رمضان منحة ربانية يمن الله بها على عباده المؤمنين كي يتلمسوا من خلاله نفحات المولى تبارك وتعالى " ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون " ولكنه يأتي هذا العام في ظل انقلاب عسكري وفي ظل حاكم عسكري غدر برئيسه وحنث في يمينه، يأتي رمضان هذا العام وقد فقدنا الآلاف من الأحباب الذين فاضت أرواحهم شهداء في سبيل الله في مذابح فض رابعة والنهضة وكافة ميادين مصر ، وفقدنا الآلاف من الأحباب المغيبين خلف القضبان ، ويأتي رمضان ومعظم البيوت المصرية تفتقد عائلها (الشهيد – المصاب – المعتقل – المطارد – المهاجر) .
يأتي رمضان هذا العام ويستقبله الفرد بنفسية مختلفة، فرغم ما بالنفس من مرارة وما بالقلب من حرقة على فراق الأحباب وضياع الأوطان وغياب الأمن والأمان، إلا أن المؤمن يعلم أن شهر رمضان منحة ربانية يقوي الله بها الإرادة ويشحذ الهمة ويحيي القلب ويسمو بالنفس ويرقى بالروح، ويدرك كل مسلم أن رمضان فرصة عظيمة يجب الاستفادة منها مهما كانت الظروف والأوضاع التي تمر بها البلاد، ومن هنا نضع بين أيديكم مشاريع ثورية تليق بشهر رمضان .
رمضان ثورة إيمانية :
فهو شهر يحيي الله فيه قلب المؤمن ويسمو بنفسه ويرقى بروحه، شهر يجدد فيه المؤمن إيمانه، ومن مظاهر ذلك :
1- تجديد الإيمان بالقرآن : بحسن التعامل مع كتاب الله فهماً وتلاوة وتدبراً وحفظاً وسماعاً ، بأن يكون لك ختمة للقرآن تلاوة، وختمة للقرآن في صلاة التراويح، وختمة للقرآن في صلاة التهجد، وختمة للقرآن تدبراً وفهماً ووعياً، وتذكر قولة سيدنا عثمان بن عفان: "لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن "
2- تجديد الإيمان بعمارة بيوت الله : من خلال المحافظة على الصلوات الخمس جماعة في المسجد ، والمبادرة إلى المسجد والمحافظة على الصف الأول، وبالمحافظة على صلاة التراويح بالمسجد مع التهجد الفردي في الثلث الأخير من الليل، والمحافظة على السنن والنوافل، والمحافظة على نية الاعتكاف طوال إقامتك بالمسجد ... الخ ، رغم أن الانقلابيين يحاولون منعنا من عمارة بيوت الله، لكننا نعلنها ثورة عليهم بعمارة بيوت الله
3- تجديد الإيمان بالعبادات وبإحياء ما مات من سنن العبادات مثل (النوم على طهارة - المكث في المسجد بعد الفجر حتى شروق الشمس – صلاة الاستخارة – صلاة الأوابين – التنفس خارج الإناء – الأكل بثلاثة أصابع .. الخ ) وشعارنا حديث " من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها"
4- تجديد الإيمان بالذكر : سواء كان الذكر المطلق أو أذكار اليوم والليلة أو أذكار الصباح والمساء أوالأوراد الإخوانية " ورد الرابطة – ورد الدعاء – صدقة الملايين -
5- تجديد الإيمان بالعمل الصالح في رمضان، واستحضار أكثر من نية في العمل الواحد، وبخاصة تلك الأعمال المتعدية بالنفع على الغير وليكن شعارنا " وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"
رمضان ثورة أخلاقية :
يحتاج المسلم في رمضان أن يتطهر أخلاقيا من كل العادات السيئة والسلوكيات المرفوضة وأن يتحلى بقيم وأخلاقيات الإسلام ومن ذلك :
1- السعي على تحقيق الغاية من الصيام " لعلكم تتقون "
2- نظافة الصوم مما يمكن أن يلحق به من اللغو والرفث وإضاعة الوقت فيما لا يفيد
3- التطهر من الغيبة والنميمة والخوض في أعراض الآخرين ، وسلامة الصدر من الأحقاد والضغائن
4- التعامل مع الأهل والأحباب وكل من لنا به علاقة متينة بأخلاق " صل من قطعك واعط من حرمك واعف عمن ظلمك "
5- ابراز المظاهر الإسلامية في تعاملات البيوت مع الجيران وإعطاء القدوة العملية
رمضان ثورة دعوية :
فهو شهر العمل والكسب الدعوي بكل وسائل وأساليب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ومن ذلك :
1- نشر القيم الإسلامية و تربية المجتمع عليها ومن ذلك : الحجاب – الدين النصيحة – رفض الظلم - فضائل الصيام وتلاوة القرآن والزكاة والقيام والإعتكاف - التذكير بقضايا المسلمين و إشعار المسلم بمسئولية الفرد تجاه إسلامه ووطنه وإخوانه
2- تهيئة المساجد لاستقبال رمضان : ( إضاءة – صوتيات – نظافة - زينة رمضان – لوحات – خواطر ) وتحقيق دور المسجد الدعوي حسب ظروف كل مكان ، وتفعيل أنشطة المسجد : ( مسابقات ثقافية في الجمعة و التراويح – خواطر – السبورة ومجلة الحائط – حلقات التلاوة و الذكر – مائدة الرحمن وافطار صائم ) .
3- إحياء المناسبات الدينية و الاحتفالات (بدر – العاشر من رمضان – فتح مكة – ليلة القدر) .
4- تجميع الناس على صلاة التهجد خلال العشر الأواخر، وإحياء ليلة السابع والعشرين .
5- بث روح رمضان الإيمانية من خلال بوسترات قيم رمضان في الشوارع وقراءة القرآن في المواصلات
رمضان ثورة تكافلية :
فهو مناسبة عظيمة يحقق فيه الأخ المسلم التكافل بأعلى صوره ، ومن صور التكافل في هذا الشهر :
1- الافطار العائلي لكافة أفراد الأسرة والمشاركة في إفطار المسجد و المهنة والعمارة والدوائر من حولنا
2- المشاركة في مشروع إفطار المعتقلين لرفع الحرج وتخفيف العبء عن أسر المعتقلين وعن إخواننا
3- المشاركة في إفطار لأسر الشهداء والمعتقلين والمطاردين والمصابين وفي كسوة وهدايا العيد لهم
4- زيارات عائلية لتلك الأسر و رعاية وتفقد أولادهم .
5- تخصيص زكاة المال وزكاة الفطر وكافة الصدقات لرعاية وكفالة هذه الأسر.
رمضان ثورة عزيمة :
فهو شهر يقوي الله فيه إرادة المسلم ويشحذ عزيمته ويعلي همته، شهر يسعى فيه المسلم إلى أداء التكاليف الالهية" اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون" ، ومن مظاهر ذلك :
1- العزيمة على فعل الطاعات بكل أشكالها وأنواعها " أداء ومحافظة واستمرارية"
2- العزيمة على ترك المعاصي بكل إغراءاتها وصنوفها " امتناعاً وكرهاً واستغفاراً"
3- العزيمة على أداء الواجبات (الفردية والجماعية - الشخصية والحركية )
4- العزيمة على مواصلة طريق الدعوة والثبات عليه والتضحية من أجله واستمرارية الحراك الثوري لعودة الشرعية.
5- العزيمة على فتح صفحة جديدة مع الله وجعل أيام رمضان غير أيامنا العادية من خلال الصوم الخالص لله وختم القرآن أكثر من مرة وتصحيح السلوك وتقويم الأخلاق ونشر الدعوة بين الناس والسعي لقضاء حوائج الناس والعمل لدين الله ونصرته.
رمضان ثورة حركية :
نعيد فيه أجواء رمضان الربعاوية، وما كان بها من فعاليات وحراك ثوري ضد الانقلاب والظلم والغدر، ومن ذلك :
1- زيادة الحراك الثوري والفعاليات و تصاعد المد الثوري في كل شارع وحارة وحي وقرية حتى يتحول إلى بوادر ثورة شعبية .
2- التواصل الفعال مع المجتمع لكسر الحاجز النفسي وتوعيته المستمرة بمخاطر الانقلاب وتأثيره على الجميع وشحذ الهمم وبث روح المقاومة والأمل في التغيير وإزالة الانقلاب وحث الناس على ذلك وتقوية الحراك الثوري
3- المحافظة على الثورة وتزايد الأعداد مع تنويع الحراك الثوري كمَّاً وكيفاً و توظيف طاقات المجتمع وتفعيله في مسارات مناهضة الانقلاب والاستفادة من كل القوى الثورية والشبابية
4- إحياء ذكرى المذابح التي قام بها الانقلابيون في ( الحرس الجمهوري والمنصة .. الخ )
5- تفعيل قنوات التواصل مع وسائل الاعلام عامة و الالكتروني خاصة مع توظيف الاعلام الشعبي والاستفادة منها
ختاماً :
هذه بعض المشاريع الثورية التي يمكن تحقيقها في رمضان هذا العام، حتى يصبح رمضان ثورة متكاملة الأركان، ثورة إيمانية وتعبدية وأخلاقية ودعوية وحركية تشمل كل نواحي الحياة، امتثالا لقوله تعالى" قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين"، وعوامل النجاح في تلك الثورة الشاملة : إخلاص النية لله ، الحرص على أداء كافة الواجبات والتوازن بينها، الاستعانة بالصحبة الصالحة، التواصل الفعال مع كافة قوى المجتمع، استشعار روح رمضان رابعة، تذكر الشهداء والمصابين والمعتقلين والمطاردين، كل هذه الأمور وغيرها تحفزنا على استغلال رمضان على أكمل وجه، فانطلقوا على بركة الله واعملوا صالحا " والله معكم ولن يتركم أعمالكم "
الآراء