الألوان المتحللة من ضوء الشمسإنّ الأزمة المعاصرة التي نتخبط فيها ليست أزمة اقتصادية مالية فحسب, بل هي أزمة في الأخلاق بالدرجة الأولى, أو بتعبير آخر هي أزمة الإنسان المعاصر في بعده القيمي والتربوي, داخل إطار علاقاته الاجتماعية.

هذه الأزمات والآفات الاجتماعية التي تتكاثر بسرعة هائلة, فجرائم القتل والاغتصاب والسرقة ونهب وسلب المال والممتلكات… أصبح لا يجد المتسع لها في الجرائد ونشرات الأخبار. كل يوم, بل كل دقيقة اغتصاب, قتل أو جريمة.. كيف نفسر هذا الانزلاق اللاأخلاقي في مجتمعنا؟ لماذا عجزت القوانين الوضعية من الوقوف والحد من شراسة هذا الإنسان المعاصر؟

إن فقه المشكلات المعاصرة والأزمات المتكررة، والانحلال الخلقي والتردي الاجتماعي, يحمل في طياته شيئًا جد ايجابي, لا نكاد ندركه.. فكثرة المشاكل وتفاقمها, يدل دلالة واضحة وصريحة أن كل الحلول والمقترحات والتوصيات والقوانين التي قدمناها لم ترق لمستوى النجاعة والفعالية في استقامة الحياة الاجتماعية والسلوك الشخصي.. فكل القوانين الوضعية أثبتت فشلها الذريع وعجزها الكبير في الحد أو التقليل من الآفات الاجتماعية أو الأزمات الخلقية..

إذًا ما العمل؟ ما الحل؟

الآن هذا السؤال أصبح يطرح علينا إجبارًا لا اختيارًا, يجب فعل شيء أمام هذا التردي والنكوص. يجب أن نتدخل لنجدة هذا الإنسان (الغربي والعربي) لأنه يعيش دمارًا أخلاقيا لم يحدث في تاريخ البشرية قط, إنه يقتل الفطرة السليمة, ويلوث الروح.. إنه ببساطة, يريد أن ينقرض أخلاقيًا وروحيًا. يريد العيش لذاته وفقط, دون أدنى مشاعر الحب والسلام والرحمة والعطف والتضامن.. مع بني جنسه.

لن نبحث طويلاً فالأمر مستعجل, فمنهج الله عز وجل هو الدواء, وشريعته الغراء هي البلم الشافي لكل أدوائه. لقوله تعالى: “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير” (الملك: 14).

تطبيق الشريعة الاسلامية أصبح ضرورة اجتماعية, يفرضها الواقع الاجتماعي بإلحاح. وما لنا طريق غيرها, فهي مفتاح الحل لكل أزمات الإنسان المعاصر, لأنه إن بقي على هذه الحال سيهلك الحرث والنسل. سيستسلم للأهواء والغرائز, بل سيقضي على وجوده الاجتماعي والأخلاقي. ففي فرنسا مثلا وبعض الدول الأخرى.. أصبح من حق الرجل ان يتزوج رجلاً ولهما الحق في تربية الأبناء.. وغيرها من الأزمات الاجتماعية والأخلاقية التي يبحر فيها الإنسان سواء الغربي أو العربي.

الضرورة المجتمعية أصبحت تؤكد على أكثر من صعيد أنّ الشريعة هي الحل الوحيد لاستقامة الإنسان. ومنه استقامة المجتمع, فهل نعي ونفهم آهات المجتمع وتوجعاته اليومية, ونفك رموز رسائله التي يبعثها لنا كل يوم؟ اغتصاب وقتل للأطفال, سرقة, فساد, رشوة, تعدي على الغير, أكل الحقوق.. كلها رسائل مشفرة لنا, تدل على أن المجتمع لم يجد بعد البلسم الشافي لأمراضه. وهل يوجد دواء غير دواء الرحمن!