إبن النعمان، السيد الكبير الشهيد، أبو عمرو الأنصاري الأوسي الأشهلي، البدري الذي اهتز العرش لموته.
أسلم على يد مصعب بن عمير فقال ابن إسحاق: لما أسلم وقف على قومه فقال: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا: سيدنا فضلاً، وأيمننا نقيبة. قال فإن كلامكم علي حرام، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله و رسوله. قال: فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا.
وشهد سعد بدراً، ورمي يوم الخندق، فعاش شهراً، ثم انتقض جرحه فمات.


عن جابر قال: رمي سعد يوم الأحزاب، فقطعوا أكحله، فمسه النبي صلى الله عليه وسلم بالنار، فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم، فحسمه أخرى، فانتفخت يده، فلما رأى ذلك قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة. فاستمسك عرقه، فما قطرت منه قطرة. حتى نزلوا على حكم سعد، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحكم أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم، قال: وكانوا أربعمائة، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه.
وعن عائشة قالت: حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر سعد بن معاذ وهو يموت في القبة التي ضربها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. قالت: والذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وإني لفي حجرتي، فكأنما قال الله: (رحماء بينهم).
وعن محمود بن لبيد قال: لما أصيب أكحل سعد فثقل حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة تداوي الجرحى، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر به يقول: كيف أمسيت، وكيف أصبحت ؟ فيخبره، حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها وثقل، احتملوه إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: انطلقوا به. فخرج وخرجنا معه، وأسرع حتى تقطعت شسوع نعالنا، وسقطت أرديتنا، فشكا ذلك إليه أصحابه، فقال: (إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة)، فانتهى إلى البيت وهو يغسل وأمه تبكيه وتقول:

ويل أم سعد سعداً :: حزامـة وجـداً.


قال: (كل باكية تكذب إلا أم سعد)، ثم خرج به. قال: يقول له القوم: ما حملنا يارسول الله ميتاً أخف منه. قال: (ما يمنعه أن يخف وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم، وقد حملوه معكم).
وعن سماك، سمع عبد الله بن شداد يقول: دخل رسول صلى الله عليه وسلم على سعد وهو يكيد نفسه فقال: جزاك الله خيراً من سيد قوم، فقد أنجزت ما وعدته، ولينجزن الله ما وعدك .
وعن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما حكم سعد في بني قريظة أن يقتل من جرت عليه المواسي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حكم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات).
وعن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال: أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد، فذهب بها، ثم نظر فإذا هي مسك.
كان سعد بن معاذ رجلاً أبيض، طوالاً، حسن الوجه، أعين، حسن اللحية، فرمي يوم الخندق سنة خمس من ا لهجرة، فمات من رميته تلك، وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفن بالبقيع. 
وعن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه: لما انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة: الحارث بن أوس، وأسيد بن الحضير، وأبو نائلة سلكان، وسلمة بن سلامة بن وقش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف، فلما وضع في قبره تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبح ثلاثاً، فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع، ثم كبر ثلاثاً، وكبر المسلمون، فسئل عن ذلك فقال: تضايق على صاحبكم القبر، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو، ثم فرج الله عنه .
وقد تواتر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العرش اهتز لموت سعد فرحاً به)، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حلة تعجبوا من حسنها: (لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذه ).
وعن جابر قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا العبد الصالح الذي مات ؟ فتحت له أبواب السماء، وتحرك له العرش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سعد. قال: فجلس على قبره. الحديث.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش، وفتحت أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك، لقد ضم ضمة ثم أفرج عنه)، يعني سعداً.

وعن عائشة قالت: ماكان أحد أشد فقداً على المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أو أحدهما من سعد بن معاذ.