بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ بِفَضْلِ اللَّـهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴿يونس ٥٨﴾

رمضان شهر تجدید الإیمان وغسل الروح و جلاء القلوب وتقویة العزیمة وشهر الترویض الجاد للأخذ بزمام هوی النفس. فی هذا العام - کذلک - قد بدأ شهر رمضان بنشید الوداع فی وسط دموع وحسرة عشاق الدین والزهاد وآثر الإجابة لنداء أهل التقویم علی رجاء أهل التقوی لیقوم - فی امتداد النضوح ببرکاته المختلفة- بنداء طبیعة الزمان المتفلتة وخطرالاطمئنان علی بقاء الفرصة وکذلک ضرورة الفراسة المعنویة للمؤمنین ولیذکر بانتهاز الفرص علی أنها شرط للنجاة من الخسران.

وبالنسبة للذین یدرکون قیمة الأخلاق وطبیعة التکامل الأخلاقی فی الإسلام و یقبلون بعمل النفس علی أنه مُردٍ للعقل ویسلب الفطنة؛والذین قاموا بتجربة ذلک فإن رمضان بتقویته الخارقة لقدرة الإنسان علی ضبط الشهوات یعد شهر الفرح والسرور بکل معنی الکلمة وتودیعه یکون سببا للحسرة والندامة.

ومع الأمل بأننا ببرکة اغتنام هذه الفرصة النادرة استطعنا أن نجرب ضبط النفس وإمکانیة التحلیق فی عالم المعنی والقدسیة وحلاوة الحیاة الخالیة من الغفلة والمعصیة والظلم والفساد والحقد؛ أهنئ من صمیم قلبی هذا العید السعید لعموم مسلمی العالم والمواطنین الأعزاء وکذلک عموم أهل السنة في إیران وأعضاء جماعة الدعوة والإصلاح؛ وأرجو الخالق الواحد سبحانه وتعالی أن یعین الأمة الإسلامیة علی إصلاح الداخل والخارج لیحققوا موجبات رضاه و فلاح الدنیا والآخرة؛ و أذکر من باب الأخوة الإیمانیة بالأمور التالیة:

الف) إن طبیعة الإیمان التی تجعله یزید وینقص وقوة السراق فی طریق التدین وتنوعهم، تستلزم مراقبة مستمرة للحفاظ علی المدخر الإیمانی و استمرار الذکاء فی النزاع مع موانع الازدهار المعنوی والتکامل الإیمانی؛ ولذلک فإن حفظ وتقویة هذه الثروة العظیمة بالرقابة الفردیة والتواصي وحمایة بعضنا البعض علی طریق الحق والصبر تعد ضرورة لا ینبغی التغافل عنها أبدا؛ وفی نفس الوقت لا ننس أن من علامات الإیمان الصادق هو الإحساس بالفقر والحاجة أمام الله والخدمة لخلقه.

ب) إن العالم الإسلامی فی الوضع الراهن مبتلی بآلام و أوجاع مدمرة ویعد الجهد والدعاء لتقلیلها والقضاء علیها من العلامات الواضحة للإسلام والتدین؛ وأن عدم الالتفات إلی هذه الجروح العمیقة دلیل علی عدم الإحساس بالمسئولیة وضعف الإیمان وفی هذا الإطار فإن المقاومة المبارکة للمناضلین والمواطنین المعتصمین فی میدان رابعة العدویة والنهضة تعد خلقا لنهضة أخلاقیة و سیاسیة غیر مسبوقة؛ وکذلک تعد مرآة عظیمة للسیاسة الإیمانیة النابذة للعنف وکذلک معرضا للشجاعة والصبر والإیثار والتناسق وهی حدث تاریخی باهر عظیم یستحق أن یدرس من جوانب متعددة.

وفی المقابل فإن المنقلبین علی الحکم بتحالفهم مع بعض الأطراف فی الداخل المصری وخارجه ومساندة بعض القوی العالمیة والإقلیمیة لهم قد انتهکوا مبادئ الدیمقراطیة الأولی.

وأرجو أن ینتهی هذا الامتحان الإلهی بتمحیص الصفوف وتقویة الصلابة والنضوج لدی الإسلامیین والحماة الصادقین للحریة والعدالة لصالح العالم الإسلامی والإنسانیة عامة.

ج) إن التقارن الزمنی لمراسم تحلیف الرئیس الجدید المنادی للاعتدال وتأمین حقوق الأقوام والمذاهب الدکتور حسن روحانی، مع العشر الأخیر لشهر رمضان المبارک وعید الفطر، مبشر بمجیئ عصر جدید فی تاریخ الوطن، یتجه فیه التمتع بالحقوق من الانتساب المسلکی إلی الانتساب الوطنی؛ وفی البعد الخارجی کذلک یتم فیه بناء العلاقات مع الدول الإسلامیة و ترمیمها فی ظل الوحدة والأخوة الإسلامیة ومع الحفاظ علی العزة الوطنیة والاهتمام بالمنافع الوطنیة و الاستفادة من الطرق الفعالة للتواصل، یسد الذرائع أمام تدخل الأجانب فی شؤون الوطن و کذلک لا تبقی الفرصة لازدیاد التقهقر والاختلاف والفرقة بین المسلمین.

وما ذلک علی الله بعزیز

الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح الإیرانیة
عبدالرحمن بیرانی
1/شوال/1434
2013/8/8