عندما یجئ الربیع له علائم و آثار. و فی بلدنا مصطلح بین الناس یقولون:  فی أواخر الشتاء تنفّس الأرض؛ یعنی بعد ذلک الوقت  أنّ الأرض لا تقبل الثلج و لا تمسکه ولو غطی الثلج الجبال و الأشجار سرعان ما یزول ، لأنّ فصله قد انقضی وزال  وإن ألّحت الشتاء علی البقاء لا یمکن له البقاء.

إنّ أمریکا و أعوانه لم یفهموا معنی الربیع . لیس معنی الربیع إمحاء الثلج من مساحة محدودة من الأرض؛ بل هو مرّ الشتاء بکلّ آثاره و انقلاب  الحَرِّ علی البرد القاسی ؛ وازدهار البراعم و الأزهار الفواحة فی کل مکان . 

الربیع العربی و الإسلامی لا یعنی  تغییر حاکم و وصول حزب إسلامی إلی الحکم حتی یمکن بإسقاطه إرجاع هذا الربیع إلی الوراء؛ وإنما یعني تغییر أفکارالأمة ووثورتها علی البرد الدیکتاتوری و رفع رؤوس الناس وإنقاذهم من ذل العبودیة والتبعیة لحاکم أصبح إلها مطاعَ الأمر!

الربیع یعنی شعور الناس بالکرامة ورفع أصواتهم للمطالبة بالعدالة و الحریة بعد ما کانوا بُکما.

الربیع  یعنی الشعور بالهویّة و الفکر و أنّ لهم رأیا وأن تغییر مستقبلهم بأیدیهم؛ وأنهم صنّاع الحیاة لا مستهلکوها.

و هل یمکن إخماد هذه النار التی أشعلت القلوب الخامدة و أحیتها و أیقضتها من النوم؟!

وکل محاولة لإطفاء هذه النار ستبوء بالفشل ... نعم سقطت ثلوج  دیکتاتوریة العسکر علی أراضی الحریة و 

الدیمقراطیة فی مصر مرة ولکن لا یمکن له البقاء ولو کانت أمریکا وأروبا و کل طغاة العالم عوناً وظهیراً لها .

الفرق بین الدیکتاتوریة و الدیمقراطیة لیس فی الحاکم بل فی شعور الأمة بالکرامة و الحریّة و الهویّة.

وأنا متحیّر ممّا تفعله أمریکا ! إنّهم یعرفون معنی الدیمقراطیة جیّداً  ولکنّهم خسروا اللعب و صاروا کلاعب المیسر؛

إذا خسر لا یلتزم بقواعد اللعب. نعم أمریکا فشلت فی اللعب و لم تستطع أن تساعد أخواتها فی الانتخابات النزیهة و 

لهذا هدّم کل مقومات الإنتخابات؛ ولکن یعلمون أنّ هذه الامة صاحبة نور وإذا استیقظت تصنع ما لا یمکن تصوره.

وهذه بشارة سارة لأحرار أمتنا ومدافعی الشرعیة بأنّ عصر الدیکتاتوریات قد ولّیّ ولا یرجع أبداً..

  إذا الشعب یوما أراد الحیاة           فلابدّ ان یستجیب القدر 

 استجیبوا لقدرالله بالمقاومة و الصّلابة و الحریة و لا یمنعکم التزویر و الاضطهاد من الوصول إلی الحریّة و القمم الشامخة؛ فإنّ أجل الله لآتٍ.