قال ابن القيم رحمه الله:

وكثيرا من الجهَال,اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه فضيَعوا أمره ونهيه, ونسوا أنه شديد العقاب, وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين. ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند.

وقال معروف: رجاؤوك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق وقال بعض العلماء: من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم, لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا.

قيل للحسن: نراك طويل البكاء, فقال: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي.

وسأل رجل الحسن, فقال: يا أبا سعيد, كيف نصنع بمجالسة أقوام يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تنقطع؟ فقال: والله لأن تصحب أقواما يخوفونك حتى تدرك أمنا, خير من أن تصحب أقواما يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف.

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب (أي أمعاء)بطنه, فيدور في النار كما يدور الحمار برحاه, فيطوف به أهل النار فيقولون: يا فلان ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمرك بالمعروف ولا آتيه, وأنهاكم عن المنكر وآتيه»

وذكر الإمام أحمد من حديث أبي رافع قال: «مر رسول الله_صلى الله عليه وسلم_بالبقيع فقال: (أف لك أف), فظننت أنه يريدني. قال: لا ولكن هذا قبر فلان بعثت ساعيا إلى فلان ففل نمرة(أي بردة من صوف) فدرع الآن مثلها من نار»

وفي صحيح مسلم قال: قال رسول الله_صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بأنعم أهل النار فيصبغ في النار صبغة. ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول لا والله يا رب. ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة, فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدَة قط؟ فيقول لا والله يا رب, ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدَة قط.»

وفي صحيح مسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد فأتي به فعرف نعمه فعرفها, فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى قتلت. قال: كذبت ولكن ليقال هو جرىء فقد قيل, ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلَمه وقرأ القرآن, فأتي به فعرف نعمه فعرفها, قال: ما عملت فيها؟ قال: تعلمت ليقال هو عالم, فقد قيل, وقرأت القرآن ليقال هو قارىء, فقد قيل, ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسَع الله عليه رزقه وأعطاه من أصناف المال كله, فأتي به فعرفه نعمه فعرفها, فقال: ما عملت فيها؟ فقال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت, ولكنك فعلت ليقال هو جواد, فقد قيل, ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. وفي لفظ: فهؤلاء أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة.»

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب, فإنما هو استدراج». ثم تلا قوله عز وجل: ﴿فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون﴾ {سورة الأنعام,44}

وقال بعض السلف: إذا رأيت الله عز وجل يتابع عليك نعمه وأنت مقيم على معاصيه فاحذره, فإنما هو استدراج منه يستدرجك به. وقد قال تعالى: ﴿ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة و معارج عليها يظهرون * ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون * وزخرفا وإن كل ذلك لمَا متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين﴾ {سورة الزخرف,33_35}

وقد ردَ سبحانه على ما يظن هذا الظن بقوله: ﴿فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربَه فأكرمه ونعَمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقل ربي أهانن * كلا﴾ { سورة الفجر,15_17} أي ليس كل من نعَمته ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته, وليس كل من ابتليته وضيَقت عليه رزقه أكون قد أهنته, بل ابتلي هذا بالنعم وأكرم هذا بالابتلاء.

وفي جامع الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله يعطي الدنيا من يحب ولا يحب. ولا يعطي الإيمان إلا من يحب». وقال بعض السلف: «رب مستدرج بنعم الله عليه وهو لا يعلم, ورب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم, ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم»

ومن آثار المعصية

1- نكتة سوداء في القلب

2- وان تتولو يستبدل قوما غيركم

3- لعنة قلوب المؤمنين للعاصي

4- اصابة العاصي بالغم

5- حرمانة العلم

6- حرمانة الرزق
7- وحشة في القلب بينة وبين الله

8- وحشة بينة وبين الناس

9- تعسير اموره

10- ظلمة يجدها العاصي في قلبه

* آثار السيئة عند ابن عباس

قال عبدالله بن عباس: ان للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق وان للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القبر والقلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخل.

11- المعصية تضعف القلب والبدن

12- العاصي يحرم الطاعة بمعصيتة

13- المعصية تمحق بركة العمر

14- تكاثر المعاصي وتوالدها

15- تكاثر الشياطين حول العاصي لتعينة على غيرها
16-المعصية تضعف القلب عن ارادتة

17 -الف المعصية وعدم استقباحها

18- المعاصي مواريث امم اهلكت بها

19- الذلة والصغار على العاصي

20- هوان العاصي على ربة

21- هوان العاصي على المعاندين المصرين

22- شؤم المعصية على العاصي وغيرة 

23- المعصية تورث الذل

24- المعاصي تفسد العقل

25- المعاصي تجلب الران على القلب وتطبع علية

26- المعاصي قد تدخل صاحبها تحت لعنة رسول الله

27- المعاصي قد تدخل صاحبها تحت لعنة الله

28- المعاصي تحرم صاحبها دعوة رسول الله والملائكة...

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏ «من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب»‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد ضعيف‏)‏‏)‏‏.‏

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏«من قال‏:‏ أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفرت ذنوبه، وإن كان قد فر من الزحف‏»‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم‏)‏‏)‏‏.‏

وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏«سيد الإستغفار أن يقول العبد ‏:‏ اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة»‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏