بعد مرور عشر سنوات علي الزواج جاءت تشتكي من زوجها وتتحدث عن سلبياته وأخطائه وعن انحرافاته الأخلاقية وتقول لي: أنا اكتشفت ذلك من أول أسبوعين من زواجي ولكني سكتُّ وصبرت، فقلت لها كيف تم الزواج؟ ألم تسألي عن أخلاقه وقت الخطبة؟ فردّت عليّ قائلة: بلى لقد سألنا عنه فقالوا لنا إن والده ووالدته طيبان وخلوقان وهم جميعًا من عائلة محترمة، فوافق والدي على الزواج.

فقلت لها ما ذكرتِه يصلح لأيام والديك وليس في أيامنا، ففي السابق كان الأبناء يعيشون مع والديهم ويتربون تحت كنفهم، أما اليوم فالوضع مختلف، فالأم تعمل والأب مشغول والخدم يديرون المنزل والأولاد يلعبون ويسرحون مع أصدقائهم أو من خلال التواصل التكنولوجي، فلم يُصبح التلقي من الوالدين أساسيًا للحكم على الأولاد، وقد قيل سابقًا: (إذا تبي تضمّها اسأل عن أمها) ولكن اليوم نحن نقول: (إذا تبي تضمّها اسأل عن حياتها وأخلاقها).

قالت وهي متحسّرة اليوم أدركت أن كلامك صحيح، إن أخلاق حماتي وزوجها رائعة ولكن زوجي يضرب به المثل بسوء أخلاقه فهو أمام والديه شيء ومن خلفهما شيء آخر، فقلت لها على كل حال دعيني أخبرك كيف تتصرّفين معه  وتحدثت معها ببعض الأساليب التي تعينها على تجاوز المحنة. 
إن الهدف من الخطبة التعارف بين الطرفين وهذا لا يتحقق إلا بجمع المعلومات الصحيحة عنهما، وقد عملت مشروعًا يساعد المقبلين على الزواج في كيفية اتخاذ القرار الصحيح، وهو (خطوبة بلا صعوبة) وجرّبته على حالات كثيرة، وكانت نتائجه إيجابية وقد وضعت فيه أسئلة مهمة لا بد أن يطرحها كل طرف للآخر وهي عشرة أسئلة: ما هدفك وطموحك في الحياة؟ وكيف هي علاقتك بوالديك؟ وهل تري من الضروري الإنجاب في أول سنة؟ وهل تعاني من أي مشاكل صحية أو عيوب خلقية؟ وهل أنت اجتماعي ومن هم أصدقاؤك؟ وما هدفك من الزواج؟ وكيف تقضي وقت فراغك؟ وما هي الصفات التي تحب أن تراها في شريك حياتك؟ وهل لك نشاط خيري أو تطوعي؟ 
إن كل سؤال مما سبق له حكمة وهدف لمعرفة الشخص والحُكم عليه ويفضل جمع المعلومات للسؤال الواحد من أكثر من مصدر لنطمئن من سلامة الإجابة  وصدق المجيب بالإضافة إلى الأسئلة المعتادة حول مكان السكن ومستوى الدخل وطبيعة العمل وغيرها من الأسئلة المعروفة، ويمكننا الاستفادة من التويت والفيس والانستوجرام في جمع المعلومات والتعرّف على الشخص، فكل إناء بما فيه ينضح. 
إن نجاح الخطبة يؤثر على نجاح الزواج، وفشلها ينعكس على فشل الزواج ولهذا قيل (مَن حسنت بدايته حسنت نهايته) وأني أعرف عائلة سعيدة ومستقرة وعمرها الزوجي 25 سنة قالوا لي إن سرّ استمرارنا ونجاحنا في الزواج شرط اتفقنا عليه وقت الخطبة وهو أن أي خلاف بيننا لا ينبغي أن يتجاوز 24 ساعة، وما زلنا ملتزمين بهذا الشرط ونحن سعداء، وأعرف عائلة أخرى اتفق الطرفان وقت الخطبة على أنهما لا يختلفان على الدنيا وإنما يختلفان على الآخرة وكان هذا الاتفاق سبب نجاح زواجهما كذلك. بالإضافة لذلك لابد أن يكون الحُكم على الطرف الآخر صحيحًا من خلال (خماسية الحكم) وهي العين من خلال النظر والعقل من خلال الحوار والقلب مؤشر يخبرنا بعد النظر والحوار هل هو موافق وشعر بالارتياح أم لا، ثم نختم ذلك بسؤال أهل الخبرة لمساعدتنا في اتخاذ القرار وأخيرًا صلاة الاستخارة.  وقد يشترط بعض الشباب شروطًا في الطرف الآخر لا تناسب الوالدين، ففي هذه الحالة لابد من احترام الرغبة الإنسانية والذوق البشري من جمال ومال وغيرها مع توجيههم لأهمية الدين وترجيح نسبة وجوده والالتزام به، ولهذا خاطب نبينا الكريم الشباب بقوله: (تنكح المرأة لأربع...) وذكر منها (..فاظفر بذات الدين تربت يداك).. كما خاطب الفتيات في (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه) ففي الحالتين ذِكر الدين موجود، والدين هو جامع للأخلاق والقيم.  المهم ألا نستعجل (بالخطبة ونجعلها خبطة) وإنما نتريّث ونحسن جمع المعلومات حتى نطمئن بحسن القرار وصحته، فالزواج مشروع العمر، ونقول لكل المقبلين على الزواج (مبروك عليكم الزواج) وادعونا لحفل زواجكم حتى نفرح معكم.