَّ إلى ما يُسمَّى بهيئة الأمم المتحدة التي تحرِّم الحروب إلا في صورة واحدة، هي: صورة ردِّ الاعتداء المسلح [2]، فإن جهاد الابتداء والطلب محرَّم في شريعة الأمم المتحدة، وهي تدعو إلى أن يعيش الناس عموما على مختلف أديانهم من وثنية ومجوسية وبوذية ويهودية ونصرانية وهندوسية – بل حتى الملاحدة الذي لا يعترفون بوجود الله – في وئام وسلام ومحبة وتعاون.

وإذا حصل بينهم نزاع على الحدود الأرضية، فيتحاكمون إلى مجلس الأمن الطاغوتي، الذي ما عرَف الرجوع إلى ما أنزل الله طرفة عين. لو يعقل أهل الدفاع ما يترتب على قولهم المشؤوم، من إسقاط لفريضة الجهاد، ومن تحكيم للكفر: لأعلنوا براءتهم من ذلك القول الخبيث، إن كان فيهم مَن يحب الله ورسوله، ويعرف حدود ما أمر الله به. (ولننقل الآن ملخصا لأحد القرارات الهامة لهيئة الأمم المتحدة – التي قرَّرت المبادئ للعَلاقات الدولية – ليعرف المسلم: ماذا يراد بفريضة الجهاد، في عصر ما يُسمَّى بالتنظيم الدولي، الذي هو في الحقيقة تنظيم دولي لهدم الإسلام لا لشيء آخر)!

• قرارهيئة الأمم المتحدة في مبادئ العلاقات الدولية (القرار رقم 6225 الدورة 25)

إن الجمعية العامة... تعلن رسميا المبادئ الآتية:

1- مبدأ امتناع الدول في عَلاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي نحو آخر يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة.

2- مبدأ فضِّ الدول لمنازعاتها الإقليمية بالوسائل السِّلمية على وجه لا يعرِّض السلم والأمن الدوليين ولا العدل للخطر.

3- المبدأ الخاص بوجوب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولاية القومية لدولة ما وفقا للميثاق.

4- مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقِّها في تقرير مصيرها بنفسها.

5- مبدأ المساواة في السيادة بين الدول... وتتضمن المساواة في السيادة العناصر الآتية بوجه خاص:

‌أ- الدول متساوية من الناحية القانونية.

‌ب- تتمتَّع كلُّ دولة من الدول بالحقوق الملازمة للسيادة الكاملة.

‌ج- على كلِّ دولة واجب احترام شخصية الدول الأخرى.

‌د- حرمة السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدولة.

‌هـ- لكلِّ دولة الحق في أن تختار وأن تنمِّي بحرية نظمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

‌و- وعلى كلِّ دولة واجب تنفيذ التزاماتها الدولية تنفيذا كاملا يحدوه حسن النية والعيش في سلام مع الدول الأخرى [3].

ويقول الشيمي: (وأصدرت الجمعية العمومية في اجتماعها في 24 سبتمبر من عام 1927م قرارا بإجماع الآراء جاء فيه: أنها تسلِّم بما يربط الجماعة الدولية من تضامن، وتعلن عن عزمها على حماية السلم العام، وتقرُّ فكرة أن الحرب العدوانية لا يصحُّ استخدامها كوسيلة لحسم المنازعات بين الدول، وتعتبر هذه الحرب جريمة دولية، وتطبيقا لذلك قامت بوضع قاعدتين التزمت بهما الدول الأعضاء، هما:

1- إن كل حرب اعتداء محرَّمة وستظل محرَّمة.

2- من واجب الدول أن تلجأ إلى جميع الوسائل السِّلمية لحسم ما بينها من منازعات دولية مهما كانت طبيعتها) [4]اهـ.

قال العَلْياني: ومما لا شكَّ فيه عند الدول المصدِّقة على هذا الميثاق: أن جهاد الابتداء والطلب (وهو تطلب الكفار في عقر دارهم من غير اعتداء منهم وإرغامهم على الإسلام أو الجزية)، يعتبَر حربا عدوانية يعاقب عليها القانون الدولي، وتعتبَر جريمة في نظره، وقد سهَّلت آراء أهل الدفاع المنحرفة المخالفة للإجماع: انضمام الدول القائمة في البلاد الإسلامية إلى هذه الجمعية التي تحرِّم ما أوجب الله، فصاروا يتابعونهم على تشريعهم، ويتركون ما شرع الله. نعوذ بالله من الضلال والخذلان) [5]انتهى.

(3) معارضة اتفاقية إلغاء الرق:

ومن آثار فقه (الهجوميين) العملية: معارضتهم لاتفاقية (إلغاء الرق من العالم)، التي أقرَّتها الأمم المتحدة، وهي لا تجيز لأحد أن يسترقَّ أحدا، بأي سبب كان. وبهذا يحرِّمون ما أحلَّ الله تعالى في نظرهم. ومن هنا رد الهجوميون على كل عالم يقول: إن الشريعة لم تستحدث الرق، لكنها استحدثت العتق، وأن الإسلام لو نُفذت تعاليمه حقا، لأُلغى الرق بالتدريج من العالم، لأنه سدَّ كل مصادره إلا سببا واحدا، هو الأَسر في حرب شرعية، وفتح أبواب التحرير على مصاريعها[6].

لقد فتح العَلْياني - صاحب كتاب أهمية الجهاد - النار على رجل الفقه المعروف: الدكتور وهبة الزحيلي، واتَّهمه بأنه يحرِّف نصوص الشريعة، لكي توافق ما قرَّرته الدول الكافرة، ويظنُّ أنه بذلك صنع إلى الإسلام معروفا، حينما أظهره بمظهر الموافق للحضارة الغربية! نقل العلياني عن د. الزحيلي قوله: (جاء الإسلام والحالة هذه عند الأمم المجاورة، فلم يتمكَّن من إلغاء الرقيق في العالم، حتى لا تصطدم دعوته مع مألوف النفوس، ولئلا تضطَّرب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، فيكثُر المجادلون والمعارضون، وينتشر الفقر والعَوَز في المجتمع، وتتعدَّد حينئذ جرائم العبيد قبل تحريرهم. ولكن الإسلام الذي يقدِّر معنى الحرية ولذَّتها، ويعتبر الأصل في الإنسان هو الحرية، إلا أن من خصائص تشريعه التدرُّج في الأحكام، فإنه قد أقرَّ مؤقتا واقع الأمر، ولم يمحُ الرق دفعة واحدة، ومضى في التدرُّج بالمسلمين؛ فهيَّأ أسبابا للقضاء على الرق، وحرَّم سائر مصادره ما عدا رق الأَسر بسبب الحرب العادلة لدفع العدوان[7]، وحفظ التوازن مع الأمم الأخرى، وما عدا الرق بسبب الوراثة. والشرع لا يبيح أن يُستَرقَّ مسلم أصلا.

(وهكذا قاومت الدعوة المحمدية الرق، مقاومة كانت بالتدريج أفعل في تهيئة الضمير البشري للقضاء عليه، من المفاجأة بالتحريم البات. وبما أنه لم يرد نص في الكتاب ولا في السنة على إباحة الرق، وأن الاسترقاق بالوجه الشرعي لا يتأتَّى منذ زمن، لعدم وجود الحرب الشرعية العادلة، فإن الإسلام لا يتعارض مع إلغاء الرق من العالم اليوم) [8].

ويعلِّق العَلْياني على هذا النقل من الدكتور الزحيلي قائلا: (فهذا كذب صُرَاح وافتراء على الإسلام، فكيف يقول: لا يوجد نص في الكتاب ولا في السنة على إباحة الرق، وكتب العلماء أهل الحديث وغيرهم طافحة بأحكام الرقيق، وأحكام العتق وأحكام أموالهم، والإجماع منعقد على جواز استرقاق الكافر، بل والمسلم الذي أبوه رقيق فهو رقيق[9] ، إلا أن يُعتق. وهل يظنُّ هذا الكاتب أن المسلمين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عام 1842م عندما وقِّعت اتفاقية دولية تحرِّم الرق كانوا يعملون غير مباح؟ نعوذ بالله من هذا التحريف المشين، والتهم الباطلة التي توجَّه إلى خير القرون رضي الله عنهم)[10] انتهى.

قلت: أعتقد أن الكاتب (الدكتور الزحيلي) يقصد بكلامه: أنه لا يوجد في الكتاب والسنة دعوة إلى الرق، أو أمرٌ به، وإن كانت عبارته غير دقيقة للتعبير عمَّا أراده[11] . وأن الإسلام ليس هو الذي استحدث ظاهرة الرق، وإنما وجدها سائدة في العالم، فتعامل معها بما يلائمها من الأحكام التشريعية والتوجيهات الأخلاقية، وإنما الذي استحدثه الإسلام هو: التوسُّع في تحرير الرقيق، بأسباب شتَّى، حتى إن الإسلام جعل من مصارف الزكاة الثمانية: مصرفا لتحرير الرقيق، هو (في الرقاب)، وحتى رأينا موضوع الرقيق يُطرح في كتب الفقه تحت عنوان (كتاب العتق). ونحن نعلم أن القرآن حينما ذكر الموقف من الأسرى في الحرب، لم يذكر إلا أمرين فقط: المنُّ عليهم بلا مقابل أو الفداء بأسرى أو بمال. قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4]

قال العَلْياني: (أما قوله (أي الزحيلي): (وإن الاسترقاق بالوجه الشرعي لا يتأتَّى منذ زمن لعدم وجود الحرب الشرعية العادلة) قال العَلْياني: فهذا كذب أيضا، فكيف حكم على جهاد المسلمين منذ زمن بأنه ليس حربا شرعية عادلة؟ ألا يعتبر هذا المؤلِّف حرب المسلمين لإسرائيل شرعية عادلة؟ قلت: وهذه مغالطة من هذا الباحث المتشدِّد، فالرجل لم يتعرَّض لحرب إسرائيل، إنما تعرَّض للحروب الأخيرة حتى اتفاقية إلغاء الرقيق. قال الكاتب: وأمثال الزحيلي كثير، من أشهرهم شوقي أبو خليل في كتابه (الإسلام في قفص الاتهام) [12].

(4) معارضة اتفاقية جنيف بشأن الأسرى:

وكذلك يعارض هؤلاء (الهجوميون) من دُعاة الحرب على العالم: (اتفاقية جنيف) الدولية بشأن (معاملة الأسرى). حيث توجب هذه الاتفاقية: إحسان معاملة الأسرى، وتوفير الظروف الإنسانية المناسبة لهم، من حيث المأكل والمشرب والملبس والمسكن والعلاج عند المرض، وتحرِّم تعذيبهم أو قتلهم، أو إهدار كرامتهم البشرية، إلى آخره. فقد نصت المعاهدة الموقَّعة في 12 أغسطس 1949م على أنه: لا يجوز قتل المقاتلين الذين يلقون بسلاحهم، ويرضخون للعدو، أو يستسلمون له، ولا يقاومون أخذهم أسرى حرب، وبأن المبالغ النقدية، والأشياء النفيسة التي يحملها الأسير لا تُعدُّ من غنائم الحرب؛ إذ تلتزم الدولة الآسرة بردِّها عند انتهاء حالة الأسير.

كما نصَّت معاهدة جنيف على تحريم الاعتداء على الأسرى، سواء في أشخاصهم، أو شرفهم أو امتهانهم، وكذلك يحرُم قتلهم مهما كانت الظروف، أو أخذهم كرهائن، أو عقابهم بلا محاكمة، أو توقيع عقوبة جماعية عليهم، أو وضعهم في السجون، أو في أمكنة غير صحية، أو تعريضهم لأعمال القصاص [13]. أنكر الشيخ العَلْياني هذا كله، وأوسع كل مَن يقر هذه الاتفاقيات الدولية ذمًّا وتجريحا، واعتبره: مبدِّلا للدين، مغيِّرا لأحكام الشرع، لأن الإسلام يجيز قتل الأسير أو استرقاقه، فكيف نغيِّر أحكام الله؟ [14] وقد رددنا على هذه الدعاوى والمقولات في حديثنا عن معاملة الإسلام لأسرى الحرب، وبيَّنا أن موقف الإسلام الصحيح يتماشى مع مُجمل هذه الاتفاقيات، ويرعى حرمة الأسير، وكرامته الإنسانية، ومَن قال بجواز قتله فليس على إطلاقه، وكذلك الاسترقاق، فهذا مجرَّد مباح يمكن تقييده للمصلحة الإسلامية العامة، مثل كل المباحات. على أن من السلف - بل من الصحابة والتابعين - مَن لم يجز قتل الأسير، فلا إجماع في المسألة [15].

• المتشددون يتبنَّوْن انتشار الإسلام بالسيف:

بالإضافة إلى ما تقدم: رأينا خصوم الدعوة الإسلامية من المتعصبين من رجال التنصير (التبشير) والاستشراق من اليهود والنصارى: يشيعون فِرْية ما فيها مِرية، على الإسلام: أنه انتشر بالسيف والقوة، وأن السيف هو الذي أكره الناس على الدخول في هذا الدين. وقد أبطلنا هذه الفِرية بالبراهين الساطعة، في موضعها من هذا الكتاب في الباب الرابع، ولله الحمد [16].

إلا أن أعجب ما رأيتُ وما قرأتُ: أن أحدا من بني جلدتي، أي من المسلمين بل من المنتسبين للعلم الشرعي، وممَّن حصل على درجة (الدكتوراه) في (أهمية الجهاد): مَن يتبنى مقولة انتشار الإسلام بالسيف! ويدافع عنها، ويتَّهم كل مَن يشكِّك فيها أو يردُّ عليها بأنهم من تلامذة الاستعمار! وهو يسميه انتشار الإسلام بالجهاد، ولا فرق بين كلمة (الجهاد) وكلمة (السيف) في هذا المقام. وقد صبَّ جام غضبه، ووجه جُلَّ نباله إلى صدر المستشرق الباحث والمؤرخ المنصف بشهادة الجميع: توماس أرنولد، لردِّه المقنع الموثَّق بالأدلة التاريخية على المبشرين والمستشرقين الحاقدين، الذين وصموا الإسلام بأنه لم ينتشر إلا بحدِّ السيف! وقد ترجم الكتاب إلى العربية: د. إبراهيم حسن وزميلاه، جزاهم الله خيرا.

يقول هذا الباحث في رسالته للدكتوراه المعنونة بـ(أهمية الجهاد):

(وقد شكَّك في تأثير الجهاد في نشر الإسلام في هذه الأزمنة المتأخرة: بعض الذين ربَّاهم الاستعمار على عينه، فآثروا حياة الذلِّ والاسترخاء على حياة العزِّ والجهاد، فزعموا أن الدعوة السِّلمية المجرَّدة عن الجهاد هي سبب انتشار الإسلام سابقا، وهي الطريق الأصلح الآن، بل بلغ بهم الأمر إلى اعتبار أن انتشار الإسلام بالجهاد: فِرْية على الإسلام ينبغي أن تُدفع!! وكان أساتذتهم في هذا العِوَج الفكري المستشرقون. ومن أشهر هؤلاء: المستشرق الخبيث (توماس أرنولد) الذي ألَّف كتابا بعنوان (الدعوة إلى الإسلام)، يهدف منه إلى إماتة الروح الجهادية عند المسلمين. ومَن يقرأ كتابه سالف الذكر: يرى أنه حريص على تصيُّد الأخبار الموضوعة والواهية، لكي يبرهن بأن الإسلام لم ينتشر بالجهاد، وإنما انتشر بالدعوة السِّلمية، المتبرِّئة من كل قوة، وانتشر بالموالاة بين المسلمين والكافرين وبخلط أنظمة الكفر مع أنظمة الإسلام [17]، ونحو ذلك. وقد قام بترجمة الكتاب المذكور ثلاثة من أبناء المسلمين ذكروا في المقدمة ما يلي:

(وأما مؤلف هذا الكتاب - وهو العالم المحقِّق السير توماس أرنولد - فلا نستطيع أن نقدِّره قدره!!) [18]. قال العَلْياني مؤلف كتاب (أهمية الجهاد): (قلتُ: إن قدره – لو يعلم هؤلاء - هو الضرب بالسيف حتى يبرد، إن لم يخضع للإسلام، أو يدفع الجزية!!) [19] انتهى. فيا للعار، ويا للغباء!! وأي غباء أعظم من أن يحتضن الإنسان ما يتَّهمه به عدوه، وما يفتريه عليه، ويحاول أن يسنده ويدلِّل عليه، ويتحمَّس له، وأن يعادي مَن ينصره، ويردُّ على خصومه، ويقول بكل جهل وصفاقة: قدره عندنا أن يُضرب بالسيف!!

إن هذا الكاتب وأمثاله يؤذون الإسلام بأكثر مما يؤذيه به أعداؤه المجاهرون، ويخدمون أعداء الإسلام من حيث لا يشعرون بأكثر مما يخدُمهم المبشرون والمنصِّرون، فهم يضرون حيث يريدون أن ينفعوا، ويهدمون حيث يريدون أن يبنوا، وقديما قالوا: عدو عاقل خير من صديق أحمق! والأعجب من هذا كله: أن يَتهِم هذا الإنسانُ المغلقُ: علماء العصر ودعاته الذين يدافعون عن حقائق الإسلام، ويردُّون أباطيل خصومه، بأنهم من (الذين ربَّاهم الاستعمار على عينه) فإنا لله وإنا إليه راجعون!! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش:

[1] وهي رسالة جامعية قدمت للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وقد نوقشت وأجيزت، وحصل مقدمها على الدكتوراه بمرتبة امتياز!!

[2] انظر: ميثاق الأمم المتحدة ص 923 من كتاب القانون الدولي العام تأليف: أبو هيف.

[3] انظر: كتاب تحريم الحروب للشيمي من ص 645 – 655، والترقيم من عندي للإيضاح.

[4] تحريم الحروب للشيمي ص 317.

[5] أهمية الجهاد للعلياني ص 346 –349 طبعة دار طيبة للنشر بالرياض.

[6] قال ذلك الكثيرون من العلماء المحققين، كالعلامة رشيد رضا في (الوحي المحمدي)، والعلامة الشيخ محمد أبو زهرة، والعلامة الشيخ محمود شلتوت، والعلامة الشيخ محمد الغزالي في (الإسلام والاستبداد السياسي)، والعلامة الشيخ علي عبد الواحد وافي في (حقوق الإنسان في الإسلام).

[7] لا تعجب أيها القارئ فكما اقتبس هذا المؤلف تحريم الرق من الغرب فقد اقتبس منهم: أن الحرب لا تكون عادلة إلا إذا كانت للدفاع، أما إذا كانت لحمل الكفار على الإسلام، أو دفع الجزية، فهي ظالمة، والداهية الدهياء حمله هذا الاقتباس على الإسلام، فيجمع بين منكرين. العلياني.

[8] آثار الحرب للزحيلي ص 442 وما بعدها. الطبعة الثالثة.

[9] المعروف فقها: أن الولد يتبع الأم - وليس الأب - في الرق والحرية. لا كما قال العلياني. ولهذا كره الإسلام الزواج من الإماء، وقال تعالى في زواجهن: "ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ" [النساء:25].

[10] أهمية الجهاد للعلياني ص 373، 374.

[11] أنه قال: لم يرد في القرآن ولا في السنة نص على إباحة الرق. وقد يردُّ عليه بمثل قوله تعالى: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" [النساء:24]، وقوله تعالى: "وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً" [النور:33]، وفي السنة: وقع السبي في بعض الغزوات. إلخ.

[12] أهمية الجهاد للعلياني ص 372- 374.

[13] انظر: آثار الحرب في الفقه الإسلامي ص 441، نقلا عن (جرائم الحرب والعقاب عليها) للدكتور حبشي ص187.

[14] أهمية الجهاد للعلياني ص 371 - 380.

[15] انظر: الفصل الثاني (الموقف من أسرى العدو) من الباب الثامن (ماذا بعد القتال؟).

[16] الفصل السادس (أكذوبة انتشار الإسلام بالسيف).

[17] المؤلف يسمي الموالاة تسامحا، وخلط أنظمة الكفار مع أنظمة المسلمين حرية دينية، ويستشهد على ذلك بحوادث من التاريخ لا تصحُّ وإن صحَّت عن بعض أفراد المسلمين فليس بحجة على الإسلام. مؤلف (أهمية الجهاد).

[18] مقدمة كتاب الدعوة لأرنولد ص 5.

[19] من كتاب (أهمية الجهاد) للعلياني ص 262.