الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
الإخوة والأخوات أبناء وبنات وآباء وأمهات الشعب المصري العظيم، مسلمين ومسيحيين، من التيارات والاتجاهات كافةً، وفي القلب منكم الإخوان المسلمون والأخوات المسلمات والأشبال والزهراوات، ها هي إرادة الله عزَّ وجلَّ حققت لنا ثورة عظيمة، لا تملك أي قوة عالمية أن تدعي أن لها فيها دورًا، ولا يملك أي فصيل وطني أن يدعي أنه انفرد بتحقيقها وحده، بل هي ثورة الشعب المصري العظيم كله،
ونحن على يقين من أن الله الذي وهبنا إياها وحفظها لنا واستحفظنا إياها هو الذي سيرسيها كما أجراها (بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) (هود: من الآية 41) بشرط أن نعيش بنفس روح الثورة التي تجلت في توحد كل القوى المصرية الوطنية من أجل هدم الفساد، وإزالة الظلم والطغيان، وكذلك اللجوء إلى الله الذي لا إله لنا غيره ولا سند لنا سواه، ولا طاقة لنا برد كيد الكائدين إلا بقوته وسلطانه ومعونته، وهو الذي طمأننا بقوله تعالى: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) (فاطر: من الآية 43).
فهيا بنا نجمع كل جهودنا لحماية ثورتنا الغالية التي رويناها بالدماء العزيزة وأنجزناها بالوحدة الوطنية الرائعة، وهيا بنا لنصون هذه النعمة، ونحافظ عليها بالتعاون في استكمال بناء مؤسسات الوطن العزيز، وتعالوا نتشارك معًا كما فعلنا في مجلسي الشعب والشورى والنقابات المهنية ومؤسسة الجامعات المصرية ونواديها والتجمعات الطلابية واتحاداتها والنوادي والقوى الشبابية الفعالة، والتي اشترك فيها جميع التيارات الوطنية على اختلاف توجهاتها، وسوف نستعين جميعًا بالله القوي العزيز الذي لا يقهر ولا يغلب على حماية مكتسباتنا، والحفاظ على جيشنا الوطني القوي الذي حمى ويحمي أمننا وحدودنا، وعلى الشرطة الوطنية التي تخدم شعبها، وعلى القضاء العادل النزيه الراسخ الذي يضمن حقوق كل من يعيش على ثرى وطننا العزيز، مطمئنين إلى أن بلدنا محروسة بحراسة الله لها، واجتماع كلمة أبنائها على حبها وحمايتها، والتضحية في سبيلها.
يا أهل مصر جميعًا، لا يتصورنَّ أحد أن أعداء ثورتنا المجيدة في الخارج والداخل الذين حرمتهم الثورة من مكاسب باطلة وامتيازات غير مستحقة ومنافع شخصية استأثروا بها على حساب الوطن كله بمباركة من العهد البائد والنظام المخلوع الذي ارتبطوا مع نظامه بشبكة مصالح فاسدة تقدم المصلحة الشخصية على حساب المصلحة الوطنية لمصر وشعبها، لا يتصورنَّ أحد أن هؤلاء جميعًا يمكن أن يتوقفوا عن الكيد والمكر للثورة وللثوار، فمحاولاتهم الخبيثة لا تنقطع، وقد أخبرنا الله عن خطورة كيد الظالمين فقال: (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ 46) (إبراهيم) لكنه سبحانه وعدنا أنه مكر ساقط فاشل إذا اجتمعنا على حماية ثورتنا، وقال سبحانه بعد ذلك مباشرة (فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ 47) (إبراهيم).
ويقيننا الذي لا يخالطه أدنى شك أن المكر السيئ لن يحيق إلا بمَن مكر، وأن الله الذي نصر شعبنا على الاستبداد والفساد لن يتخلى عن المخلصين، وأن عجلة الوطن في طريقها للأمام، ولن تعود أبدًا إلى الخلف بفضل الله أولاً ثم بفضل وحدتنا واجتماعنا (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) (آل عمران: من الآية 103).
وهذا يوجب علينا جميعًا الاجتهاد في التقرب إلى الله، والاستعانة به، ودعائه بالليل وبالنهار، والثقة التامة في توفيقه للمخلصين. حمى الله مصرنا، وجمع على الحق آراءنا، وهيأ لنا جميعًا من أمرنا رشدًا.
أ.د. محمد بديع
المرشد العام للإخوان المسلمين
القاهرة في: 22 من جمادى الأولى 1433هـ الموافق 14 من أبريل 2012م.
الآراء