يمثل اليوم باولو غابرييلي كبير خدم بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أمام المحكمة بتهمة سرقة وثائق سرية، في محاكمة علنية غير مسبوقة بالتاريخ الحديث للكنيسة الكاثوليكية أصبحت تعرف بفضيحة " فاتيليكس" (نسبة إلى الفاتيكان وويكيليكس). غير أن نشر مجريات القضية أحيط بكثير من الرقابة. ولم يسمح إلا لعشرة صحفيين بتغطية المحاكمة التي تجري بقاعة صغيرة تتسع لخمسين شخصا وقوفا. كما تم منع استخدام أدوات التسجيل وكاميرات التصوير. وباولو غابرييلي العلماني المتدين (46 عاما) وأحد مواطني دولة الفاتيكان الذين يبلغون (594 مواطنا) أصغر دولة بالعالم، كان موظفا مثاليا وخادما أمينا للبابا، فقد كان أول وآخر من يراه يوميا حيث كان مكلفا بتحضير ثياب الاحتفالات وتقديم طعامه. وأمضى معظم حياته يخدم بالفاتيكان حيث بدأ عامل تنظيف بالسكرتارية ثم الموظف الإداري الرئيس بالكنيسة الكاثوليكية قبل أن يصبح عام 2006 خادما للبابا، الذي عبر عن ألمه الشديد من "خيانة" شخص كان محط ثقته وحبه واحترامه. وهو متهم بأنه ظل عدة أشهر يسرق وينسخ عشرات الوثائق السرية التابعة للبابا ومعاونيه تم نشرها لاحقا بكتاب على خلفية صراعات مفترضة بهرم الكنيسة الكاثوليكية، كما اُتهم بسرقة ميدالية ذهبية للبابا وشيك مصرفي بـ129 ألف دولار. وأطلقت الصحافة الإيطالية على القضية فضيحة "فاتيليكس". واعترف كبير الخدم بالوقائع. وأوضح أثناء استجوابه أنه تصرف بهدف كشف "الشر والفساد" داخل الفاتيكان، كما وجه رسالة للبابا يطلب منه السماح والعفو. مملكة النفاق وقد وُضع غابرييلي، الذي أوقف في 23 مايو/ أيار، بالإقامة الجبرية في منزله بالفاتيكان يوم 21 يوليو/ تموز بعد اعتقاله 53 يوما في زنزانة بقصر المحكمة وراء كنيسة القديس بطرس لأنه ليس هناك سجن بالفاتيكان. وسيمثل أمام هيئة مكلفة من ثلاثة قضاة حيث يواجه حكما بالسجن من بضعة أشهر لأربع سنوات. وستعتمد إجراءات المحاكمة على قانون عقوبات إيطالي يعود للقرن الـ19، ويتوقع أيضا الحكم سنة واحدة على خبير الحاسوب بالفاتيكان كلاوديو سكياربيلتي بتهمة مساعدة غابرييلي وتحريضه. ومهما يكن من أمر، فإن غابرييلي يمكن أن يحظى أي وقت بعفو من البابا، إلا أن التوقعات على نطاق واسع تشير إلى أن غابرييلي سيدان بتهمة السرقة المضاعفة لأنه اعترف. وكان قد قال في المقابلة الوحيدة للصحفي الذي مرر له الوثائق، إن عشرين شخصا "في مؤسسات مختلفة" تابعة للفاتيكان يمكن أن يكونوا مورطين بهذه الفضيحة. وختم حديثه بالقول إن هناك الكثير من النفاق والكذب في الفاتيكان "إنها مملكة النفاق".
الآراء