الدکتور احمد هاشمي الباحث و الکاتب و هو أحد من دعاة اهل السنة في إیران.
نترككم مع نص المقابلة:
حبذا لو أعطيتنا نبذة مختصرة عن نفسك وعن مشوارك الدراسي؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد:
بداية أشكركم على هذه المقابلة الطيبة، كما أشكر موقعكم الموقر علي اهتمامه بقضايا المسلمين، أما أنا فمحبكم في الله سيدأحمد سيدإبراهيم هاشمي من مواليد عام 1969م بمقاطعة جناح في محافظة هرمزگان بجنوب إيران، تلقيت دراستي الابتدائية في مدينة جناح حتى الصف الثاني، وفي عام 1977م انتقلت مع عائلتي إلى مدينة خور بمحافظة فارس و واصلت دراستي في خور حتى الصف الثالث الإعدادي (الصف الثامن)، ثم التحقت بالمعهد الديني بمدينة عوض (إِوَز)، وتشرفت بالتلمذ على أيدي شيوخ أجلاء منهم: الشيخ عبدالخالق صديقي، الشيخ عبدالكريم دانشي والشيخ محمد عزيز حنيفي، والشيخ نادر بيگدلي حفظهم الله، وفي الوقت نفسه كنت أواصل دراستي في الثانوية العامة ليلاً، وبعد ثلاث سنوات من الدراسة؛ انتقلت إلى المعهد الديني بمدينة بندرعباس واغترفت غرفة من علم الشيخ محمد محمد صالح ضيايي رحمه الله، وفي عام 1987م تخرجت من الثانوية العامة والمعهد الديني بمدينة بندرعباس.
وفي العام نفسه سافرت إلى باكستان لحفظ القرآن الكريم، ولبثت في مدينة كراتشي قرابة سنة، ثم حدث لي حادث مؤلِم حالَ دون بُغْيتي واضطررت بسببه الرجوع إلى إيران، فانضممت إلى الخدمة العسكرية، وكان ذلك بعد الحرب العراقية الإيرانية، فقضيت الخدمة العسكرية عام 1990م.
وبعد الخدمة العسكرية كان في بالي أن أدخل كلية الطب، لأني كنت مغرماً بالطب آنذاك، فسافرت إلى الهند، فحصلت على القبول من جامعة بنغالور في ولاية كارناتاكا، ولكن تجري الرياح بمالا تشتهيه السفن، فأبت إرادة الله سبحانه إلا أن أواصل دراستي في المجال الشرعي، فالتحقت بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية لأهل السنة والجماعة بجنوب إيران عام 1993م، وكنت ضمن أول دفعة من الملتحقين بالمعهد.
في عام 1994م تزوجت بحمدالله، واشتغلت في مدينتي «خور» كإمام لمسجد عثمان رضي الله عنه، وبعد سنتين من الإمامة سافرت إلى السودان، والتحقت بكلية الشريعة بجامعة إفريقيا العالمية، فحصلت على البكالريوس من الجامعة المذكورة والماجستير من جامعة القرآن الكريم بمدينة أم درمان، وبعد قضاء خمس سنوات في السودان رجعت إلى بلدي، واشتغلت بالتدريس في كلية الشريعة بمدينتي خُنْجْ وعوض بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية لأهل السنة والجماعة بجنوب إيران.
بقيت في مجال التدريس لمدة سنتين، ولكن ذلك لم يشف غليلي، فسافرت إلى ماليزيا لإكمال مشوراي الدراسي، فالتحقت بكلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية -تخصص القرآن والسنة- بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا عام 2004م، وحصلت على الدكتوراه في عام 2008م ونالت أطروحتي بعنوان«النسل في القرآن الكريم وقرارات المؤتمرات الدولية» درجة امتياز مع التوصية بالطبع، وتم اختياري – بفضل الله – كأفضل طالب في دُفعتي، وفي حفل التخرج استلمت شهادة الدكتوراه وشهادة التفوق من سلطان ولاية باهنج الماليزية في سبتمبر 2009م، وكنت أول طالب إيراني حاصل على درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا.
وبعد رجوعي إلى إيران واصلت مشواري في مجال التدريس في كلية الشريعة في مدينتي خُنْجْ وعوض بجنوب إيران، وفي عام 2009م تم افتتاح قسم الدراسات العليا لمرحلة الماجستير في مدينة خُنْجْ، وتم اختياري كمحاضر وعضو هيئة التدريس في قسم الدراسات العليا، كما تم اختياري كمسؤول عن جماعة الدعوة والإصلاح في محافظة فارس، ولا أزال اشتغل في هذين المجالين بحمد الله تعالى.
أين تسكن الآن وما الذي تعمله؟
أسكن حالياً في مدينة «خور» بمحافظة فارس، وأشتغل في مجال التدريس – كما ذكرت- ولكن بجانب التدريس لي نشاطات دعوية واجتماعية في مدينتي والمنطقة.
هل لك مؤلفات؟ وبأي لغات؟ وهل تم نشرها؟
نعم؛ عندي كتاب تم نشره في إمارة الشارقة في عام 2004م بعنوان«فضائل الصحابة في القرآن الكريم» وهو عبارة عن أطروحتي في الماجستير، كما قدمت أطروحتي في الدكتوراه بعنوان «النسل في القرآن الكريم وقرارات المؤتمرات الدولية؛ مؤتمري القاهرة وبكين نموذجاً» للنشر في مركز البحوث بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، وسينشر قريباً إن شاء الله.
كما تم نشر بحث لي بعنوان:«طنطاوي جوهري ومنهجه في التفسير» في مجلة الرسالة المحكمة بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا. هذه كلها باللغة العربية، ولي مقالات باللغة الفارسية والعربية نشرتها على موقعي بعنوان:«كنكاش» وعنوانه على الشبكة العنكبوتية: http://khour.ir/kankash/ كما تم نشرها على موقعكم المُوقَّر –اصلاح ويب- سواء بالقسم العربي أو بالقسم الفارسي.
كيف يمكن للراغبين أن يحصلوا على آثارك؟
بالنسبة لكتابي يمكن للراغبين الحصول عليه من خلال مكتبة الصحابة بإمارة الشارقة، كما يمكن الحصول عليه من خلال المعارض الدولية للكتاب مثل معرض الكتاب الدولي في طهران الذي يقام سنوياً في الفترة ما بين 4 إلى 14 مايو، أما بالنسبة لمقالاتي فيمكن الحصول عليها في الشبكة العنكبوتية من خلال محرك جوجل.
ما هو الموضوع الأساسي لأطروحتك الدكتوراه؟ يُرجى إعطاء نبذة مختصرة منها؟
أطروحتي الدكتوراه تدور حول النسل باعتباره كلية من الكليات الخمس أوضرورة من الضروريات الخمس، وتناولتُ فيها موقف القرآن الكريم من حفظ النسل، كما تطرقت إلى موقف المؤتمرات الدولية وخاصة مؤتمري القاهرة (1994م) وبكين (1995م) من النسل والأسرة والزواج، وناقشت قرارات هذين المؤتمرين في ضوء القرآن الكريم والواقع المعاش معتمداً علی الأرقام والإحصائيات، وما ستجر هذه القرارات في العاجل والآجل من ويلات ومصائب على العالم الإسلامي خاصة والبشرية عامة، وتوصلت إلی أن حركة تحديد النسل هي حرب جديدة شُنَّتْ علی العالم الإسلامي إضافة إلی الحروب العسكرية، وهي حرب الأرقام والسكان،حيث إن المجتمع الغربي يعاني منذ سنوات من أزمة الشيخوخة وتقلُّص السكان فهو كما قال أحدهم:"إن المجتمع الغربي قد دخل دوامة الموت، ويريد أن يجر العالم وراءه"، وهذا ليس بمستغرب، حيث أنهم يخصصون مليارات من الدولارات سنوياً لهذا الغرض كما جاء في تقرير مؤتمر القاهرة:"من المقدر أن تبلغ تكلفة مكون تنظيم الأسرة 10,2 بلايين دولار في عام 1420ﻫ – 2000، و11,5بليون دولار في عام 1425ﻫ= 2005م، و12,6بليون دولار في عام 1430ﻫ- 2010م، و13,8بليون دولار في عام 1436ﻫ = 2015م."
اشرح لنا مزيداً عن نشاطاتك الاجتماعية؟
لي نشاطات اجتماعية متنوعة، سواء علی مستوی مدينتي «خور» أو علی مستوی المنطقة، وتتلخص هذه النشاطات في إلقاء المحاضرات وخطب الجمعة والدروس الشرعية وفض النزاعات بين الناس والتنسيق بين الجهات المختلفة، كما أني عضو في جمعيات خيرية مثل جمعية صابرين الخيرية ومؤسسة باب الريحان للزواج بمدينة خور.
كم هي نسبة أهل السنة في المحافظة التي تسكن فيها؟ وكم عدد المعاهد الشرعية لأهل السنة والجماعة في المحافظة؟
ليس هناك إحصائيات رسمية دقيقة عن عدد أهل السنة في محافظة فارس ولكن يُقدَّر عددهم بـ150 ألف نسمة من مجموع السكان البالغ عددهم أربعة ملایین ونصف نسمة، أي بنسبة 3.3% من مجموع سكان المحافظة، وهم يسكنون في جنوبي المحافظة إضافة إلی مدينة شيراز عاصمة المحافظة، وأما بالنسبة للمعاهد الشرعية الأهلية فتوجد خمسة معاهد تمهيدية ومتوسطة في خُنْج وعوض (إِوَز) وخور وعمادْدِه وگَلِه دار، وثلاثة معاهد عالية في خُنْج وعوض ولطيفي، حيث إن مدينة خُنْج بها كلية الشريعة للبنات وكلية الدراسات العليا لمرحلة الماجستير للجنسين، ومدينة عوض بها كلية الشريعة للبنين، ومدينة لطيفي بها كلية القراءات للبنين.
كيف ترون إقبال الجيل الجديد على التعليم الديني في المعاهد الشرعية؟
هناك نقلة نوعية – بحمد الله - بين الجيل الجديد في الإقبال علی التعليم الديني في جنوب إيران، حيث إن المعاهد الشرعية تستقبل سنويا مئات من الطلبة الممتازين من أنحاء البلد وغالبيتهم من الجنوب، وتُخَرِّج سنوياً عشرات من الطلبة في تخصصات مختلفة في الشريعة والدعوة والتفسير والقراءات، مما قد يضطر القائمون علی المعاهد الشرعية إلی انتقاء الطلبة الراغبين نظراً لكثرة عدد المقدِّمين للتسجيل وقلة الإمكانيات المتاحة لاستيعابهم.
من فضلك اشرح لنا كيفية إدارة المعاهد الشرعية وطرق تمويلها؟
إن المعاهد الشرعية في جنوب إيران في المحافظات الثلاث (هرمزگان، بوشهر، فارس) تدار تحت إشراف"المجلس الأعلی لمعاهد أهل السنة والجماعة بجنوب إيران" بنظام موحد، ومنهج موحد، ويقوم المجلس بتوحيد النظام الدراسي والإداري في كل المعاهد الشرعية والتي يبلغ عددها 20 معهداً تمهيدياً ومتوسطاً، وأربعة معاهد عالية في أنحاء الجنوب.
وأما بالنسبة إلی طرق التمويل؛ فهذه المعاهد بما أنها أهلية فيتم تمويلها من خلال المتبرعين والمحسنين؛ سواء من المتبرعين في الداخل أو من الإيرانيين المحسنين المقيمين في دول الخليج جزاهم الله خيرا.
ما هو تقييمكم لدور المعاهد الشرعية السنية في تعزيز الأخلاق والثقافة الإسلامية؟
لا يخفی علی ذي بصيرة أن المعاهد الشرعية لها دور بارز في نشر العلم الشرعي وتعزيز الأخلاق والثقافة الإسلامية وتأصيلها في المجتمع، والدليل علی ذلك حماس الشباب وإقبالهم علی التعليم الديني، وانتشار المعاهد الشرعية في المحافظات الثلاث، وكثرة المساجد وعمرانها بالمصلين خاصة في شهر رمضان المعظم، ويمكن أن نقول أن الصبغة الدينية السائدة في مجتمعاتنا كانت من نتاج وتأثير المعاهد الشرعية.
على خطى الصحوة الإسلامية المباركة؛ ما هي الحركات الإسلامية النشطة على الساحة الإيرانية؟
هناك عدة حركات إسلامية نشطة في الساحة، منها:
أ- جماعة الدعوة والإصلاح الإيرانية: التي أتشرف بالانتساب إليها وتتخذ من العاصمة طهران مقراً لها، ولها فروع وامتداد في اثنتي عشرة محافظة من المحافظات الحدودية، ولها نشاطات في المجالات الدعوية والتربوية المختلفة، ولها أعضاء نشطين في هذه المحافظات.
ب- جماعة الدعوة والتبليغ: التي تتخذ من مدينة زاهدان مقراً لها، ولها فروع في المحافظات التي يسكنها أهل السنة، ولها نشاطات وجهود مباركة في المجال الدعوي ونشر فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق بين جمهورأهل السنة.
ت- السلفية: لا يوجد لهم– حسب علمي- تكتل بارز أوجماعة تميزهم بين الحركات الإسلامية السنية، و لكن لهم نشاطات في البلد وخاصة في المناطق الجنوبية والغربية.
ث- جماعة مكتب قرآن: وتعد هذه الجماعة امتداداً للجمعية التي أسسها الشهيدأحمد مفتي زاده رحمه الله في بدايات الثورة، و تتخذ هذه الجماعة من سَنَنْدَج- عاصمة محافظة كردستان- مركزاً لها، ولكن تنحصر نشاطاتهم – حسب علمي- في المناطق الكردية و خاصة مدينة سَنَنْدَج.
ما هي الصفات التي تراها ضرورية لحركة إسلامية ناجحة في العصر الحديث؟
هذا السؤال ذكَّرني بمقال للأستاذ مصطفی مشهور رحمه الله – المرشد الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين- حيث ذكر خمس صفات يجب توفرها في الجماعة التي يعمل من خلالها المسلم، وأنا أذكر طرفاً منها:
أولاً: العودة بالناس عامة و العاملين للإسلام خاصة إلى الفهم السليم الشامل النقى للإسلام كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، بعيداً عن الاجتزاء و التحريف أو الخطأ أو المغالاة، أو التفريط ويجتمع المسلمون عليه دون تعصب لرأى أو مذهب، وبصورة تحقق تعاون المسلمين فيما اتفق عليه من أصول وأعذار فيما اختلف فيه من فروع.
ثانياً: لابد للجماعة التى تعمل لتحقيق متطلبات الإسلام وواجباته أن يكون فى منهاجها إقامة الدولة الإسلامية والخلافة و التمكين لهذا الدين فى الأرض، وأى جماعة تحصر نفسها فى بعض جوانب الإسلام أو حتى كل متطلبات الإسلام متجنبة هذا الهدف وهو : إقامة الدولة الإسلامية و الخلافة الإسلامية ، مثل هذه الجماعة لاتكون جديرة بالعمل معها إذ يظل التقصير فى أداء الواجب قائماً وإثم التقصير قائماً أيضاً.
ثالثاً: لايكفى أن يكون فهم الجماعة للإسلام صحيحاً وأن يكون فى منهاجها إقامة الدولة الإسلامية فقط ولكن لابد أن تسلك الجماعة فى سبيل تحقيق هذا الواجب الطريق الصحيح، وليس هناك أصح من الطريق الذى سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته فى إقامة الدولة الإسلامية الأولى، وهو قوة العقيدة وقوة الوحدة ثم قوة الساعد و السلاح حينما لايجدى غيرها.
رابعاً: الواجب على مثل هذه الجماعة أن تعمل على الساحة الإسلامية كلها ما استطاعت ال ذلك سبيلاً وليس فى قطر واحد. فالإسلام و العمل له يشمل كل العالم الإسلامى، ثم إن الدولة العالمية الإسلامية المنشودة لابد لها من أساس عريض يمتد على الساحة الإسلامية، كما يجب على هذه الجماعة أن تقيم اتصالاً وتعاوناً مع الجهات الإسلامية المشابهة لتوحيد الجهود العاملة فى حقل الدعوة الإسلامية وتضافرها و الحيلولة دون تفرقها وتضادها.
خامساً: إذا تساوت جماعتان فى هذه الصفات الأربع مثلاً وكانت إحداها ذات خبرة وتجربة ورصيد فى مجال العمل الإسلامى، والأخرى حديثة عهد لازالت فى أول الطريق، فالأولى العمل مع الجماعة الأولى توفيراً للوقت و الجهد والأرواح بدلاً من الدخول فى تجارب جديدة، ثم توحيداً لكلمة المسلمين وتقوية لصف المجاهدين بدلاً من رفع الرايات المتعددة التى يتفرق حولها العاملون امتثالاً لقول الله تعالى:{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، ولا يجوز ترك الجماعة ذات التجربة و المتحقق فيها الصفات الأربع السابقة إلا إذا وجدنا أنها فى مجموعها قد انحرفت وصارت على فسق أو ضلال واضح، أما بعض الهنات أو الأخطاء الفردية التى لا تخلوا منها جماعة - لأننا بشر - فلا تجيز البعد عن مثل هذه الجماعة وعدم العمل معها ولكن نعمل معاً ويسدد بعضنا بعضاً.
الآراء