في ذروة التوترات الطائفیة في المنطقة وفي الظروف التي أفشلت الصراعات المشینة في أنحاء العالم الإسلامي وحدة المسلمین وأصبحوا موضع السخریة من قبل أعداء الإسلام وفي البلاد التي یشکل أهل السنة معظم مفاخرها العلمیة وشخصیاتها الثقافیة وأن خمس سکانها من هذه الطائفة المتحمسة بالصحابة وأن أکابر البلاد الناصحة قد أکدوا مرارا علی أن توجیه أي إهانة أو نشر أي محتویات مسیئة یتعارض مع وحدة المجتمع؛ مع هذا فإن صحیفة وطنیة تقوم بإبداء مواقفها المشینة والکشف عن فکرتها القذرة غیر مکترثة بسیرة علي بن إبي طالب متجاهلة النمط العلمي غیر مدرکة لمنطق الدراسة التأریخیة تعتبر أحد الصحابة الأجلاء أعني أبا موسی الأشعري "منافقا".

بینما أن هذا الصحابي الجلیل کان مبلغا للنبي الکریم لتعلیم الناس في الیمن وکان من أبرز القضاة في الأیام الأولی للإسلام ومن أجل الولاة الثقاة عند عمر بن خطاب حیث فضل الاعتزال في عصر الفتن والحروب الداخلیة بین المسلمین ولم یرافق مع أحد طرفي النزاع وإن تبع موقفه هذا بعض الاحتجاج بناء علی طبیعة الحالات السیاسیة أوان الصراع ولکن لم تتجاوز هذا الاحتجاج حد المخالفة السیاسیة خاصة من قِبل علي رضي الله عنه کما یعتبره الإمام أبو حنیفة معلما للسلوک الصحیح زمن النزاعات السیاسیة بین المسلمین ولم ترتق هذه المخالفات مستوی النفاق أو الکفر أبداً.

ومن جانب آخر أن علي رضي الله عنه قد أوصی وصایا هامة بعد تحلیل الظروف ونتائج الحروب کمنع الحرب مع الخوارج ومن مواقفه النبیلة أنه کان یرجح الاعتزال کما قال لابنه الحسن: "كن في الفتنة كابن اللبون: لا ظهر يركب ولا ضرع يحلب"

نعم لکي نقوم بإزالة الستار عن الزهد الفکري والأفق السیاسي لهذا الخلفیة الراشد في أتون تناحر المتطرفین وحتی لا یجد المنافسون ضیقو الأفق الذین یجعلون الخلافات السیاسیة مبررا للتکفیر مجالا لتکفیر هذا الإمام الهمام سنقدم لکم وثائق من رفضه تکفیر المعارضین لتکون مصباحا لنا وإنذارا لاتخاذ السیاسة السلیمة لغد یذوب الثلج ویبان المرج:

یقول عبد الله الحمیري العالم الجلیل لمدینة قم في نهایة القرن الثالث الهجري إن علیا کان یقول حول الصراع مع معارضیه: "إنا لم نقاتلهم علی التکفیر لهم ولم نقاتلهم علی التکفیر لنا ولکن رأينا أنا على حق ورأوا أنهم على حق"[١].

یقول الحمیري في "قرب الإسناد": "إن عليا‌ (عليه السلام) لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ولكنه كان يقول: هم إخواننا بغوا علينا" [٢].

طبعا أن الحر العاملي حین تعلیقه علی هذه الروایة یحمّل نظرة علي هذه علی التقیة ولکن آیة الله منتظري من کبار العلماء المعاصرین أنکر تعلیقه قائلا: من الواضح أن أمیر المؤمنین تعامل معهم کالمسلمین.[3]

نقل قاضي نعمان في "شرح الأخبار": سئل علي عن قتلی حرب الجمل أهؤلاء مشرکون أم لا؟ قال: لا بل فروا من الشرک! قالوا: أهؤلاء منافقون؟ قال: لا إن المنافقين لایذکرون الله إلا قليلا. ثم سألوا: فمن هؤلاء؟ قال: "إخواننا بغوا علينا فنصرنا عليهم". [4]

نرجو أن یأتي یوم یصبح الإسلام مفضلا علی التأریخ ولا یکون تعاطف المسلمین وتماسک المجمتع الإسلامي ضیحة التصرفات السیئة للمثیرین للحقد والکراهیة.

المصادر:

١. مجلسى،بحار الأنوار، ج٣٢ص٣٢٤

٢. عاملى،وسائل الشیعه، ج١٥صص٨٢و٨٣

٣. دراسات في ولاية الفقيه، ج٢ص٨٠٦

٤. طبرسی،مستدرك الوسائل، ج١١ص68