المحسنون في الدنيا كثير، وصور الإحسان تُعطِّر الجوَّ من حولنا، ولكي يتمَّ الإحسان عملياً لابدَّ أن يكون الإنفاق من طيبات كسبنا، وذلك قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ" (البقرة:267).
ذلك بأنَّ الله تعالى كما يقول المفسِّرون: لا يقبلُ إلا الطيِّب؛ لأنَّ قابل الرديء إما أن يَقبله لحاجته وهو تعالى غير محتاج،
في المثل الشعبي يقولون: "فلان يصلي الفرض وينقب الأرض"! وذلك تعبيراً عن الذي يؤدي طقوس الصلوات، ومع ذلك يسرق أرض الجيران ويعتدي على حدودها.
وهذا المثل الشعبي يعبر عن نقد التدين الشكلي والتدين المغشوش، الذي يكتفي صاحبه من التدين بالطقوس الشكلية، مع إهمال القيم والأخلاق، التي هي المقاصد الحقيقية للعبادات، والروح الحقيقية لشعائر الإسلام.
في الرؤية الإسلامية تندرج كل فرائض العمل العام - أي الفرائض الإجتماعية - تحت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لأن الإيمان الديني في الإسلام ليس وقفا على التصديق القلبي الذي تعبر عنه المناسك والشعائر والعبادات، وإنما هو منظومة حياتية شاملة، بضع وسبعون شعبة، أعلاها لاإله إله الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.
لقد كان الإصلاح -على مر التاريخ الإنساني- هو رسالة الأنبياء والمرسلين: "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب" [هود: 88]، وللإصلاح -في الرؤية الإسلامية- منهاج متميز عن نظائره في كثير من الأنساق الفكرية والفلسلفات والحضارة التي انتشرت وسادت خارج إطار الإسلام. فالإصلاح الإسلامي ليس تغييرا جزئيا ولا سطحيا،
عندما نشر شيخنا محمد الغزالي (1336 – 1416 هـ ، 1917 – 1996م) عليه رحمة الله – كتابه "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" نشر أدعياء السلفية ضده أربعة عشر كتابا، اتفقت جميعها على أن أولى "التهم" الموجهة إلى الشيخ هي "العقل والعقلانية"!
السماحة التي تعني: المساهلة واللين في المعاملات، والعطاء بلا حدود، ودونما انتظار مقابل، أو حاجة إلى جزاء، إن هذه السماحة في النسق الإسلامي ليست مجرد كلمة تُقال، ولا شعار يُرفع، ولا حتى صياغة نظرية تأملية ومجردة، كما أنها ليست مجرد فضيلة إنسانية يمنحها حاكم ويمنعها آخر..
هناك خلط كبير وشديد بين مضامين هذه المصطلحات الثلاثة: الجهاد.. والقتال.. والإرهاب.. وهذا الخلط هو أشد ما يكون في هذه الحرب السياسية والفكرية والدينية والإعلامية الكبرى التي تشنها دوائر غربية متنفذة ضد الإسلام وأمته وحضارته وعالمه.. ليس فقط منذ «قارعة» 11 سبتمبر سنة 2001م التي وقعت بأمريكا.. وإنما قبل هذه «القارعة» بعقود.. وربما قرون..
العدل ـ في الإسلام ـ اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى(1).. والله سبحانه وتعالى يأمر بالعدل: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {90}) (النحل). ولأن العدل نقيض الظلم، فلقد حرّم الله الظلم على نفسه، وعلى عباده: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً {40}) (النساء)،
الإسلام دين التوحيد.. توحيد الله، سبحانه وتعالى، في الألوهية.. والربوبية.. والذات.. والصفات.. والأفعال.. حتى أنه قد بلغ في هذا التصور التوحيدي قمة التنزيه والتجريد، اللذين لا تستطيع اللغة البشرية التعبير عن حقيقة كنههما.. وإنما فقط ـ تضرب لهما الأمثال التي تقربهما إلى التصورات.. فخلاصة الإسلام، والإخلاص للإسلام، هو التوحيد الذي جاءت به سورة الإخلاص: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1} اللَّهُ الصَّمَدُ {2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ {4} )(الإخلاص). والله سبحانه وتعالى في التصور الإسلامي: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ {11})(الشورى)،
حقوق النشر © 1401 رسالة الإصلاح. جميع حقوق الموقع محفوظة. التصميم والتطوير لشركة روبال للبرمجة