بقلم: محمد حامد عليوة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد يقول الله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف: 108) الإخوان المسلمون هيئة إسلامية جامعة تعمل لإقامة دين الله في الأرض وتحقيق الأغراض والمقاصد التي جاء من أجلها الإسلام الحنيف. ويؤمن الإخوان بالإسلام عقيدة تحكم توجهات المسلمين كما يؤمنون به شريعة ومنهجًا شاملاً لكل جوانب الحياة. وفي ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الدعوة، والمكر السيئ الذي يدور حول الدعوة وأبنائها، نؤكد هنا، أن دعوة الإخوان المسلمين دعوة إسلامية صميمة، تسير على هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الدعوة والإصلاح والتغيير، وبالتالي فهي امتداد لطريق الأصالة الذي سار عليها الأولون الأكارم، دعوة نقية من المطامع والأهواء، دعوة قامت لتنهض بالأمة وتعيد مجد الإسلام التليد من جديد، ولأنها كذلك فستنتصر بإذن الله، ولن يستطيع الأعداء والخصوم أن يقفوا أمامها أو أن يوقفوا مسيرها، (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) (فاطر 43) (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) غافر 51 . ومن هنا كان هذا البيان والتوضيح حول بعض جوانب هذه الدعوة، وحقيقتها كما بين الأستاذ الإمام حسن البنا رحمه الله . يقول الإمام البنا في رسالة (الإخوان تحت راية القرآن): (أيها الإخوان المسلمون: بل أيها الناس أجمعون، لسنا حزبًا سياسيًّا وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا، ولسنا جمعية خيرية إصلاحية وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا، ولسنا فرقًا رياضية وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا. لسنا شيئًا من هذه التشكيلات، فإنها جميعًا تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة، وقد لا يوحي بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة، والتحلي بالألقاب الإدارية فيها. ولكننا أيها الناس: فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج، لا يحدده موضع ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمرٍ حتى يرث الله الأرض ومَن عليها؛ ذلك لأنه نظام رب العالمين ومنهاج رسوله الأمين). ويقول في موضع آخر في ختام رسالة (بين الأمس واليوم): (أيها الإخوان: أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبًا سياسيًّا ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحيه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داو يعلو مرددًا دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم). نخلص من كلام الإمام البنا بعدة فوائد ونتائج: · أن دعوة الإخوان دعوة ربانية: لأن الأساس الذي تدور عليه أهدافنا أن يتقرب الناس إلى ربهم، وأن ترتبط قلوبهم بمولاهم سبحانه وتعالى، وأن يتجردوا لدينهم ودعوتهم، ويخلصوا القصد والعمل لله رب العالمين. · أن دعوة الإخوان دعوة إسلامية: لأنها تنتسب إلى الإسلام العظيم بشموله وكماله وتمامه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا) المائدة 3. · أن دعوة الإخوان دعوة عالمية: فهي موجهة إلى الناس كافة، لأن الناس في حكمها إخوة أصلهم واحد (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سبأ 28. لا يتفاضلون إلا بالتقوى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .الحجرات 13. · أن دعوة الإخوان هي دعوة الشمول: فلا تنحصر في جانب من جوانب الحياة. فلا نحصرها في أعمال سياسية وصراعات حزبية ومنافسات انتخابية وإن كانت السياسة جزءًا من أعمالنا. كما يجب ألا نحصرها في أعمال اجتماعية وإغاثية ومشاركات اجتماعية، وإن كانت هذه الأعمال الخيرية جزءًا من واجباتنا ومجالاً من مجالاتنا. ولكنها دعوة شاملة تتناول مظاهر الحياة جميعًا، انطلقت بشمولها من شمول هذا الدين العظيم. · أن دعوة الإخوان هي دعوة التربية والتكوين: لأن التربية الشاملة والتكوين المستمر هما عماد هذه الدعوة. وأهم ما يميزها عن غيرها من الدعوات. فقد تمكنت من خلال منهجها التربوي أن تكون وتربي صفًا يحمل الدعوة ويتحرك بها، وهذا من أفضل نتائجها، لأن الفرد هو عماد نهضة الأمة، لذلك كان الإمام البنا يقول للإخوان دائمًا (كونوا أنفسكم تتكون بكم أمتكم). هذه التربية التي يجب أن يخضع لها الجميع الكبير والصغير القديم والجديد القائد والجندي، فليس هناك في الإخوان من هو خارج إطار التربية والتكوين. · أنها دعوة الإخلاص والتجرد: تربي أبناءها أن يقصدون بأعمالهم وأقوالهم وجه الله وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته، من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر. ولهذا كان الإخلاص ركنًا من أركان البيعة، وكان دائمًا ما ينادى الإمام البنا في الإخوان فيقول لهم (إن الخفي على هذه الطريق خير من الظاهر). · كما أنها دعوة التجرد من الأهواء والمطامع، بأن يتجرد الفرد فيها لفكرته ومبادئ دعوته عما سواها من المبادئ والأفكار والأشخاص لأنها أسمى الأفكار وأعلاها (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ). البقرة 138. · مما سبق يتبين لنا أن دعوة الإخوان المسلمين، دعوة إسلامية نقية، ربانية في منطلقها ومقصدها، محمدية في هديها، إصلاحية شاملة في منهجها، عالمية لا تحدها حدود أو تقف أمامها تخوم، أو تفتتها أجناس وأعراق، مهمتها الأساسية كما حدد الإمام البنا في رسالة إلى أي شيء ندعو الناس (سيادة الدنيا وإرشاد الإنسانية كلها إلى نظم الإسلام وتعاليمه الصالحة التي لا يمكن بغيرها أن يسعد الناس). إنها روح جديد يسرى في قلب هذه الأمة فيحيه بالقرآن. · هذه هي حقيقة دعوة الإخوان المسلمين، واهم وعاجز من يظن أن باستطاعته محاصرتها والقضاء عليها، وخاسر وخائب من لا يعتبر بسنن الله في الدعوات، فمن يحاول محاصرة دعوة الله، أو منعها أن تصل للناس، كالبائس الذي يريد أن يحجب ضوء الشمس عن الناس، (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) الصف 8 . والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الآراء