حضر الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح الدکتور عبد الرحمن بیراني في الاجتماع الافتراضي للمجلس المرکزي وأکد علی الحفاظ علی المعتقدات وضرورة تأثیر الحركات الإسلامية علی الأحداث.
تفاصيل تصريحات الأمين العام على النحو التالي:
الحَمدلله الَّذی هَدانا لِلإیمان فَمَن یُؤمِن بِربِّه فَلا یَخافُ بَخْساً وَلَا رَهَقًا والحمدلله الذی مَنَّ علینا بالإسلام؛ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا وفضّلنا بالنّطق والبیان والعقل والعرفان ثمّ أدّبنا بالقرآن وأمرنا بکل بِرّ وإحسان والصّلاة والسّلام علی رسول الله وعلی آله وأصحابه ومن والاه امّا بعد:
نحمد الله تعالی بأن رزقنا مرة أخری المشارکة في اجتماع طیب میمون لنبتعد قلیلا عن الحنين الدنيوي والمخاوف التي تسبب فيها تفشي الفيروس کورونا ونرتاح في ظل الإیمان والأخوة الإیمانیة ونعمل بمزيد من الجدية والتماسك ونتحمل مسؤولیتنا ونقوم بأداء رسالتنا مع الفهم الصحيح للوضع الراهن للجماعة والمجتمع.
بطبیعة الحال إن المسؤولیات التي تقع علی عاتقنا تختلف بالمقارنة مع القدرات والمرافق والقيود؛ هناک مسؤولیات في المستوی الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسیاسي بالطبع ، في القضايا الثقافية والاجتماعية فإن الجماعة لديها مزيد من القوة والقدرة لأنها تعتبر نفسها من حماة الدعوة إلی الله وهي ملتزمة برسالة دینیة وتخطو في مسار هدي القرآن والسنة الصحیحة تسعی للحفاظ علی القیم. لذلك، اسمحوا لي أن أقدم لکم شروحا موجزة ومبينة في هذا الصدد.
لا یخفی عیلکم أن رسالة جمیع الأمم السابقة والأقوام التي أُرسل إليها الأنبياء وبلغها الوحي، كانت مقصورة بزمان ومكان محددَین ولکن الإسلام دین عالمي أبدي ورسالته لا تحده زمان ومکان و جغرافیا ولغة ولون وعرق؛ بل النصيحة الأخيرة الموجهة من رب العالمين للبشرية وحتى يوم القيامة هي:
"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا" (أعراف:١٥٨)
"تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً" (فرقان:١)
إن خطاب القرآن موجه لنوع البشر ولا یقتصر علی عرب الجزیرة رغم أن هناک آیات تخاطب مجتمع زمن النبي في الخطوات الأولی من الدعوة منها دعوة الأقربین والأصحاب البارزین أو المعارضین ولکن إلى جانب هذا الدعم والتوجيه أو الإنكار والإصلاح حاولت أن تفتح طریقا إلی المجتمع البشري ومن هذا المنطلق قام الصحابة المخلصین بإیصال رسالة الدعوة إلی الناس قدر المستطاع رغم العقبات والمشاکل والأعمال العدائیة والحروب. یقول المفسر البارز:
"منذ أن تحمل العرب رسالة القرآن محاولین أن یوصلوها إلی مشارق الأرض ومغاربها نالوا بعزة وشرف وعرفهم العالم لأنهم کانوا حاملین رسالة قیمة للبشریة وأصبحوا سعداء بتبیینها وتبلیغها وجعلوا الآخرین في مسیر السعادة وحین تخلوا عنها خسروا ما کانوا علیه من قبل".
الیوم وفي هذه الظروف الحساسة والملتهبة للمجتمع البشري هناک مهمتان رئیسیتان تلفت انتباه المسلمین عامة والحرکات الإسلامیة خاصة:
أ: الحفاظ علی المعتقدات والقیم وحسن السیر والسلوک وعدم التأثر بما تخالف التعالیم والقیم العالیة لدین الإسلام؛ لأن الأحداث تقع بسرعة وکثرة وتُطور المجتمعات البشریة وتواجه العلماء والدعاة بتحدیات کبیرة إلا العظماء الذین یقومون بدورهم وفقا للظروف السائدة بذکاء وفهم عمیق للأحداث والتطورات بعیدا عن الهروب من الواقع أو الحرب مع الزمن.
ب: المهمة الثانیة التأثیر الإیجابي في مسار الأحداث ومستقبل التطورات في المجتمع والحفاظ علی الحیویة والدينامية بما تناسب التطورات والفهم والاستنباط الصحیح من الرسالة الربانیة ووضع حلول جدیدة في إطار المبادئ والثوابت والقواعد الدینیة حتی تنکشف المزید من وجوه الإعجاز القرآنیة بمرور الزمن والتطورات لکي تحافظ الآیات البینات والوحي الإلهي علی علاقتها الوثيقة مع الحياة البشریة ومشاكلهم کما یقول الإمام الفخر الرازي:
"لَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ، افْتَقَرُوا إِلَى تَعَلُّمِ طُرُقِ التَّأْوِيلَاتِ وَتَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَافْتَقَرَ تَعَلُّمُ ذَلِكَ إِلَى تَحْصِيلِ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ".
وفي الختام إن دیننا العالمي الأبدي والتراث الثقافي الثمین للمسلمین غالبا ما یركز على الماضي ونحن لتلبیة الحاجات وتقدیم الحلول المناسبة والمتوافقة مع القواعد الدینیة نحتاج إلی علماء قادرین مرشدین وأن أعدادهم الحالية قلیلة جدًا مقارنة بحجم التحديات والصعوبات.
والسّلام علیکم ورحمة الله وبرکاته
الآراء