يعد الشيخ سعيد بيران (1865- 1925) من الشخصيات السياسية الوطنية التي حازت على احترام جميع أبناء الشعب الكوردي وإن اسمه يتردد على كل لسان في الوقت الحاضر وهو الذي قاد الانتفاضة الكوردية الوطنية المسلحة في كوردستان تركيا عام 1925م. فهو يتمتع بنفوذ كبير بين العشائر الكوردية بثقافته الواسعة وجهوده العلمیة، وسعة اطلاعه؛ فلقد كان أدبياً وخطيباً يجيد مختلف اللغات منها التركية والعربية والفارسية وتخرج على يديه العشرات من الشباب الكورد؛ وكان سياسيا في ذات الوقت ويتابع الأحداث العالمية في الصحف والمجلات وتمتع رجال الفكر الكورد بمركز خاص لديه؛ حيث كان على اتصال مستمر معهم. وبعد انتهاء انتفاضته الباسلة، اعتقل الشيخ سعيد بيران ورفاقه وسيقوا إلى المحاكم العسكرية في (ديار بكر) واستغرقت محاكمتهم شهراً كاملاً حيث أصدرت المحكمة حكمها بشنقهم في السابع والعشرين من حزيران عام 1925 وتم تنفيذ الحكم بحقهم في اليوم التالي؛ وفي وسط مدينة (ديار بكر) في الساحة المقابلة للمسجد الكبير في المدينة وشنق مع الشيخ سعيد السيد عبد القادر النهري وأربعون شخصاً؛ تسعة منهم كانوا من الشيوخ وإمام المسجد في (ديار بكر) في تركيا. من الجدير بالذكر أن الشيخ سعيد بيران قد ولد في قضاء (بالو) بولاية (الأزغ) الكوردية سنة 1865 وكان جده الشيخ علي قد استقر في (بالو) ونسب إليها وتلقى الشيخ تعليمه الابتدائي على يد والده وبعض مريديه حيث تعلم أصول القراءة والكتابة ثم درس الفقه والشريعة الإسلامية والتاريخ؛ وبعد أن أنهى دراسته منح شهادات الإجازة والتدريس لطلاب العلم. وبعد وفاة والده انتقلت إليه الزعامة وأصبح مرشداً للطريقة النقشبندية في (بالو).. وقد بلغ عدد مريديه وأتباعه أكثر من عشرة آلاف، كان من بينهم العديد من الترك؛ أما البقية فكانوا من الكورد. ولم يكن الشيخ شيخاً تقليديا كما عهد عن المشايخ في ذلك الزمن، بل كان عالماً مجدداً بليغاً غير مؤمن بالخرافات التي كان الناس يرددونها عن المشايخ وقدراتهم وكراماتهم؛ فلم يقبل تقبيل يديه أو الانحناء له وتواضع للناس. وقد كان مجلسه العلمي يعج بالمثقفين والعلماء والرجال الشجعان وبذل جهوداً جبارة في سبيل نشر العلم والمعرفة بين الناس. وقد مارس الشيخ سعيد النشاط السياسي منذ تأسيس الجمعيات والمنظمات الكوردية بين أعوام 1908 - 1923م وكانت له صلات وثيقة مع العائلات الكبيرة كعائلة بدرخان بك وعائلة الشيخ عبيدالله النهري؛ فضلا عن الزعماء السياسيين المعاصرين له وقد اشتهر الشيخ باسم سعيد بيران نسبة إلى (بيران) وهي قرية صغيرة تقع قريباً من (بالو) وفيها حدثت أول مواجهة بينه وبين جنود أتاتورك.