اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان و السلامة و الإسلام! مرة أخری بفضل الله تعالی وتوفیقه أصبحنا علی أعتاب شهر رمضان المبارک؛ شهر سعید وثمین حیث یتیح الفرصة لتطیر الروح في جو معنوي وإیماني وهو الموسم الذهبي لازدهار براعم الوحي وهطول الأمطار الرحمانیة وهو موسم الصعود إلی القمم الروحیة وأوان الممارسة العملیة لضبط النفس وتغییر التقالید المفاجئ لنمط الحیاة والکفاح الطوعي والجاد ضد أقوی الأذواق والفطر البشریة والمرور من حاجز العادة السمیک وتحریر الشخصیة والسلوک عن عبودیة الشهوة. رمضان یذکرنا بمعنی الحیاة البشریة ویبشرنا بصعود أخلاقي والسفر إلی الأفق الأعلی الروحاني وضبط النفس وهو شهر الاستغفار والتوبة والذکر والصبر والإنابة وتلاوة القرآن والتراویح وهو ربیع الصالحین وعید الربانیین. لا ینبغي أن نقصر الصوم في تحمل الجوع والعطش المؤقتین بل هو کما یبدو من معنی الصیام فلسفة للحیاة ونمط خاص لها حیث أن جوهره وأساسه رفض الملذات والشهوات واستبدالها بـ "فرحة ترک اللذات" ثم العملیة المستمرة للوقوف أمام الرغبات المتعارضة بالتعالیم الإلهیة وتجرید القیادة الأخلاقیة عن الغرائز البشریة وترک القول الباطل والسلوک الناشئ عن ذلک والانتباه إلی أن الله تعالی لا یحتاج إلی امتناع البشر عن طعامهم وشرابهم. إن الصوم دورة تربویة لإعداد الشخص لممارسة نمط الحیاة قائما علی "العبودیة للخالق والخدمة للخلق" وإذا لم تؤد إلی سعادة الناس والابتعاد عن إیذاء الآخرین والفرحة الروحیة لا یکون نصیبنا من الصوم إلا الحرمان والألم. وإنني مع تقدیم جزیل شکري لوقوفي بین یدي رمضان وتهنئة حلول هذا الشهر المبارک لجمیع المسلمین والمواطنین الکرام أوصي إخواني وأخواتي في إطار أداء المسؤولیة الإیمانیة والتعاطف الأخویة أن یغتنموا هذه الفرصة لتزکیة النفوس والاستفادة التامة والحسنة من برکات رمضان الروحیة والحضور في صفوف التراویح والاهتمام بتلاوة القرآن والذکر والاستغفار والمصالحة والصفح عن الآخرین وأشدد علی أن لا ننسی شکر الأمن والسلام والعافیة وتوفیق الطاعة ولا نغفل عن مساعدة المحتاجین والمنکوبین خاصة المسلمین الذین یعانون من التشرد والجوع. وفي الختام أسأل الله تعالی أن یوفقنا جمیعا في سبیل عبودیة الخالق وخدمة الخلق وتزکیة النفوس وعمارة العالم. عبد الرحمن بيراني الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح 30 شعبان 1437