قیل إن القرآن جعل حصة الرجل في المیراث ضعفي حصة المرأة وبناء علی هذا أجحف إجحافا کبیرا بحق نصف من البشر وربما أن هذه النظرة أدت إلی تحقیر النساء في أعین الرجال في المجمتع الإسلامي. وهذه النظریة التي کثیرا ما ترددها النساء یبدو أنها محل اهتمام کثیر من الناس. ومن الواضح أنه لا یمکن تقییم أي جزء من مکونات نظام اجتماعي وثقافي ودیني بغض النظر عن أکمله أو عن سائر مکوناته؛ إن نظام المیراث أحد من أحکام النظام الحقوقي في الإسلام حیث ینظر إلیه بالإضافة إلی غیره من الحقوق وفي تواصل مع التزامات التي تنتج من تلک الحقوق. والحقوق والواجبات تستند دوما علی الاحتیاجات الطبیعیة وعلی ضرورة الحیاة وهي لیست بالضرورة علی صورة دائمة.

فمثلا یمکنک أن تنفق لصالح أحد من أبنائک الذي یدرس في الجامعة بضعة أضعاف بالنسبة للذي هو أصغر منه وأحب إلیک منه وتخصص له تکالیف أکثر من ذلک لمواصلة دراسته ولذهابه وأیابه ومن الطبیعي أن الآباء لا ینفقون علی أبنائهم بشکل متساو رغم أنهم یحبون أبناءهم بالتساوي؛ وفي الأسر الدینیة لیس للمرأة مسؤولیة في توفیر النفقات المعیشیة ویحمل الرجل کافة التکالیف لمدی الحیاة وبقدر ما أن المرأة بأمکانها أن تطالب أجرة رضاعة الأطفال.

وإضافة علیه فإن الرجل یضطر أن یعطي لزوجته نتیجة جهده وکده علی مدی سنین حین الزواج کـ"الصداق" والصداق کضمان للحیاة الزوجیة أو الکفیل لأي انفصال محتمل أو أي عنوان وضعت علیه هو من أرکان الزواج في النظام القانوني للإسلام وأن الإهداء والإنفاق علی الزوجة من وظائف الرجل السخي ومن فضائله.

وفي منظومة کهذه حیث أن الرجل یحمل کافة التکالیف علی عاتقه وأن المرأة إذا کان لها دخل فبإمکانه أن تدخرها، هل من العدالة أن تتساوی مع الرجل في المیراث؟

ألیس أن حصة الرجل تنفَق علی المرأة و علی الأبناء وأنها ترجع للمرأة أیضا بشکل آخر؟

فما الذي تدفع المرأة للشکوی؟

وإذا أهمل بعض الرجال لشيء من التکالیف التي حمّلها الله تعالی علیهم وقاموا بتقویض حقوق النساء، فما علاقتها بالدین؟

وهذا الإخلال بالواجب ثنائي الاتجاه فینبغي دوما أن نفصل بین المتدینین وبین الدین وفي المجتمعات الغربیة لیس هناک شيء باسم الصداق ولا توزیع العمل في البیت وخارجه وعلی النساء أن یعملن طوال النهار حتی یستطعن دفع أقساط البیت أو السیارة و... وفي مجتمعات کهذه إذا کانت حصة المرأة نصف الرجل فمن الطبیعي أن یکون جائرة وینبغي أن نجد العدالة في کیفیة هذا النوع من المعیشة وإن کان غیر طبیعية وظالمة بالنسبة للمرأة.

فالمرأة التي تدیر البیت وتنتج الولد وتربیه وفي نفس الوقت علیها أن تعمل خارج البیت، لعل حصتها أن تکون ضعفین فهل یقبلها الرجال في الغرب؟ فلماذا یحتجون علی النظام القانوني للإسلام بدل الاحتجاج علی هذا النوع من المعیشة؟ النظام الذي جعل الرجال یخدمون النساء ولا یطلبون منهن إلا تلبیة رغبات الزوج الجنسیة والتمکین من ذلک فحسب.