من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب السر.
واسم اليمان: حسل ويقال: حسيل – ابن جابر العبسي اليماني، أبو عبد الله حليف الأنصار، من أعيان المهاجرين.
وكان والده (حسل) قد أصاب دماً في قومه، فهرب إلى المدينة، وحالف بني عبدالأشهل. فسماه قومه (اليمان) لحلفه لليمانية، وهم الأنصار.
شهد هو وابنه حذيفة أحداً فاستشهد يومئذ. قتله بعض الصحابة غلطاً، ولم يعرفه، لأن الجيش يختفون في لأمة الحرب، ويسترون وجوههم، فإن لم يكن لهم علامة بينة، وإلا ربما قتل الأخ أخاه، ولا يشعر. ولما شدوا على اليمان يومئذ بقي حذيفة يصيح: أبي! أبي! يا قوم! فراح خطأ، فتصدق حذيفة عليهم بديته.
عن أبي يحيى، قال: سأل رجل حذيفة، وأنا عنده، فقال: ما النفاق ؟ قال: أن تتكلم بالإسلام ولا تعمل به.
عن ابن سيرين، أن عمر كتب في عهد حذيفة على المدائن: اسمعوا له وأطيعوا، وأعطوه ما سألكم. فخرج من عند عمر على حمار موكف، تحت زاده، فلما قدم استقبله الدهاقين وبيده رغيف، وعرق من لحم.
ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان، وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة.
قال حذيفة: ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي، فأخذنا كفار قريش، فقالوا: إنكم تريدون محمداً! فقلنا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا العهد عليها: لنصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: (نفي بعهدهم، ونستعين الله عليهم).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أسر إلى حذيفة أسماء المنافقين، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة.
وحذيفة هو الذي ندبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو، وعلى يده فتح الدينور عنوة. ومناقبه تطول رضي الله عنه.
عن حذيفة، قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقي فقال:) الائتزار ها هنا، فإن أبيت فأسفل، فإن البيت، فلا حق للإزار فيما أسفل الكعبين). وفي لفظ: (فلا حق للإزار في الكعبين).
عن الزهري: أخبرني أبو إدريس: حذيفة يقول: والله إني لأعلم الناس بكل فتنه هي كائنة فيما بيني وبين الساعة.
قال حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.
عن حذيفة، قال: قام فينا رسول الله مقاماً، فحدثنا بما هو كائن إلى قيام الساعة، فحفظه من حفظه ونسيه من نسيه.
قلت {أي الذهبي}: قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرتل كلامه ويفسره، فلعله قال في مجلسه ذلك ما يكتب في جزء، فذكر أكبر الكوائن، ولو ذكر ما هو كائن في الوجود، لما تهيأ أن يقوله في سنة، بل ولا في أعوام، ففكر في هذا.
مات حذيفة بالمدائن سنة ست وثلاثين، وقد شاخ.
عن أبي عاصم الغطفاني، قال: كان حذيفة لا يزال يحدث الحديث، يستفظعونه. فقيل له: يوشك أن تحدثنا: أن يكون فينا مسخ! قال: نعم: ليكونن فيكم مسخ: قردة وخنازير.
عن بلال بن يحيي، قال: بلغني أن حذيفة كان يقول: ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض. قالوا: وأنت ؟ قال: وأنا والله، إني لأدخل على أحدهم وليس أحداً إلا فيه محاسن ومساوئ فأذكر محاسنه، وأعرض عما سوى ذلك، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء، فأقول: إني صائم، ولست بصائم.
عن الحسن، قال: لما حضر حذيفة الموت، قال: حبيب جاء على فاقه، لا أفلح من ندم! أليس بعدي ما أعلم! الحمد لله الذي سبق بي الفتنة! قادتها وعلوجها.
عن النزال بن سبرة، قال: قلت لأبي مسعود الأنصاري: ماذا قال حذيفة عند موته ؟ قال لما كان عن السحر: قال: أعوذ بالله من صباح إلى النار، ثلاثاً. ثم قال: اشتروا لي ثوبين أبيضين، فإنهما لن يتركا علي إلا قليلاً حتى أبدل بهما خيراً منهما، أو أسلبهما سلباً قبيحاً.
الآراء