ورد في المصادر والمضان، ومنذ عصور سحيقة حتى الآن، أن للكورد بمختلف اهتماماتهم (الثقافية، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية.. وغيرها الكثير) دوراً، تأتي أهميته، بشكل من الأشكال، من مدى تأثيرهم في المجتمع العربي، ومستقبله، بشكل عام. وسوف نورد بعض النماذج، بشكل مختصـر، دون أن يكون لاختيارنا تحيّزاً، بل حسب المصادر التي أتيحت لنا، ومن دون التوسّع، لأنه في حالة التوسع سوف نحتاج إلى مجلدات ومجلدات، وليس مقالاً متواضعاً. * ورد في كتاب (الأكراد في مصر عبر العصور)، الذي صدر في العاصمة المصـرية (القاهرة)، بطبعته الأولى عام 2011: " أنَّ محمد علي باشا كوردي الأصل". ذكر ذلك كلاً من (درية عوني، محمود زايد، ومصطفى عوض)، مؤلفو الكتاب. تُعّد الكاتبة الصحفية (درية عوني) من الصحفيات المعروفات، حيث عملت لمدة 27 عاماً في وكالة الأنباء الفرنسية في (باريس)، وكانت أيضاً مراسلة لـ(دار الهلال)، ثم دار (أخبار اليوم).. ومن (باريس)، صدر لها كتابان عن تطور القضية الكوردية. أمّا (محمود زايد)، فهو مُدرس مساعد، ومتخصص في الشؤون الكوردية، في التاريخ الحديث والمعاصر، بجامعة الأزهر الشـريف. كما ورد في هذا المصدر، معلومات عن أهم القادة والعلماء والكتّاب الكورد في مصر، في عهود مختلفة.
* أطلق عليه لقب (أمير الشعراء)، وهو (أحمد شوقي)، الذي ورد عنه في بحث بعنوان: (اثنا عشر عاماً في صحبة أمير الشعراء)، صدر عام 1932، للكاتب (أحمد عبد الوهاب أبو العز).. ورد في جزء منه: "حياة أمير الشعراء بقلمه (يقصد أبو العز هنا: الشاعر أحمد شوقي): إلى أن قطع العقد الثالث من عمره. سبق أن نشـره بالشوقيات الأولى: (سمعت أبي رحمه الله يرد أصلنا إلى الأكراد، فالعرب. ويقول: إن والده قدم هذه الديار يافعاً، يحمل وصية من (أحمد باشا الجزار) إلى والي مصر". فضلاً عن ذلك، فقد نشرت مجلة (النيرايست) ما يأتي: "توفي في منزله بالقاهرة- يوم 13 اكتوبر- 1932 (شوقي بک)، الذي ولد في سنة 1868 م، وكان معروفاً بأنه أشعر شعراء العربية في العصـر الحديث، وذهب بعض المعجبين به إلى حد القول بأنه كان نظيراً لأعظم شعراء الزمن القديم. وكان (أحمد شوقي) حفيد ضابط من أصل كوردي، وَفِدَ على (مصـر) مع (محمد علي) لمئة وثلاثين سنة خلت. وقد تلّقى دراسته في (القاهرة)، ثم شَخصَ إلى (مونبليه)، حيث حصل على درجة في القانون".
وأضاف المصدر ما يؤكد أنه من كوردستان العراق، حسبما ورد فيما سبق: "إن قنصل العراق العام في (مصر): (أحمد قدري بک) كان في مقدِّمة موكب التشييع أمس لجنازة أمير الشعراء، وأنه أبلغ أسرة الفقيد تعزية حكومة العراق، التي كانت برقية من (نوري السعيد)، رئيس الوزراء العراقي، هذا نصها: "سمعت الآن بالفاجعة العظمى التي أصابت الأمة العربية، بوفاة أمير بيانها، أرجو قبول تعازي القلبية".
* وأشار المؤرخ (مير بصـري)، في مبحثه (أعلام الكرد، ط 1، قبرص، ص 93، 94)، إلى المصلح الاجتماعي (قاسم أمين) في كتابه، وهذا ممّا يُدلل على كورديته، لأنه لو لم يكن كذلك لما أشار إليه مع أعلام الكورد. وفيه ذكر بعض الآراء، التي وردت عنه في الأوساط المحلية المصـرية والعربية والعالمية، كرأي (د. محمد حسين هيكل)، التي كان أهمها عنده أنه دعى إلى تحرير المرأة، وأنه يُحب الفنون. ونقل عن (د. شوقي ضيف)أن (قاسم أمين) كتب في ذلك مقالات في صحيفة (المؤيد ) سنة 1900 م، جمعها بعد ذلك في كتاب عنوانه: (تحرير المرأة).
* وأضاف عن أحد الشخصيات الكوردية في (السودان) بالشكل الآتي: (عثمان أبو بكر دِقنـَة) هو أمير الأمراء في جيش (محمد أحمد المهدي السوداني)، وهو زعيم ديني وُلِدَ في العام 1837، حارب الجيش المصـري- البريطاني، بين الأعوام (1882- 1885)، وتغلب عليه، واستولى على (الخرطوم)، عاصمة السودان الحالية. ادعىّ أنه من سلالة خلفاء بني العباس، لكن قِيل إن أجداده من جهة أبيه من (آمد) (= ديار بكر)".
* فيما أشار (مير بصري) في مبحثه (أعلام الأدب في العراق الحديث)، الذي قدّم له د- جليل العطية، في الجزء الأول، الذي صدر عن (دار الحكمة)، في (لندن)، بطبعته الأولى العام 1994، في الصفحتين 376، 377، إلى أنَّ: "(خلف شوقي الداودي) من أوائل روّاد القصة العراقية الحديثة، ينتمي إلى قبيلة (الداوودة) الكوردية، وُلِدَ في بلدة الديوانية سنة 1898، وقضـى سني صباه في (الحلة). ثم جاء إلى (بغداد)، وانتمى إلى (دار المعلمين)، وجــّند ضابطاً احتياطياً في أثناء الحرب العالمية الأولى. أسرَهُ الإنكليز، فاعتقلوه في (الهند)، وهيأ له فيها تعلـّم اللغتين الإنكليزية والهندية، إلى جانب الكوردية والتركية والفارسية، التي عرفها في بلاده. كان محرراً في جريدة (الأوقات العراقية) في (البصـرة).
وأصدر فيها مجلة باسم (شط العرب)، في كانون الثاني- 1923، التي لم يصدر منها سوى عدد واحد.حرّر بعد ذلك في جريدة (الأوقات البغدادية)، وأصدر جريدة (شط العرب) في بغداد، في آذار- 1924، التي دامت نحو ستة أشهر. عيــّن مترجماً في وزارة المالية، فمفتشاً مالياً في تشرين الأول- 1926، فسكرتيراً مالياً لوزارة الاقتصاد في حزيران- 1935، فمعاون رئيس تسوية حقوق الأراضي في كانون الثاني- 1938. توفي ببغداد في 2- شباط- 1939. كتب قصصاً جمعها في كتاب باسم (سفينة نوح)، نشر بعضها في مجلة (الهاتف) النجفية، وحال موت المؤلف دون طبعها. وله مؤلفات أخرى، منها: (قصص مختارة من الأدب التركي، 1936). (الفلقة، 1938). (قضية فلسطين/ مجموعة مقالات مترجمة/ 1924). (نقدات الملا نصـر الدين، 1923). (وساوس السلطان عبد الحميد) {مترجم}. (زاد المسافر) {= رسالة تاريخية للشيخ فتح الله الكعبـي }، حققها ونشرها سنة 1924. (ذكرى سعد زغلول، 1927م). ومن مصنفاته المخطوطة: (مئة فكاهة وفكاهة، حقيبة الداودي)".
* ورد في مبحث ([1]) عن (جميل صدقي الزهاوي) ما يأتي: " إنّ الشاعر الكوردي المبدع، لم يكن فقط شاعراً وعضواً في مجلس النواب العراقي في العهد الملكي. بل كان أيضاً من الأعضاء النشطين في مناقشة القوانين المطروحة، وكان قاضياً عادلاً، بكل معنى الكلمة". * على الرغم من تحامل بعض الرحالّة على الكورد، ووصفهم بالألفاظ غير اللائقة، نورد ما ذكره (شارل ديدييه)، في مبحثه ([2]) عن القائد الكوردي (عثمان)، في منطقة الحجاز، كما يأتي: "في العام 1268 هـ كان والي (جدّة): (آقه باشا)، وشريف مكة هو (عبد المطلب)، طلب (عبد المطلب) من الصدر الأعظم (رشيد باشا) عزل (آقه)، وعيّن (أحمد عزت باشا الأرزنجاني) والياً على (جدّة). وفي العام 1270 هـ عُزل (أحمد عزت)، وتولّى مكانه (كامل باشا).
وأضاف: إن أولى الشخصيات الرسمية التي عرفتها بعد (كامل باشا) هو (كورد عثمان آغا)، الذي ولد في (كوردستان)، التي كانت سنجقاً، وكان قائداً للخيالة غير النظاميين، عسكروا قرب (مكة) المكرمة، مستعدون للتمرد إن لم يتقاضوا مستحقاتهم من (استنابول).. إن خيالة الشـرق هؤلاء يسمون (باشي بوزوق)، وبسبب الاضطرابات في معسكره ينوي الهرب إلى (مصـر).. كانت مستحقاته 7500 قرشاً في الشهر، ويدّعي إن في جبال موطنه سبعة مواضع للذهب. وقد وضع فرساناً تحت تصـرفي للحماية، إذ لم يكن الطريق من (جدّة) إلى (مكة المكرمة) سهلاً، وكانت تحيط به الجبال، وكان خيالة (كورد عثمان) يعسكرون فيها. وكان عزل (كورد عثمان آغا) قد أذل أولئك (الأجلاف)".
* قبل رحيل العلاّمة الآثاري (سالم الآلوسي) - رحمه الله - حصلت منه على ورقة بخط يده، بعد أن طلبت منه أن يذكر لي متى تمّ البحث الآثاري في مناطق الكورد، شرقيّ دجلة، جاء فيها: "المنطقة الواقعة بين خانقين ومندلي.. لم تجر أية تنقيبات أثرية في هذه المنطقة من قبل البعثات الآثارية التي عملت في العراق منذ منتصف القرن التاسع عشـر الميلادي، وإنما كانت ميداناً للزيارات الاستطلاعية من قبل السيـــّاح والآثاريين، التي جرت في أنحاء مختلفة من العراق، مثل: 1885بعثة أمريكية (بعثة وولف) من المعهد الآثاري الأمريكي. 1907- 1908بعثة (زاره- هرتسفيلد) الألمانية. 1925- 1927 المدارس الأمريكية للأبحاث الشـرقية (ASOR) {American schools of oriental Research}.
أما دائرة الآثار العراقية، فقد أوفدت عام 1935 بعثة برئاسة السيد (حسين عوني عطا الفيلي)، الذي شغل منصب معاون مدير الآثار العام، وكان من الشخصيات الإدارية المعروفة التي خدمت الآثار في العراق. وقد أجرت هذه البعثة دراسة للآثار والمنحوتات في منطقة (خانقين)، مثل: بالولا- دربندي كاوور- دربندي ستروك- دربندي شيخان. وهذه المواقع والمناطق يعود تاريخها إلى العصور السومرية والأكدية". مع تحيات سالم الآلوسي 1- 8- 2008.
* ساهم الكورد في العراق في تشكيل معظم الأحزاب العربية، على مدى الأعوام التي تشكلت فيها الأحزاب في العراق، خصوصاً في العهد الملكي. ومنها، كما أشار إليه السيد (طه الجبوري)([3])، وكالآتي: "أسِسَ حزب الأمة الاشتراكي، بعد أن امتنع (صالح جبر) عن المشاركة مع (نوري السعيد) في تأسيس (حزب الاتحاد الدستوري)، قرر أن يؤسس حزباً مستقلاً باسم (حزب الأمة الاشتراكي).
وكان الحزب قد حصل على إجازته في 24 / حزيران / 1951، وضمّت الهيئة المؤسسة كلاً من: صالح جبر، عبد المهدي المنتفكي، عبد الكاظم الشمخاني، جواد جعفر، عبد الرزاق الأزري، عز الدين النقيب، أحمد الجليلي، حبيب الطالباني، محمد النقيب، رضا خياط، ونظيف الشاوي. وعقد الحزب مؤتمره الأول في كانون الثاني 1951، وانتخب (صالح جبر) رئيساً، و(توفيق وهبـي) نائباً له. ولمـّا كانت الهيئة المؤسسة تضم بعض الكورد، فقد عمل الحزب على توسيع عضويته في المناطق الكوردية، وانضـّم إلى صفوفه بعض الإقطاعيين الكورد([4])".
* كان للقادة العسكريين من الكورد، في الجيش العثماني، دور سياسي في تاريخ (اليمن). كما ورد في بحث أكاديمي([5]): "عيّن (محمود نديم بگ) الكوردي {في الهامش: عن (الريحاني) في كتابه المعنون (ملوك العرب): إنه كوردي من أصل سور ي، يجيد اللغة العربية، عُرف بثقافته، ورصانة أسلوبه}، والياً على (اليمن)، بطلب من (الإمام يحيى).. بقي في الولاية حتى زوال الحكم العثماني عن اليمن في العام 1918. لقد حاول الوالي (محمود نديم بگ) الكوردي أن يبرز شخصية (الإمام يحيى) كوريث شرعي لحكم العثمانيين في اليمن. لكن الجنرال (ستيوارت) رفض توسط (محمود نديم بگ) الكوردي للاتصال بالإمام يحيى، إلا أن الإمام دخل (صنعاء) 11- 1918، بناء على دعوة (محمود نديم بگ) الكوردي، وأمر بتسليمه (قصر غمدان)، نتيجة لمراوغة (محمود نديم بگ) الكوردي في الاقتناع بالتسليم لبريطانيا".
الهوامش:
[1]- ثرثرة فوق دجلة : حكايات التبشير المسيحي في العراق (1900- 1935 )، وهي نصوص ترجمت من نصوص نشرتها المجلة الدورية للإرسالية الأمريكية عن أعمال وأنشطة المبشرين، كانت باسم (الجزيرة المنسية): خالد البسام (البحرين)، ط1 2004، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
[2]- رحلة إلى الحجاز في النصف الثاني من قرن 20 ، 1854، شارل ديدييه، ترجمة وتعليق وتقديم: د- محمد خير البقاعي، دار الفيصل الثقافية، السعودية 2001.
[3]- موقف الأحزاب السياسية والقوى الوطنية من قضية النفط في العراق (1951- 1968)، طه خلف محمد الجبوري، كلية التربية / جامعة تكريت 2005، متطلبات نيل شهادة الماجستير.
[4]- أسود، عبد الرزاق محمد، موسوعة العراق السياسية، الجمعيات والأحزاب السياسية، المجلد السادس، بغداد، 1986.
[5]- هند فخري سعيد، اليمن في عهد حكم الاتحاديين 1908- 1981، في العام 2002.
الآراء