بسم الله الرحمن الرحیم

في برمجة فکاهیة تسربت کلمات من فمه لتزعج خُمس السکان الإیرانیین علی الأقل حین إساءته إلی الصحابیین الکبیرین طلحة بن عبید الله والزبیر بن العوام رضي الله عنهما من أکابر الصحابة واثنین من العشرة المبشرة بالجنة.

بدأت القصة من برمجة فکاهیة حیث قام المقدم مهران مدیري من أروع الممثلین الفکاهیین بالإساءة إلی هذین الصحابیین بینما هو یسرد قصة رجل یبحث عن العمل في مقابلة أجریت معه لیظهر المقدم مدی الریاء والکذب في المجمتع دون أن یدرک أن هذه الکلمات ستزعج الملایین من المواطنین الإیرانیین من أهل السنة لاحترامهم بهذین الشخصین الذین قام بانتهاکهم بدم بارد وسط ضحک الحاضرین وتصفیقهم له.

في بادئ الأمر نعتبر المقدم معذورا لعدم قصد الإهانة والخوض في القضایا العقائدیة لمستوی معلوماته المنخفضة حول القضایا التاریخیة وما یتعلق بمسائل الخلاف بین الفریقین. فمن المتوقع أن یقدم مدیري اعتذاره لمواطنین السنة سیما أنه عمل کممثل وطني في برهة من الزمن وأن إنتاجاته الإصلاحیة والتنویریة في إطار الفکاهة کانت مفضلة لدی کثیر من المواطنین منهم أهل السنة وکانت من أکثر المسلسلات مشاهدة؛ هذا من جانب ومن جانب آخر أن رسالة الفن هو تنمیق الکلام من أجل تألیف القلوب وترویج الفضائل الأخلاقیة ویستحق الفنان أن یبعد من الخطاب الطائفي أکثر من غیره.

هذا وقدم أکثر من خمسین نائبا برلمانیا احتجاجهم ضد هذه الإهانة منهم عشرون نائبا سنیا وتم بث القضیة في مواقع التواصل الاجتماعیة علی نطاق واسع وأثارت موجة من الغضب في أوساط المجمتع.

من البدیهي أن مثل هذه الإهانات یتم توجیهها خلافا لمصالح النظام الرئیسیة وعلی خلاف تأکیدات المرشد الأعلی للجمهوریة الإسلامیة الإیرانية والمراجع الشیعیة المعتدلة علی عدم المساس بمقدسات أهل السنة واعتبارهم أي أهانة جریمة؛ ولکن حین الاعتذار اکتفی المقدم بکلمات روتنیة دون أن یأخذها علی محمل الجد وهذا أمر مفاجئ آخر.

هذه لیست المرة الأولی أن یؤدي ما یبث من وسائل الإعلام الرسمیة إلی المساس والاستخفاف بحرمات دینیة أو وطنیة داخل البلاد فعلاوة علی بعض المتشددین الدینیین من رجال الدین وغیرهم حیث یقومون بانتهاک بعض أکابر الصحابة عبر المنابر وفي بعض الأحیان في الإعلام الرسمية، فقبل عالمین قام أحد أبرز الممثلین أکبر عبدي في برمجة تلفازیة بتوجیه الإهانة إلی القوم العرب في مقطع فیدئو مثیر للجدل وبعد إدانة واسعة لتعبیره قام الممثل بتقدیم الاعتذار للمواطنین العرب الإیرانیین وخارج البلاد. الحالة الأخری التي أعقبتها اجتجاجات حاشدة ما بث من انتهاک المواطنین الأتراک عبر الإعلام الوطنیة في برنامج للأطفال حتی أدی إلی تقدیم اعتذار منفذي البرنامج.

وفي ما یتعلق بحل هذه المشکلة جذریا ودراسة أسباب قد تؤدي إلی انتقاض حرمات الآخرین خاصة ما یرجع إلی المساس بشخصیات أهل السنة وتلطیخ سمعتهم بهذه السهولة أود أن أشیر إلی بعض النقاط الأساسیة:

• التأکید علی حقوق الأقلیات الدینیة والعرقیة ووضع انتهاک حرماتهم في إطار الخطوط الحمراء والجرائم التي لا تغتفر.

• فصل الأنشطة الفنیة والثقافیة من الخطاب الطائفي والإیدئولوجي حتی ینتمي الممثل والفنان کشخصیة وطنیة إلی کافة المواطنین بدلا من طائفة محددة.

• حیادة الوسائل الإعلام الوطنیة ورهانها علی کافة المواطنین بغض النظر عن دینهم أو عرقهم أو جنسهم لترکز علی السلوک التعاطفي والتضامني بعیدة عن الولوج في أي قضیة خلافیة.

• والأهم من ذلک کله دراسة مقام الصحابة الکرام عبر القرآن الکریم ومقارنة طریقة حیاتهم بآیاته الصریحة حتی نعلم موقف القرآن منهم ومدی شعبیتهم لدی الشعوب المسلمة فإذا لم یصل المواطن الإیراني إلی هذه القناعة بأن أصحاب النبي صلی الله علیه وسلم لهم مکانة عالیة في قلوب المسلمین لتأییدهم رسول الله ومعاضدتهم ومعاونتهم له لإیصال هذه الرسالة العظیمة إلی شعوب العالم منهم الشعب الإیراني المضتهد آنذاک، فکل فتوی أو تحذیر حول تجریم القضیة لا أثر له جدیا.

وفي ظل هذه القناعة نرجو أن لا نری احتفالات کـ"عمرکشان" [حفل محاکاة قتل عمر بن خطاب] و"قالی‌شویان" [حفل قتل الإمام محمد الباقر] والإهانة إلی أمهات المؤمنین وسائر الصحابة الکرام رضوان الله علیهم أجمعین ونعیش في مجتمع ملیئ بروح المودة والإخاء.