من أجل ِّ نعم الله سبحانه و تعالى نعمة الحياة أو العيش في الله تعالى , و أحلى ما يشعر به المؤمن الأخوة الصادقة و الحب َّ لله تعالى , حقيقة ً المؤمن يحس بحلاوة الايمان في قلبه الصافي عن د لقائه بأحباّئه في الله تعالى .
و إن وُجد الحياة الطيبة في الدنيا ففي ظل الاخوة الايمانية و العيش مع الأحباب و الأصدقاء الصادقين , و للأسف قلَّ هذه العلاقات الصميمة بين الاخوان , و ذلك لغلبة الدنيا الزائلة و المصالح المادية الضيقة فأثّرت على القلوب و تركت آثارا ً سيئة , بل اسودّت القلوب فأصبحت لات تراعي إلا المنافع العاجلة .
- فأصبح أكثر الناس مشغولين قلبا ً و قالبا ً بالدنيا الدنيّة و التي لا تشبع , لأن متطلباتها لا تنتهي .
- قال بعض السلف (أعجز الناس من قصّر في طلب الاخوان و أعجز منه من ضيع من ظفر به منهم ) بهذا الصفاء و بهذه الرقة يتعامل الاخوان , قال العباس لابنه عبدالله : إن أرى هذا الرجل يعني عمر (رضي الله عنه) يُقَدِّمُكَ على الأشياخ فاحفظ عني خمسا ً : لا تفشين له سرا ً , ولا تغتابنَّ عنده أحدا ً ولا تُجرِّبن عليه كذبا ً , ولا تعصين له أمرا ً , ولا يطلعن منك خيانة , فقال الشعبي : كل كلمة من هذه الخمس خيرا ً من ألف.
- يقول أبا سلمان الداراني : كان لي أخ بالعراق فكنت أجيئه في النوائب فأقول أعطني من مالك شيئا ً , فكان يلقي إليَّ كيسه فآخذ منه ما أريد , فجئته ذات يوم فقلت ُ أحتاج إلى شيء , فقال : كم تريد ؟ فخرجت حلاوة إخائه من قلبي , و المؤمن مرآة أخيه , إذا رأى فيه عيبا ً أصلحه كما يقول عمر (رضي الله عنه) : ((رحم الله من أهدى إلى أخيه عيوبه)) , و كما يقول الإمام الشافعي (رحمه الله) : (من وعظ سرا ً فقد نصحه و زانه , ومن وعظه علانية ً فقد فضحه و شانه , وفي وصية ذي النون : لا تصحب مع الله إلا بالموافقة , ولا مع الخلق إلا بالمناصحة , ولا مع النفس إلا بالمخالفة , ولا مع الشيطان إلا بالعداوة . وقال إبراهيم التحمي : لا تقطع أخاك ولا تهجره عند الذنب يذنبه , فإنه يرتكبه اليوم و يتركه غدا ً .
قيل لأبو الدرداء : ألا تبغض أخاك وقد فعل كذا ... فقال : إنما أبغض عمله و إلا فهو أخي , وإلى هذا أشار (صلى الله عليه وسلم) فيما رواه البخاري عن أبي هريرة في الذي شتم الرجل الذي أتى فاحشة ً إذ قال مه ٍ , زجره و قال : (( لا تكونوا عونا ً للشيطان على أخيكم)) .
- يعتذر إليك أخوك سبعين عذرا ً فلا تقبله فأنت المعيب لا أخوك , لأن قلبك قاسي – ومن أجل أن تدوم المحبة والأخوة وضع العلماء شرطا ً في قولهم : ما تآخى إثنان في الله فتفرق بينهما إلا بذنب يرتكبه أحدهما , وكان بشر يقول : إذا قصر العبد في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه , و ذلك لأن الاخوان مسلاة ُ الهموم و عون على الدين , وقال ابن المبارك : ألذ ّ الأشياء مجالسة الاخوان , و المودة الدائمة هي التي تكون في الله , وما يكون لغرض ما يزول بزوال ذلك الغرض , ومن ثمرات المودة في الله أن تكون مع الحشر في دين و دنيا , قال تعالى (( ولا يجدون في صدورهم حاجة ً مما أوتوا أو يؤثرون على أنفسهم )) الحشر : 9 , ومن عرف فضل الأخوة في الله عز و جل , و علم درجة المحبة لله تعالى , صبر لأخيه و شكر له و حلم عنه و احتمل له , لينال ما أمّله من مؤمله فيه , وان فضيل بن عياض يقول : نظر الأخ إلى وجه أخيه على المودة و الرحمة عبادة , و يقول أيضا ً : إذا وقعت اليبة إرتفعت الاخوة و القلب يتذوق حلاوة الايمان بهذه الأخوة في قول النبي (صلى الله عليه و سلم) : (( و أن يحب المرء لا يحبه إلا لله )) , ولذلك لما قيل لسفيان بن عيينة : أي الأشياء ألذ ؟ فقال : مجالسة الاخوان , و قيل : الاخوان ثلاثة , أحدهم مثله ُ مثل الغذاء لا يُستغنى عنه , و الآخر مثله مثل ُ الدواء يُحتاج إليه في وقت , و الثالث مثله مثل الداء لا يحتاج إليه , فللأخوة في القلب حلاوة تزداد و تدوم بالحب و الود , وكان أبو عمر بن العلاء يقول : (يستحب للمتآخين في الله عز وجل أن يلتقيا في كل يوم مرتين , ولتدوم حلاوة أخوتهما في قلوبهما يكون اللقاء الدائم)
بهذه المعاني و بهذه القلوب تحيا الاخوة من جديد , و تتحول إلى نعمة من الله عز وجل , قال تعالى (( و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم , فأصبحتم بنعمته إخوانا ً )).
الآراء