لكم سخر من هذا الشعار الكثير من النخب المستلبة في الإنحطاط المستورد الذي تسميه حداثة خلطا بين الاستعمار والحداثة . ولكم حاولت وصل هذا الشعار بنخب مستلبة مثلها ولكن في الانحطاط الأهلي الذي تسميه حكما بشرع الله خلطا بين تقاليد البداوة والإسلام. ولكم ظل الأمر على هذا النحو حتى حانت الظرفية التاريخية التي أثبتت بالوجود الفعلي الدلالة الحقيقية لهذا المفهوم عندما بينت أن العمود الفقري للثورة هو بالذات ما يمكن منه الإيمان بالحرية والكرامة مقومين روحيين لكيان الإنسان لا معنى لوجوده من دون قبول الشهادة من أجلها.
عندئذ حصل الامتحان الذي يكرم فيه المرء أن يهان: الغالبية الساحقة من اصحاب الشعارات المثرثرة حول القيم الحداثية انحازت للاستبداد والفساد والتبعية. عندئذ تبين أن الكلام على الإسلام هو الحل لم يكن شعارا فسحب بل كان حدسا قويا بما يمكن أن يكون المعين الحقيقي للحل الفعلي لكل ما تعاني منه الأمة وخاصة للتغلب على عقلية الهزيمة والعبودية.
إنه هو حقا الحل الذي لا حل سواه لأنه يلخص كل المهام المطلوبة من شباب الأمة فتية وفتيات كالحال في خطاب القرآن الكريم الذي ما خاطب البشر إلا وأكد على الجمع بين الجنسين كما تحقق ذلك اليوم في مقاومة شباب الثورة في ميادين مصر وساحات تونس وليبيا وسوريا وفي جامعاتها التي تحررت من المخنثين والآكلين أكل الأنعام والمحلقين بعجلهم أو جحشهم في حلقات ماجنة هي من علامات الانحطاط والابتذال سواء في الاجتماعات المزعومة سياسية أو في الندوات الموهومة إعلامية.
ولنبين ذلك بالكيفية التي ترجم بها هذا الشعار ليتبين أنه الحل وذلك على مستويات خمسة:
الترجمة العملية الأولى: شعارات الموجة الأولى
فأولا كانت شعارات الموجة الأولى من الربيع العربي ترجمة عملية لهذا الشعار: فبيتا الشابي فهم ثوري للقضاء والقدر تماما كما حددهما القرآن. ويكفي قراءة آل عمران لفهم المعنى المتخلف من القضاء والقدر والمعنى الثوري. وما كان الشعب ليثور لو لم يصبح بمؤمنا بـ"إذا الشعب أراد الحياة * فلا بد أن يستجيب القدر" أعني بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وشعار الحرية والكرامة هما في أفواه شباب الثورة ليس إلا المعنى التاريخي من المعنى الروحي لتكريم ابن آدم باستعماره في الأرض حتى يحصل على شروط الكرامة استعمار خليفة حر لا استعمار عبد تابع.
الترجمة العملية الثانية: شعارات الموجة الثانية
وثانيا كانت شعارات الموجة الثانية من الربيع العربي ترجمة عملية لدلالة الاستعداد للشهادة للصمود أمام الانقلابات من أجل إضفاء المعنى على الحياة ترجمة فعلية للدفاع عما جاء في أولا. وما كان الشعب ليصمد أمام تحالف كل العملاء في الداخل والأعداء في ا لخارج للقضاء على ثورة الحرية والكرامة لولا الإيمان بالحل الإسلامي ليس كما يعرضه كاريكاتوره الذي افتضح في حزب النور الذي هو حزب الظلام لتأييد الكاريكاتور الذي يدعي العلماء رفضه باسم الحداثة. وحتى لا أطيل فإن أعداء الأمة من الخارج ومن الداخل وخاصة البعض من الاقليات ومنها من يدعون العلمانية والليبرالية التي لم تر من هذين التصورين إلا الأكل أكل الأنعام والإخلاد الى الأرض ما كانوا ليتحالفوا ضد هذا الاتجاه في استئناف الدأمة لدورها لو لم يكونوا في قرارة أنفسهم بأن الإسلام هو الحل بمعنيين.
الترجمة العملية الثالثة: علاقة الإيمان بالحرية والكرامة
فالإيمان بحرية الإنسان وكرامته كما بينا دلالتهما بالإيمان الروحي هو الذي يرجع لشباب الأمة الطموح التاريخي فلا يبقون حلمهم أن ينفوا ذواتهم ليكونوا مثل غيرهم أي تابعين روحيا إلى الأبد: التحرر الروحي شرط كل إرادة فعلم فقدرة فحياة فوجود حر وكريم.
الترجمة العملية الرابعة: الطموح وشروط الرسالة
وهو الذي بفضل عودة الطموح يجعل السعي لتحقيق شروطه المطلوب الأول فيحدد مضمون الثورة ما هو: فلا بد من استرجاع وحدة الجغرافيا الإسلامية أساسا للقوة المادية ومن ثم فالثورة ينبغي أن تعم الأرض العربية بداية والإسلامية غاية ولا بد من استرجاع وحدة التاريخ الإسلامي أساسا للقوة الروحية ومن ثم فالثورة ينبغي أن تحيي كل أمجاد الأمة حتى يكون هذا الجيل جديرا بالوراثة لأن الخلف إذا لم يكن قادرا على حماية ما تركه السلف وما يحسدنا عليه كل من يحيط بنا فهو ليس جديرا حتى بالحياة.
الترجمة العملية الأخيرة: حقيقة الحل الإسلامي
ذلك هو معنى الإسلام هو الحل: ليس كاريكاتور حزب النور ولا تشويه ممولي الثورة المضادة بل هو ثورة هذا الشباب الصامد ضد هذا الكاريكاتور والتشويه لاستئناف الأمة تاريخها قوة عظمى في قلب العالم شرطا في تحقيق كرامة الإنسان وحريته وتوفيرا للقدرة الممكنة من ذلك بل ومن استئناف دور الرسالة التحريرية لكل البشرية من حكم المافيات العالمية التي تدعي الكلام باسم الإنسان وهي في الحقيقة تتكلم باسم العجل الذهبي وخواره.
الآراء