تستعد ولاية هامبورج الألمانية للاعتراف رسميا بالدين الإسلامي من خلال اتفاقية دولة تضع الأقلية المسلمة على قدم المساواة قانونيا مع المجموعات الدينية الأخرى وتعترف بأكبر ثلاث منظمات إسلامية في الولاية ممثلا رسميا للمسلمين لدى السلطات الحكومية. وستعترف هذه الاتفاقية لأول مرة منذ تأسيس الدولة الألمانية الحديثة بالمسلمين كجماعة دينية مكفولة ومقننة الحقوق، ويعد التوقيع عليها تتويجا لمفاوضات تواصلت منذ عام 2007 بين ثلاث حكومات تعاقبت على هامبورج وثلاث منظمات إسلامية رئيسية هي الاتحاد الإسلامي التركي (ديتيب) ومجلس الجمعيات الإسلامية (شورى) واتحاد المراكز الثقافية الإسلامية. وجاءت المبادرة لتوقيع هذه الاتفاقية مع مسلمي هامبورج من رئيس حكومة الولاية الأسبق أولا فون بويست المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي، بعد توقيع حكومته آنذاك اتفاقيتين مماثلتين مع الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية وانتهائها من صياغة اتفاقية ثالثة مع الجالية اليهودية. وأخرج الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد فوزه بالأغلبية المطلقة في الانتخابات المحلية وتشكيله حكومة هامبورج برئاسة أولاف شولتس نهاية فبراير 2011، مفاوضات توقيع الاتفاقية مع مسلمي الولاية من مرحلة جمود، أعقبت انهيار الائتلاف الحكومي السابق بين الحزب المسيحي الديمقراطي وحزب الخضر. وأوضح المتحدث باسم حكومة ولاية هامبورج كريستوف هولشتاين أن "الاتفاقية الجديدة تضع قواعد لتقنين ممارسة المواطنين المسلمين لشعائرهم الدينية وبناء المساجد والحصول على العطلات في المناسبات الإسلامية والرعاية الدينية للمسلمين في سجون هامبورج وتدريس الدين الإسلامي للتلاميذ المسلمين في المدارس الحكومية بالولاية وقواعد الدفن وإقامة المقابر وفق التعاليم الإسلامية ومنح تأشيرات استقدام الأئمة". وأشار هولشتاين إلى أن توقيع الاتفاقية معلق بانتهاء المفاوضات المتواصلة مع المنظمات الإسلامية الثلاث، واستكمال الفحص القانوني المتعلق بتحديد أوضاع هذه المنظمات. ومن جانبه، صرح رئيس منظمة ديتيب التركية زكريا ألتوغ بأن سعي حكومة هامبورج الجديدة لإقرار اتفاقية الدولة مع الأقلية المسلمة "يعد حدثا تاريخيا غير مسبوق ومشاركة هامة في طريق التعدد والانفتاح، وتعميق إحساس مسلمي هامبورج بأنهم مكون رئيسي في مجتمعهم". وأضاف ألتوغ أن الاتفاقية، التي تكرس الحقوق التي يكفلها الدستور الألماني للمسلمين، تتضمن تطورا إيجابيا كبيرا هو الاعتراف رسميا بالمنظمات الإسلامية الثلاث الممثلة لـ90% من مسلمي هامبورج المترددين على المساجد، كمجموعة دينية وشريك لحكومة الولاية في خطة تدريس التربية الدينية للتلاميذ المسلمين بالمدارس الحكومية. وأوضح أن المادة السابعة من الدستور الألماني تتيح لجميع الطوائف الدينية بلا استثناء -إذا تقدت بطلب في هذا الصدد- الإشراف على تدريس مادة الدين للتلاميذ المنتمين إليها في المدارس الحكومية. ولفت ألتوغ، طبقًا لما نشرته "الجزيرة نت"، إلى أن الاتفاقية الجديدة تتضمن تعديل قانون العطلات بولاية هامبورج لجعل عطلات الأعياد الإسلامية ثابتة بالقانون، بدلا من تركها للتراضي والتفاهم بين المسلمين والمؤسسات التعليمية وجهات العمل. وقد أفادت صحيفة "هامبورجر أبند بلات" أن الطريق أصبح ممهدا أمام التوقيع على اتفاقية الدولة وإقرارها ببرلمان هامبورج، بعد إقرار لجنة خبراء مستقلين برئاسة أستاذ الحقوق الدينية هاينريش ديفال باستيفاء المنظمات الإسلامية للمعايير المطلوبة لتمثيلها للمسلمين أمام الحكومة المحلية. يذكر أن مدير دائرة مكافحة الجريمة في ولاية هامبورج، مانفريد مورك، صرح لصحيفة "برلينر تسايتونغ" الألمانية بأن دائرته والدوائر المختصة الأخرى في كافة الولايات الألمانية "تعمل منذ أشهر وبانتظام على مراقبة أوساط معادية للإسلام"، قائلاً إن عمل السلطات الالمانية "يركز على مراقبة شبكة من المواقع في الانترنت وعلى نشاطات هذه الجماعات". وقال مورك إن مهام السلطات الالمانية تتمثل في تعقب أوساط لا تخفي عداءها للقوانين الألمانية ودولة القانون، متطرقاً الى مثال موقع إلكتروني يحمل اسم (نورنبرغ 0.2) بالقول إن هذا الموقع يهدد أعداءه بـ"يوم الحساب" الذي سيشهد وفق الموقع الاستيلاء على السلطة بالقوة في ألمانيا ومحاسبة "جميع الأعداء"، في اشارة منه الى المسلمين . يشار الى أن هذه أول مرة تعترف السلطات الأمنية الألمانية المختصة بأنها تتعقب أوساطاً يمينية متطرفة بتهمة العداء للإسلام، محذرة من أن هذه الأوساط لا تخالف بممارساتها القوانين الأساسية الألمانية فحسب بل تستند في ممارساتها المعادية إلى "طاقة إجرامية".