هو ابو عبد الله جعفر بن محمد بن حكيم بن عبد الرحمن بن آدم من الشعراء الايرانيين، عاصر العهد الساماني خلال القرن الرابع الهجري القمري. ولد الشاعر الرودكي في قرية «بنج رودك» القريبة من نخشب وسمرقند. وكما جاء في المصادر التاريخية ان الرودكي ولد كفيفا ويقول البعض أنه فقد بصره فيما بعد.
ولقي الرودكي في السنوات الثلاث الأخيرة من عمره جفاءً من قبل الولاة والأمراء، فعاد الى مسقط رأسه «بنج رود»، وفيها وافته عام ۳۲۹ للهجرة (۹٤۱ للميلاد). وكان للشاعر الرودكي ابن يدعى «عبدالله»، ومن هنا جاءت تسميته وشهرته بأبي عبد الله.
والرودكي هو أول شاعر ايراني أنشد أشعاره بالفارسية لذا لقبوه برائد الشعر الفارسي او (استاذ القراء)، وذلك لأنه لم يسبقه شاعر فارسي وضع ديواناً كما ذكر لنا معاصره ابو حاثم الرازي في مؤلفاته. 
ورد في كتب التراجم وسير الشعراء ان الرودكي نظم زهاء مئة ألف بيت شعر فضلاً عن براعته في الموسيقي والإنشاد والترجمة.
ومكان دفن الشاعر في نفس مسقط رأسه قرية بنج رودك أو بنج كنت على بعد ۱۷۰ كيلومتراً في شمال مدينة دوشنبة عاصمة جمهورية طاجيكستان.
شاعرية الرودكي
يعتبر الشاعر الرودكي في كثير من المواضيع الادبية من الشعراء الاوائل في الأدب الفارسي، اذ أنتج اعمالاً وآثاراً عدّة لم يصل الينا للأسف الا النزر اليسير منها وفي كتابه المعروف بـ «المعجم في معايير أشعار العجم»، عدّ شمس الدين محمد بن قيس الرازي الشاعر الرودكي مبدع الشعر المزدوج، قائلاً: ان بدايات شاعرية الرودكي تعود الى أنه (الرودكي) سمع ذات يوم صوتاً مفرحاً عذباً صادراً من صبي يلعب بالجوز وهو من شدة سروره وفرحه ولعبه يتفوه بعبارات وكلمات منغمّة وملحنة تروق لها النفس، مردّداً: «يدور الجوز ويدور حتى يدخل الحفرة». فملأ هذا الكلام واللحن الجميل قلب الرودكي اعجاباً جعله يردد هذا اللحن الجميل وهو عائد في طريقة إلى البيت، وفي الحال ينشد شعراً على هذا الوزن الموسيقي. ونظراً لأن الرودكي نظم أشعاره في قالب البيتين، فعرفت هذه الأشعار فيما بعد بالرباعيات. وعلى أي حال، يعد الرودكي مبدع القالب الرباعي للأشعار.
الرودكي والموسيقي
جاء في كتب التراجم وسير الشعراء أن الرودكي كان يعزف على القيثارة، وقيل انه بلغ من الشعر والموسيقى مبلغا من المهارة والتسلط، ما أعطاه قوة شعرية موسيقية سحرية فائعة أثرت أيما تأثير على نفسية أبي نصر الساماني (الملك الساماني الذي عاصره الرودكي)، بحيث تمكن بإنشاده قصيدة «أشمّ رائحة نهر موليان» أن يؤثر على الملك الذي كان حتى غادر هرات قاصداً في رحلة الى هرات ان يعود مسرعاً مشتاقاً غير منتعل متوجها الى بخارى.
أعمال الرودكي
ان الأعمال والآثار التي تركها الشاعر الرودكي جعلته في مقدمة فحول الشعراء الايرانيين كماً شعرياً وأدبياً. ووفقاً لما كتبه رشيدي السمرقندي وجامي في «بهارستان» ومؤلفو كتب مثل «حبيب السير» و«زينة المجالس» و«مفتاح التواريخ» فان عدد الابيات التي نظمها الرودكي بلغت زهاء مليون بيت شعر، وهناك اختلاف حول صحة هذا العدد من الأبيات الشعرية.
نظم كليلة ودمنة
يعد نظمة لترجمة كتاب «كليلة ودمنة» بالفارسية من أهم الشاعر الرودكي من أعمال وآثار أدبية فضلاً عن ثلاثة مثنويات أمّا بقية اشعاره فلم يصلنا منها سوى النزر اليسير.
وكتاب «كليلة ودمنة» في الأصل هو باللغة الهندية وقد تمت ترجمته الى الفارسية في العصر الساساني. 
وهذا الكتاب يتضمن حكايات وقصصاً رمزية على لسان الحيوانات. قام ابن المقفع الكاتب والمترجم من اللغة الفهلوية الى العربية، قام بعد الفتح الاسلامي لإيران بترجمة هذا الكتاب الى العربية، الا أن الرودكي نظم «كليلة ودمنة» شعراً بالفارسية. جدير بالاشارة الى أن الشاعر الملحمي الايراني أبو القاسم الفردوسي ذكر قصة نظم رودكي هذا الكتاب في الشاهنامة، كما أن الشيخ البهائي يذكر في كتابه «الكشكول» أن الرودكي نظم «كليلة ودمنة» في آثني عشر ألف بيت.
مدائحه
حذى الرودكي حذو غالبية شعراء البلاط وفأنشد أبياتاً وقصائد مدح فيها الملوك والامراء. معظم مدائحه للسلاطين والأمراء كانت في قالب قصائد شعرية. كما وكان مديحه في كثير من اشعاره يقتصر علي عدد من ابياته، واحياناً اخرى يشاهد مدحه للكبار في قصائد طويله له وفضلاً على المديح كانت له اليسير من الابيات في الرثاء والهجاء.
ولابد من الاشارة إلى أنه لم يكن مفرطاً في مدحه ولا متملقا هذا وفي شعره، تتوفر المواعظ والحكم بكثرة، ما نشهد مثيلاتها في أشعار شعراء بارزين من أمثال الكسائي المروزي وأبي القاسم الفردوسي وناصر خسرو القبادياني.
معظم أشعار الرودكي في الموعظة تتحدّث عن الأخلاق ولزوم تحلي الانسان بالحذر واستخلاص الدروس والعبر من العالم.
ومهما كان، ترك لنا الشاعر أشعاراً توحي بأن رودكي، وكما قيل، لم يكن أعمى، وكمثال على ذلك، يصف الشاعر في أحد من اشعاره طبيعة الربيع ومناظره وصفاً دقيقاً رائعاً يصعب انتساب هذه الأبيات الى شاعر لم يبصر النور.
فيرى أساتذة وخبراء اللغة الفارسية وانطلاقاً من ذلك، ان رودكي فقد بصره في أواخر سنوات عمره، مما يتطابق مع الدراسات والأبحاث التي أجريت في هذا الشأن وكذلك العناصر التصويرية والوصفية في تشبيهاته الشعرية الدقيقة.
مكانة الرودكي في الأدب الفارسي
سمي الرودكي برائد الشعر والأدب الفارسي أو الاستاذ الاول للأدب الفارسي. صحيح أنّ من سبقه من الشعراء نظموا أشعاراً بالفارسية، بيد أن الجودة والنوعية التي تحظى بها أشعار الرودكي فتحت آفاقاً للتطور الذي شهده الأدب الفارسي في مختلف مراحله الى يومنا هذا.
من جهته، يرى الباحث البارز في الشؤون الايرانية «ريتشارد فراي» أن الرودكي لعب دوراً مهماً في تغيير الخط من الفهلوي الى الخط الفارسي. وجاءت اشعاره في كتب التراجم والكتب الفارسية الأخرى والتي كانت اللبنة الأساسية لجمع ديوانه الشعري.
كما سجلت اشعار الرودكي إقبالاً واسعاً من قبل شعراء ايرانيين حتى ضمنوها عدة مرات عدة في أشعارهم. وكان الرودكي محط اهتمام وتكريم عدد كبير من الشعراء وقلما نجد شاعراً أو ناقداً يهحوه أو يذمّه. 
لقد أبدع الشاعر الرودكي السمرقندي أوزاناً وقوالب جديدة للشعر الفارسي، محاولاً بذلك إبعاد الشعر الفارسي عن اتباعه الأوزان والقوافي العربية.
هذا وأفسح الرودكي المجال لتطور الشعر الفارسي وذلك من خلال إنشاده قصائد تعليمية وحكمية وترجمته الكتب والاشعار العربية الى الفارسية.
ولشعر الرودكي تأثير كبير على عدد من الشعراء الايرانيين أمثال مولانا جلال الدين محمد الذي ضمن أشعاره أبياتاً من شعر الروكي وكذلك حافظ الشيرازي اكبر شاعر غزل في ايران الذي تأثر كثيراً بشعر الرودكي وفكره وحكمته ونمطه الشعري، وهذا ما نلمسه بوفرة في شعره.