أحاول أن أتطرق في هذه المقالة إلى مهمة الدول الغربية للقضاء على الإخوان المسلمين بقيادة إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية في بداية نشأتها إلى يومنا هذا وفشلهم.

يا ترى لماذا؟ 

الشرق والغرب والعالم يعلمون أن الإخوان جماعة لها خصائص تميزها عن غيرها من الجماعات الإسلامية التي عادة ما يتم إلصاق التطرف والتشدد بها. 

إنَّ الإخوان جماعة إسلامية معتدلة بعيدة عن الإفراط والتفريط وهدفها تطوير الأمتين العربية والإسلامية والقضاء علی الفسدة والدكتاتورية والكف عن استجداء الغرب ومد يد العون لها، في ظل القوانين الإسلامية التي تريد التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم.

سأشير إلي بعض المؤامرات التي كانت وما تزال الدول الغربية  بقيادة إسرائيل  وأذنابهم في الشرق الأوسط تحیکها للقضاء علي الجماعة مهما كلف الأمر.

فلنرجع إلى بدايات تأسيس الجماعة في عهد الإمام حسن البناء و الأسباب التي دعت إلى نشاة الإخوان:

 الهيمنة الدكتاتورية التي كانت سائدة في أيام الإمام حسن البناء  وعدم وجود الحكومات الديمقراطية في العالم الإسلامي خاصة في مصر، ثم التبعية الرجعية والتخلف العلمي والاقتصادي والثقافي والفساد الأخلاقي والاجتماعي والاتكاء على الغرب للتسول ونهب أموال المسلمين و...أدت إلى إنفجار بركان عظيم بين أوساط المسلمين  وذلك للحد من سقوط الكرامة الإنسانية في المستنقع الجهل والظلام والتخلف الذي هيّأه الإستعمارالوحشي للمسلمين العزّل الذين أصبحوا فريسة لهم ولمؤامراتهم .

يرى الكاتب والباحث عبده مصطفى دسوقي  أن أسبابا كثيرة أدت إلى ظهور ونشأة الإخوان منها :

1-خضوع الحكام ووقوعهم تحت سيطرة المحتل(الاستعمار البريطاني)، وسير الأحزاب في فلك سياسة المستعمر. 

2-تفشي الفساد الاجتماعي، كالانحلال الخلقي، وبيوت الدعارة، والفقر بين طبقات المجتمع، وانتشار جماعات التبشير.

3-تدني مستوى التعليم وتغريبه وربط مناهجه بمناهج الغرب، وبُعدُها عن المنهج الإسلامي.

4-انهيار الاقتصاد المصري، وانتشار البطالة، واعتماد الاقتصاد على الزراعة فحسب، والتي كانت تخدم المستعمر الإنجليزي.

5-استمرار سيطرة الشركات الأجنبية على الاقتصاد المصري، وعن ذلك يقول الإمام البنا- رحمه الله-: "شركات الاحتكار في مصر وضعت يدها على مرافق الحياة والمنافع العامة؛ فالنور والمياه والملح والنقل ونحوها، كلها في يد هذه الشركات التي لا ترقب في مصري إلاًّ ولا ذمّة، والتي تحقِّق أحسن الأرباح، وتضنّ حتى باستخدام المصريين في أعمالها".

6-استمرار ارتباط الاقتصاد المصري بالاقتصاد البريطاني، واعتماد النقد المصري على أذونات الخزانة البريطانية .

من هذا المنطلق أصبح تاسيس الإخوان من أوجب الواجبات أمام كم هائل من الأزمات الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية التي طالت البلاد، لذلک ألزمت الجماعة نفسها أن تقود المجتمع المصري الإسلامي للرجوع إلى الصواب وتدفعهم لتطور بلادهم ومنافسة الأوربيين والغرب في كل الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتعليمية وتنمية عجلة الاقتصادية التى كانت تحت قبضة الاستعمار الذي استغل ثروات الشعب ونهبها طوال قرون عدة .

من هنا بدأ الغرب بالمؤامرة على الإخوان وسخر كل طاقاته للقضاء عليها  بواسطة أذنابه التي رباها  بيده وهي الحكم الملكي الفاروقي الذي عرقل مشروعهم النهضوي.

يقول الكاتب والباحث عبده مصطفى دسوقي:

«فحقيقة الإخوان المسلمين تقوم على أنها دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية و ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية» كل هذه الجوانب تكمن في مشروع نهضوي الذي تسعى إليه الجماعة إلى إعادة الأمجاد الأمة العربية والإسلامية. وأنه لا خلاص من هذه الحقبة والمحنة الاستعمارية إلا بالرجوع  إلى الله والإيمان بمبدأ الحرية والعدالة الاجتماعية والمشاركة البنائة لمستقبل أفضل.

وقد حذر الإخوان المجتمع المصري من الاستعمار وبذل جهودا لفضح مخططاتهم الإجرامية للعلن وسعيهم لسلب حرياتهم وتقييدها وحرمانهم للوصول الي أبسط الحقوق وهي مشاركتهم للنهوض بتنمية البلاد.

لقد أدركت الدول الغربية والمستعمرة خطورة هذه الجماعة بل أصبحت تهديدا مباشرا لمصالحها ولمخططاتها في الشرق الأوسط عامة وفي مصر خاصة، من هنا تحركت جاهدة للقضاء عليها وذلك بالتعاون مع القوى اليسارية والعلمانية التي تربت في أحضانها وتحريضهم عليها أصبح القضاء على الإخوان أمرا لابد منه في بداية النشأة لأنه كان يحمل مشروعا  هادفا  وبناء  الذي يواكب الفطرة السليمة. لقد زادت شعبيته بين الضعفاء والمستضعفين والفقراء والمظلومين؛ من هنا أدركت البريطانيا الذئب الوحشي الذي مزق ديار المسلمين إربا إربا، بأنه لا سبيل إلا بقطع رأس الأفعى لكي تنجو من هذا البركان العظيم الذي ناره تلتهبها وتحرقهاوحلفائها الأخرى واحداً تلو الآخر.

اغتيال مؤسس الحركة:

«اغتالته حكومةإبراهيم عبد الهادي السعديّة بسلاح حكومي، وموظّفين حكوميين، وبقرار المستعمر البريطاني، في القاهرةليلة 12 شباط1949الموافق 1 ربيع الثاني 1367 بعد مقتل رئيس وزراء مصرمحمود النقراشي، الذي أصدر القرار بحل «جماعة الإخوان المسلمين بناء على أوامر القيادة العليا للقوّات البريطانية في الشرق الأوسط، والذي كان ضالعا مع العرش والاستعمار في إجهاض القضية الفلسطينية ، على يد المخبر أحمد حسين جاد، عندما أراد عبد الهادي أن يقدّم رأسه هديّة لفاروق في العيد السنوي لجلوسه على العرش» نقلا عن موسوعة الإخوان.

بعد مقتل المؤسس ضعف الإخوان بسبب الاعتقالات العشوائية وبلغت  ذروتها خاصة في إيام جمال عبد الناصر الذي كان سببا لإعدام كثير من القيادات وسجن الأعضاء البارزين من مكتب الإرشاد، لكن هل قضي عليه ؟ الإجابة واضحة!!

يقول المثل العربي « الأسد يمرض ولا يموت »  نعم  يمكن في حقبة من الزمن أن تضعف لكن بسبب إيمانها بالله وتوكلها علی الله حق التوكل لن تضمحل. يقول السيد قطب رحمه «عندما تم اغتيال حسن البنا أخذ الأمريكيون بالابتهاج والفرح مما أثر في نفسيتي وأردت أن أتعرف على هذه الحركة عندما أعود إلى بلدي. فبدأت في التحول الحقيقي خاصة بعد ما رأيت بعيني كراهية الغرب للإسلامیین العرب وفرحهم الشديد بمقتل حسن البنا» نقلا عن موسوعة الإخوان. 

الإخوان والديمقراطية وعرقلة الدول الغربية ومؤامرتها عليهم:

الديمقراطيه" لفظ أعجمي، ،والإخوان المسلمون لا يرون إشكالا في تطبيقها  والوصول إلى الحكم بواسطتها «لعدد من الأسباب، منها وجود قواسم مشتركة كثيرة بين الديمقراطية و نظام "الشورى"، لعل أهم هذه الأسباب أن "لُبّ الديمقراطية هو ثلاث حريات: حرية الرأي، وحرية التنظيم، وحرية المشاركة والانتخاب الحر"، وهي حريات تصونها الشريعة الإسلامية، قال تعالى:(لا إكراه في الدين) (البقرة: 256)، وقال سبحانه:( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (آل عمران: 104)، وقال رسول الله ص: "لا يكن أحدكم إمّعة، يقول: "إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساء الناس أسأت، ولكن وطّنوا أنفسكم على أن تُحسنوا إن أحسن الناس أو أساءوا"، ولعمر بن الخطاب رضي الله عنه قولته المشهورة: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً".» نقلا عن موسوعة الإخوان

لقد حاولت  جماعة الإخوان في القرن الماضي أن تقول للعالم بأن مجتمعه الإسلامي له الحق للنهوض والتنمية كباقي الشعوب التى من حقها أن تسعى لمبتغاها وعلى العالم احترام ذلك؛  لكن الغرب  یدرک بأن المشروع النهضوي الذي تسعى إليه جماعة الإخوان توحي بتدمير مخططاتهم وإضعاف نفوذهم السياسي والاقتصادي في المنطقة؛  تلك ما لا تريدها الدول الغربية التي طيلة القرون الماضية كان الشرق الأوسط طعمة دسمة لهم ولأقزامهم الصهاينة.

أحاول جاهدا أن أسلط الضوء على المؤامرات التي ساقتها الدول الغربية بالتعاون مع أذنابهم الديكتاتوريين للحد من إنجاح المشروع النهضوي الإخواني:

لا شك أن الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية تدعي أنها حامية الديمقرطية  وتسعى دوما لحماية حقوق الإنسان! لكن ليس هناك أدنى شك بأن تطبيق الديمقراطية في الشرق الأوسط  ليست لمصلحتها!!!! لأنها تدرك بأن الديمقراطية في الشرق الأوسط هي الطريق الذي يمهد لوصول الإسلاميين إلى الحكم  وإقامة مشروعهم كما تم ذكره سلفا؛ ولا ننسى بأن الدول الحاكمة في الشرق الأوسط كانت نتيجة إنتاج الاستعماري إبان حقبة الاستعمار في المنطقة، وأن هذه الدول والحكومات تسعی جاهدة لإرضاء أسيادهم الغربيين وحمايتهم و تأمين ممرات آمنة لنهب ثروات المجتمع الإسلامي والعربي. من هذا المنطلق ترى الولايات المتحدة الأمريكية بأن الدفاع والوقوف بجانب الديكتاتوريين في الشرق الأوسط تضمن مصالحهم الاقتصادية وهيمنتهم العسكرية ویلعبون دور حراس لضمان أمن إسرائيل. الغرب على علم  تماما بأن الإسلاميين سوف يقودون العالم الإسلامی نحو التطور والتنمية  على غرار حكومة أردوغان الذي بحنكته وإيمانه بالمبادئ الإسلامية والحفاظ على ممتلكات الدولة وعدم سرقة ثروات شعبه أصبحت تركيا على مرمى تنافس الدول الأروبية المتقدمة التي لا يريد  الغرب أن تتکرر هذه التجربة مرة أخرى.

 المؤامرات الغربية لتعويق المشروع النهضوي الإخواني 

أولا: على المستوى المصري وعدم سماحهم للمشاركة السياسية:

1-في أواخر عام 1944 خاض الإخوان الترشح لمجلس النواب فترشح  الإمام حسن البنا في دائرة الإسماعيلية وعدد آخر من قيادات الإخوان في دوائر أخرى، وفشلت ضغوط الإنجليز وحكومة أحمد ماهر السعدية آنذاک لإجبار الجماعة على الانسحاب، فمارس الإنجليز كل وسائل الضغط والتزوير وتدخل الجيش الإنجليزي ومنع الناخبين من التصويت لمرشحي الإخوان، فلم يفز الإخوان بأي مقعد.

2-بطش جمال عبد الناصر و جبروته علي إخوان لم يسمح لأعضائه بالمشاركة السياسية بل قام بحل الجماعة وإعدام رموزها، كسيد قطب. 

3-المحاكمات العسكرية القمعية التي طالت القيادات طيلة حكم أنور السادات ومبارك، أدت إلى تدني التمثيل السياسي للإخوان في مصر.

4-بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك المخلوع قررت جماعة الإخوان المسلمين خوض المعركة وذلك بالمشاركة في الانتخابات التشريعية والتنفيذية، وبفضل أدائها القوي وصمودها كسرت حاجز الظلم والقهر والتزويروالمعاناة التي ذاقها الشعب المصري  طوال القرن الماضي، لكن المؤامرة الغربية والإسرائيلية والأروبية والإقليمية والعربية أفصحت عن كرهها وحقدها تجاه الإسلام والإخوان، واستطاعت ان تسخر كل طاقاتها للانقلاب على رئيس شرعي منتخب الذي وصل إلى سدة الحكم عبر صناديق الانتخابات.

5-بعض القادة فی الجيش المصري رأوا بأن الانقلاب على مرسي وقتلهم وإبادتهم سينهي الكابوس الإخواني الذي طال البلاد طيلة 80 سنة واستخدموا كل طاقاتهم للقضاء عليهم كفض اعتصامي الرابعة والنهضة والمجازرالتي ارتكبوها بحق المتظاهرين العزل الذين كانوا يطالبون بأبسط حقوقهم وهوالعيش بكرامة الإنسانية بعیداعن استجداء الغرب، وظنا منهم بأنهم سوف يتم إزالتهم إلى الأبد، ضحكوا على ذقونهم وسرعان ما أدركوا أنهم حفروا قبورهم بأيديهم. لأن الاخوان ليست حركة و إنما فكر والفكرلا يضمحل بالقوة وإنما بالفكر.

أما على المستوى الفلسطيني وعدم سماحهم للمشاركة السياسية:

 لما فازت حركة حماس المنبثقة أفكارها من جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية في فلسطين عام 2006 تم تشكيل الحكومة الفلسطينة من قبل حماس. لم یمض طويلا على ولادة الديمقراطية في فلسطين، سرعان ما قررت مرتزقة حركة فتح بقيادة محمود عباس الانقلاب على حركة حماس وخروجها من المعركة السياسية بعد التهديدات الإسرائيلية والأمريكية بقطع المساعدات المالية المخصصة لها سنويا؛ وعرقلت الحركة السياسية الديمقراطية في فلسطين المحتلة.

خلاصة القول:  القضاء على الإخوان من مستحيلات الزمان وهي تكمن في الأمور التالية:

1-إن الإخوان هي الجماعة الوحيدة المنجية للعالم الإسلامي برمته التي تحمل مشروعا نهضويا وإصلاحيا من جهة، والقضاء على بحر متلاطم من الفساد والجهل  والتخلف والرذيلة من جهة أخرى، ونجاة الأمة تحت وطأة الاستعمار الوحشي في القرن الواحد والعشرین

2-إن تنظيم الإخوان هو تنظيم فكري قبل أن يكون تنظيما جماعيا ومنظما وبالتالي لايمكن القضاء على الفكر مهما بلغ العدو إلى ذروة القدرة.

3-إن جماعة الإخوان المسلمين في العالم الإسلامي من كبرى الجماعات على الإطلاق، لها شعبيتها الواسعة لدى المسلمين، إضافة إلى مشاركتها في صنع القرار في بعض الدول كتركيا والأردن والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا وغيرها من الدول؛ بل هي جزء نسيج من المكونات الأساسية في المجتمعات الإسلامية فلا يمكن إهمالها وعدم الالتفات إلیها.

4-توكلهم علي الله حق توكله وإيمانهم بالله وبمبادئ الإسلام والإيمان بأن الله ناصر دينه؛ واستقامتهم وتحملهم للأذي التي نالوها طيلة القرن الماضي وقوة قلوبهم بالله بأن الله ناصرالمظلومين... كيف يمكن لهذه الجماعة اضمحلالها والقضاء عليها ؟!

5-أصبحت جماعة الإخوان المسلمين رمزا للأمة الإسلامية، أي أن الإخوان هي العالم الإسلامي والعالم الإسلامي هو الإخوان، و بالتالي إذا تم القضاء على الأمة الإسلامية بأكملها سوف يتم القضاء على الإخوان. يا ترى هل سيقضى علينا؟

 

المصادر

1-الكاتب والباحث عبدو مصطفى دسوقي 

2-موقع موسوعة الإخوان 

3-موقع الإخوان اون لاين