بسم الله الرحمن الرحیم البیان الختامي عقد المؤتمر الرابع لجماعة الدعوة والإصلاح في یومي 26 و27 من شهر شوال تحت شعار "الکرامة الأنسانیة والمعنویة الإسلامیة والهویة الإیرانیة" بمشارکة الأعضاء من کافة أنحاء البلاد. إن المؤتمر یلزم علی نفسه أن یشدد علی النقاط التالیة نظرا الوضع الحالي للبلاد والمنطقة والعالم: 1- إن الشعب الإیراني العظیم باختیاره الذکي في الانتخابات الرئاسیة الحادية عشر قد فوّض الأمر في بیئة تسودها الأضرار والأزمات الکبیرة والصغیرة إلی السلطة التنفیذیة مع خطاب کان من أهم اتجاهاته "الاعتدال في الفکر والعمل" و"التدبیر والأمل"؛ والآن مع مضي السنتین یبدو أن الحکومة المنتخبة ضمن التغلب النسبي علی الاضطرابات والتشوهات السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة والاجتماعیة – في المساحات التي تحرز القوة والتأثیر الحقیقي – استطاعت أن تتخذ خطوات من أجل إصلاح الأضرار في بعض من المجالات المذکورة. إنه یبدو جیدا ولا یخفی عن المسؤولین والمعنیین أن الخطوات المتخذة رغم قیمتها الخاصة لا تتلائم مع الآمال والتطلعات المشروعة للمواطنین من جهة ومع کم هائل من المشاریع المعطلة من جهة أخری وهناک مجالات أخری کثیرة وینبغي أن تهتم بها الحکومة والمسؤولون الکرام. إن الشعب الإیراني الکبیر خاصة المواطنین السنة المکونین من عرقیات مختلفة یتوقعون في الأعوام الأخیرة من العقد الرابع من عمر النظام الإیراني أن تقلص المساحة بین الحالة القائمة والمطالب إلی الأدنی من الحد ولا تمهل مطالبهم المشروعة أکثر من هذا تحت نظرة عقائدیة وفي کثیر من الأحیان مفتقرة إلی الدقة والموضوعیة الکافیة. 2- إن مفاوضات النوویة المطولة والمعقدة وفي النهایة توقیع "البرنامج الشامل للعمل المشترک" کانت من أهم انجازات السلطة التنفیذیة في السنتین الأولیتین من عمرها؛ واستمرار الفریق المفاوض في إحراز التقدم للمناقشات والمرونة المعقولة في المنعطفات التي کانت بإمکانها أن تتحول إلی نقطة التوقف وفشل للمفاوضات والتجنب من العنف والسلبیة حین الترکیز علی حقوق الشعب – کعناصر محوریة في الدبلوماسیة النشطة – قد ساهمت في تثبیت تجربة ناجحة وربما نادرة في تأریخ علاقات البلاد الدبلوماسیة وفي المنطقة. وهذا الحادث الخطیر بصرف النظر عن تأثیره الإیجابي في المستویات المختلفة خاصة الاقتصاد وتیسیر حصول إیران والإیرانیین إلی العلاقات الدولیة في أعقاب العقوبات؛ لها أهمیة خاصة من وجهة نظر تغلیب خطاب السلم والمنطق علی خطاب التوتر والعنف. 3- إن العملیة التي بدأت قبل أربعة سنوات بعد الاحتجاجات المدنیة العارمة في أجزاء واسعة من العالم العربي کانت بإمکانها أن تأتي بمستقبل آخر لشعوب المنطقة؛ الشعوب التي عانت من اضطهاد الحکام وخضوعهم أمام القوی الأجنبیة ولکن انعدام السیاقات الاجتماعیة والسیاسیة اللازمة وغیاب التحضیر لکثیر من الأحزاب والتیارات والشخصیات النخبة في غیر قلیل من هذه البلدان للمبادرة المشترکة مع المتنافسین وفي نفس الوقت تنشیط الدولة العمیقة في تحالف مع طائفة من زعماء الدول العربیة القلقین من وصول تسونامي التغییر إلی أقالیمهم، قد حول آمال الشبان الثوریین إلی الیأس والفشل في المدی القصیر علی الأقل وحمل آفاقا مظلمة نتیجة ظهور الانقلاب والطغاة الجدد علی ساحة البلاد السیاسیة. ربما أن غیاب عدم قبول الآخر کعنصر أساسي في الساحة الخطابیة في جمیع تلک الدول هو من أکبرالعوامل وراء ظهور تلک الظاهرة المأساویة. وتفاعل بعض الدول الغربیة والقوی العالمیة مع الطغاة والانقلابیین الجدد ینبئ عن عدم تمسکهم بمفاهیم قیمة کالدیموقراطیة وحقوق الإنسان وسیادة القانون منطویا علی الازدواجیة والتعارض في مستوی العلاقات الدولیة. ومن الواضح أن الفائز الوحید من هذه التوترات والالتهابات السائدة علی العالم العربي هي الکیان الصهیوني الغاصب ونظامه غیر الشرعی التي تتفرج بمشاهدة تدمیر البنی التحتیة للدول الإسلامیة الهامة دون أن تدفع أي تلکفة. 4- ربما أن أشد رد الفعل أمام هذه الانتفاضات الشعبیة والدول الناتجة عنها هو الانقلاب الدموي الذي أطاح بالرئیس المنتخب في مصر؛ إن أهمیة مصر في العالم العربي والعالم الإسلامي لا تخفي علی أحد وربما أن هذه الأهمیة کانت مصدر مؤامرة معقدة ومتعددة السطوح علی تلک البلاد. ومن بین الدول المتغیرة أن مصر کانت الدولة الوحیدة التي بالإضافة علی الحدود المشترکة مع قطاع غزة، لها حدود طویلة مع الأراضي المحتلة ومن جانب آخر أن فوز أقوی التیارات الإسلامیة المعتدلة في تلک البلاد أصبح مدعاة القلق للأحزاب والتیارات المتنافسة حتي بعض من المجموعات الدینیة التقلیدیة؛ وأن السلوک المختلف لتلک البلاد في عصر سیادة التیار الإسلامي في مواجهة القضایا الإقلیمیة خاصة موقفها الرئیسي في دعم القضیة الفلسطینیة التي برزت جلیا في زیارة رئیس الوزراء قطاع غزة إلی جانب تجلي رموز المقاومة خلال أیام الحرب الثمانیة أدی إلی تحالف مشؤوم مکونا من الجنرالات وطائفة من العلمانیین ودعاة السفلیة ومجموعة من وعاظ السلاطین والکنیسة ضد الحکومة القانونیة والرئیس المنتخب ثم قاموا باعتقال کثیر من خیرة أبناء الأمة في البلاد ونخبة العالم الإسلامي مع ملفات مضحکة وأدلة مخزیة وإصدار أحکام الإعدام الجماعي في بضع مراحل حیث أظهروا عن کراهیتهم الدفینه ضد أبناء الأمة البررة. نحن نعتقد أن الفکر لا یزال منتصرا علی القمع وهذه هي سنة التاریخ وأن الشعوب سیغلبون علی مصیرهم وأن نداء المتعاطفین هي الأغاني الخالدة التي سیحفظونها الشعوب؛ وهذه لیست بمعنی رفض أخطاء حرکة الإخوان المسلمین في فترة سیادتهم وفترة الانقلاب ولکن المؤسف حقا هي تلک الممارسة غیر الحضارية والعنیفة جدا التي تأباها النفس البشریة. هذه الحرکة المدنیة العمیقة عبر ثمانین سنة من نشاطها قد مرت سلیمة من کثیرة من المنعطفات الحادة وستمر ناجحة في هذه الفترة الخطیرة مستعینة بالله تعالی ملتزمة بالشعار الإستراتیجي "سلمیتنا اقوی من الرصاص". 5- إن عملیة الفعالیات المدنیة في المنطقة بصرف النظر عن الأضرار المحلیة التي جلبت للبلاد، أدت إلی تعزیز خطاب التطرف والعنف في المنطقة؛ إن التطرف ظاهرة متعددة الأطراف وینبغي أن تناقش علیها من مختلف الزوایا الثقافیة والاجتماعیة والسیاسیة مع النهج التأریخي وتقدم الحلول المناسبة لکبت الإصابات المدمرة الناجمة عنها. وانتماء الشباب إلی المجموعات المتطرفة والمنحرفة فکریا والتصورات القشریة یضاعف مسؤولیة جمیع المعنیین من الأمة منها الحکام والعلماء والنخبة والأحزاب والفرق المختلفة؛ الشباب الذین یتمایزون عن أقرانهم من مختلف الاتجاهات منها الشعور بالمسؤولیة الاجتماعیة وتفضیل الاهتمامات الجماعیة علی الرغبات الشخصیة والعمل الجاد من أجل تحقیق غایاتهم. 6- إن المجتمع الإیراني مجمتع متکثر ذو هویات مختلفة دینیة وعرقیة حیث أن السابقة الحضاریة المشترکة والمصالح الوطنیة هي سبب تماسکهم بعضا مع بعض؛ واهتمام الحکومة المتوازن بتنمیة المناطق بصرف النظر عن السمات العرقیة والدینیة أمر لابد منه لتعزیز التضامن الوطني. والیوم وبعد مضي سنتین من تثبیت الحکومة الجدیدة مع الأسف أن ممارسة بعض المسؤولین المحلیین في بعض من المحافظات لا تتلائم مع شعارات الحکومة وسیاساتها الکلیة. وفي نفس الوقت ینبغي أن تنظر بعین الاعتبار إلی المتطلبات الخاصة لأیة منطقة نظرا إلی وضعه الثقافي والاجتماعي والسیاسي وتنتبه الحکومة والمؤسسات المدنیة والأحزاب في تحلیلاتهم لإدراک هذه المتطلبات وتقدیم إستراتیجي مناسب لها. 7- إن نمو الوعي السیاسي والاجتماعي وإدراک الحقوق والحریات المدنیة وإنشاء المنظمات الأهلیة وتنمیتها وبسط الثقافة الدیموقراطیة في التواصل الاجتماعي لاستمرار الحرکة المدنیة بات أمرا ضروريا. وعدم فهم الظروف التأریخیة والتجنب من السلبیة والتقاعس عن العمل من جانب أو المثالیة واللجوء إلی الإستراتیجیات المطرفة من جانب آخر هي من أهم آفات الطریق. وهذا ینبغي استخدام قدرات کافة القوی الواعیة والمسؤولة مع نظرة واقعیة والجهد المستمر والمنتظم لاستخدام الإمکانیات الموجودة والنهوض بالمرحلة الحالیة إلی مزید من الثبات وهذا یحتاج إلی اتجاه مؤثر لمعرفة القوی وتقدیم إستراتیجي مناسب من أجل تآزر الظروف من بین المجموعات المختلفة للتغلب علی المشاکل المختلفة الثقافیة والاجتماعیة والسیاسیة. 8- في الأشهر القادمة سیقع حادثان مهمان وحاسمان وهما انتخابات مجلس النواب وانتخابات مجلس خبراء القیادة ومن المتوقع أن یوفر الجمیع من الجهات التنظیمیة والرقباء والمحللین والمتنافسین، متطلبات إجراء انتخابات جدیرة؛ ومجلس النواب ومجلس خبراء القیادة بإمکانهما أن یلعبا دورهما المرکزي في حرکة الشعب المتنامیة أو أن یجعلا الفرص الذهبیة أمام المخاطر. ومن الواضح أن تقارب القوی الاجتماعیة وتسامح النشطاء السیاسیین وتوفر المجال للتأثیر المستمر في مختلف المجالات تقتضي صیانة مستوی الشرعیة وتعزیزها وفاعلیة الأنظمة الناجمة من اختیار الشعب. 9- وتبعا لاتجاه الذي بدأ منذ سنتین الأخیرتین في الکشف عن المفاسد الاقتصادیة والشفافیة في هذا المجال ساد موج من الأمل والثقة علی الفضاء المدني والرأي العام ولأن المتابعات تجري جدیة وتتضمن مستوی عالیا من التسلسل الهرمي للسلطة – في السطة النتفیذیة – وهناک نوع من الشفافیة من الجانب الإعلامي، فهذا الوضع یلزم علی کبار المدراء والسیاسیین الإستراتیجیین أن یبذلوا مزیدا من الولاء لمتطلبات "الإدارة الرشیدة" مع ضمان حریة تداول السلطة بین الأطیاف المختلفة فکریة وسیاسیة وبین الهویات العرقیة والدینیة المتکثرة في البلاد وأن یمنعوا من احتکار السلطة في تیار واحد وأن لا ینجر الوضع في المستقبل حتی یضر بفضاء الأمل والثقة. 10- إن أهل السنة إلی جانب دورهم المتمیز في تقدیم مئات من العلماء والمحقیین والمفسرین والمحدثین والفقهاء والمتکلمین والأدباء والشعراء لتنمیة الهویة الإیرانیة والحضارة الإسلامیة علی مر التأریخ، نراهم الیوم بحضورهم في المحافظات الأکثر حساسة والمناطق الحدودیة مع تمتعهم بالقوی البشریة القیمة من المواطنین الملتزمین بالقانون والنخبة العلمیة والمنظمات والنشطاء المدنیین، هم علی استعداد للعب بدورهم التاریخي في الصیانة عن التضامن والتماسک الوطني. وعلی الأسف أن الوضع الحالي لمناطق أهل السنة من منظر التمتع بالحقوق والحریات المنصوص علیها في الدستور لا یتناسب مع القدرات والکفاءات والنسبة السکاني. وقائمة المطالب والنواقص في مناطق أهل السنة في مختلف المجالات من المکانة السیاسیة والاجتماعیة حتی الحقوق الثقافیة والهویة والتمتع بالثروات الوطنیة، أعربت عنها من قبل المعنیین من أهل السنة في مناسبات شتی وفي إطار بیانات الجماعة؛ والجماعة بناء علی وثیقة مهمتها تعتبر دعم الحقوق والحریات المواطنة لأهل السنة من مهامها الأساسیة وفي الفترة القادمة أیضا لن تهمل عن أية مبادرة قانونیة لطلب احتیاجات هذا الجزء من المواطنین مع الأدوات المدنیة ومستعینا بالله تعالی. وفي الختام وبعد حمد الله تعالی نهنئ الإجراء الناجح للمؤتمر الرابع لجماعة الدعوة والإصلاح لکافة الأعضاء والأنصار في أقصی نقاط البلاد ونسأل الله التوفیق والنجاح لأعضاء المجلس المرکزي المنتخبین من أجل متابعة التوصیات الواردة في میثاق المبادئ والقیم و النظام الأساسي وتوطید الإنجازات القائمة والتقلیص من نقاط الضعف.