بسم الله الرحمن الرحیم
(... وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[حج:32]

بمناسبة حلول شهر رمضان الکريم، شهر العودة إلی النفس و الاهتمام الخاص بالحاجات و الضروريات الروحية، أقدم أحر التهاني لجميع إخواني و أخواتي في الله.

لا ريب في أن الصيام بوصفه أخص عبادات العبد لربه، إذ « کلُّ عَمَلِ بَنِی آدَمَ لَهُ الا الصُّومَ فَإنَّهُ لِی وَأنَا أجزِی بِهِ »، هو واحدة من أکثر شعائر الله روحاً و معنوية، فتعظيمها کتعظيم بقية الشعائر الإلهية‌ ينبثق من تقوی القلوب. فإن هذا الصيام شعيرة إذا تم أداؤها بشکل صحيح، تؤتی أکل التقوی اللذيذ للمؤمنين الصائمين لقوله تعالی: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[بقره:183]   

إن رمضان ليذکر بتنزيل کلام الله الأخير الذي نحتاج للتدبر العميق في آياته و الالتزام بتعاليمه المُحییة؛ خاصة في هذا الزمن المضطرب بظروفه الحالکة حتی تمهد هذه الرسالة الهادیة،‌ کلغة مشترکة و کلمة سواء لکافة أتباع محمد المصطفي -صلی الله علیه وسلم- تمهد لعودة الهدوء و الاعتدال و الاستقرار إلی حياة المسلمين الفردية و الاجتماعية.

نأمل متوکلين علی الله تعالی أن نتمتع ببرکات هذا الشهر العظيم الذي هو شهر الرحمة و الغفران و الخلاص من النار؛ و ذلک أمر لايحصل إلا بتجلية الروح في مجلاة القرآن، و الأداء الصحيح لفريضة الصيام و قضاء الساعات الثمينة للشهر الفضيل بأداء الصلوات المفروضة و الحضور فی صلاة التراويح و الدعاء و التضرع إلی الله الغفار حتی نتمکن من إعمار عالم الداخل (النفس) کمقدمة أصيلة و ضرورية لإعمار عالم الخارج (الدنيا) و تحقيق «الحياة الطيبة» و  إزالة القلق و الاضطراب من حياتنا.  (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)[نحل:97]  

يجدر بنا أن نسأل الله القريب المجيب في دعائنا و نقول: 

-أللهم! أزل النزاعات و الاضطرابات الراهنة في البلدان الإسلامية من مصر،و ‌ليبيا، وسوريا، والعراق و  ترکيا وافغانستان و باکستان و ... و اختمها لصالح مواطني هذه البلدان و في خدمة 
إضفاء الطابع المؤسسي على المدنية و الاستقرار و الهدوء و الوسطية.  

- أللهم! اجبر مصائب المظلومين في فلسطين و ميانمار و کشمير و ... و فرج عنهم و عن جميع الشعوب المضطهدة کربتهم. 

- أللهم! احم الأمة الإسلامية من داهية التفرق و العصبية و ارزقنا جميعاً القدرة و السعة الکافية للتسامح و قبول الآخر. 

رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً 

رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنوبَنا وَ قِنا عَذابَ النَّارِ 

رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى‏ رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ

آمین یا رب العالمین
والله اکبر ولله الحمد

عبدالرحمن بیراني
الأمين العام لجماعة الدعوة و الإصلاح الإيرانية