إبن عامر الأنصاري الشهيد 

شهد أُحداً، وكان فيمن بعثه النبي صلى الله عليه وسلم، مع بني لحيان، فلما صاروا بالرّجيع، غدروا بهم، واستصرخوا عليهم، وقتلوا فيهم، وأسروا خبيباً، وزيد بن الدثنة، فباعوهما بمكة، فقتلوهما بمن قتل النبي صلى الله عليه وسلم من قومهم، وصلبوهما بالتنعيم.

عن عاصم بن عمر قال: لما كان من غدر عضل والقارة بخبيب وأصحابه بالرجيع قدموا به وبزيد بن الدثنة، فأما خبيب فابتاعه حجير بن أبي إهاب لعقبة بن الحارث بن عامر، وكان أخا حجير لأمه ليقتله بأبيه.

 فلما خرجوا به ليقتلوه، وقد نصبوا خشبته ليصلبوه، فانتهى إلى التنعيم فقال:إن رأيتم أن تدعوني أركع ركعتين. فقالوا: دونك، فصلى، ثم قال: والله لولا أن تظنوا إنما طولت جزعاً من القتل لاستكثرت من الصلاة، فكان أول من سن الصلاة عند القتل، ثم رفعوه على خشبته، فقال: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولاتغادر منهم أحداً، اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك، فبلغه الغداة ما أتى إلينا.


قال: وقال معاوية: كنت فيمن حضره، فلقد رأيت أبا سفيان يلقيني إلى الأرض، فرقاً من دعوة خبيب، وكانوا يقولون: إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع، زلت عنه الدعوة.

وعن ماوية مولاة حجير، وكان خبيب حبس في بيتها، فكانت تحدث بعد ما أسلمت، قالت: والله إنه لمحبوس إذ اطلعت من صير الباب إليه، وفي يده قطف عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم في الأرض حبة عنب.

وقال عاصم بن عمر بن قتادة وعبدالله بن أبي نجيح: قالت: قال لي حين حضره القتل: ابعثي إلي بحديدة أتطهر بها للقتل، قال: فأعطيت غلاماً من الحي الموسى فقلت له: ادخل بها على هذا الرجل البيت، فقالت: فوالله إن هو إلا أن ولى الغلام بها إليه فقلت: ماذا صنعت ؟ أصاب والله الرجل ثأره، يقتل هذا الغلام فيكون رجلاً برجل، فلما ناوله الحديدة أخذها من يده، ثم قال: لعمرك ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي، ثم خلى سبيله، ويقال: إن الغلام ابنها.

وذكر موسى بن عقبة: أنهم لما رفعوا خبيباً على الخشبة نادوه يناشدونه: أتحب أن محمداً مكانك ؟ قال: لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه، فضحكوا منه.