إشارة: إن ذکری حرق المسجد الأقصی المبارک بید الصهاینة قبل أکثر من 46 عاماً [21 أغسطس 1971] تشکل مناسبة سنویة تحت عنوان "الیوم العالمی للمساجد" وذلک بعد اقتراحها من قبل الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة علی أعضاء منظمة التعاون الإسلامی فی مؤتمرها الثلاثین. وبهذا الصدد ومن خلال ملاحظة سریعة نرید أن نتطرق إلی موضوع المسجد في إیران.
یحتل المسجد مکانة مرموقة في المنظور الإسلامي فهو مکان للعبادة ومکان لطلب العلم وملتقی المؤمنین  وهو مجتمع المسلمین ومنتداهم لتدبیر شؤونهم العامة والخاصة وهو الذي يلوذ به كل مسلم ليبسط فيه آلامه وآماله؛
بناء علی هذا ما من بلد مسلم أو قریة مسلمة إلا وفیها عدد من المساجد یتوافد علیها المسلمون بین عشية وضحاها.  
وبلغة الأرقام  عدد المساجد في إیران یبلغ حوالي 70 ألف مسجد، منها 60 ألف للشیعة و 10 ألف لأهل السنة. ولو افترضنا أن نسبة سکان أهل السنة يبلغ 15% من مجمل الإیرانیین البالغ عددهم 80 ملیون نسمة یمکن اختصاص مسجد واحد لألف ومئتي شخص بمعدل أقل قلیلا من نصیب الشیعة من المساجد.
ومع أن عدد المساجد اتخذ اتجاها متزایدا منذ اندلاع الثورة الإسلامیة ووصل من 25 ألف مسجد في سنة 1979 إلی 72 ألف أي تزاید ثلاثة أضعاف ولکن هذا العدد من المساجد لا یتناغم مع زيادة عدد السكان ومع أهداف الثورة الإسلامیة ولا یقنع الخبراء الإسلامیین. وإذا قارنا هذا العدد من المساجد  مع عدد مساجد  بعض البلدان الإسلامیة، يبدو بوضوح وجلاء أن  هذا الرقم غیر متکافئ.
بناء علی هذا و للوصول إلى الحالة المثالية، وهي مسجد واحد لـکل 250 مصل، فإننا  نحتاج إلی کثیر من المساجد . هذا فإن الحکومة تهدف إلى  تحسین النصیب الفردي من المساجد طوال الفترتین القادمتین حتی یصل هذا العدد إلی 92 ألف مسجد لسنة 1404 (2025)
طهران أشد فقرا للمسجد من سائر المدن الإیرانیة
إذا افترضنا معدل المساحة الخاصة للفرد للمسجد 6 أمتار [وإن لم یتم تطبیقه في أي مکان] فإن النصیب الفردي للمسجد في طهران 15 سنتيمترات فقط ؛ یعنی أن طهران بحاجة إلی بناء کثیر من المساجد.
وفي المناطق السنیة لا یختلف کثیرا هذا الإحصاء عن غیرها إلا أن عدد المساجد الغیر الفعالة أعني المساجد التي لا تقام فیها الصلوات الخمس أو صلاة الجمعة قلیلة جدا.
ثم إن کیفیة انتشار المساجد في المدن السنیة یختلف من بلد لآخر ولا یتبع نمطا واحدا؛ هناک مدن مشهورة بکثرة مساجدها کمدینة سنندج البالغ عددها أکثر من 386 مسجدا وتقام صلاة الجمعة في 10 مساجد وهکذا مدینة زاهدان 369 مسجدا وهناک مدن مشهورة بجمال المساجد وزخارفها کالمساجد التي بنیت في مدن المحافظات الجنوبیة ومن جانب آخر هناک بعض المناطق التي لا تزال تعاني من قلة عدد المساجد نظرا إلى  العوائق التي یواجهها المواطنون للحصول علی التراخیص  لبناء المسجد أو إعادة إعمارها أو تدخلات حکومیة في اختیار أمناء المساجد أو من خلال اتخاذ اجراءات تعسفیة في تنصیب أئمة الجمعة والجماعات؛ وکثیرا ما تبرز هذه الحالة في المناطق التي یعیش فیها أهل السنة في الأقلیة کمنطقة طالش شمالي إیران ومدن أخرى مثل مدينة كرمانشاه غربي البلاد و غيرها من المدن.
هذا وسکان أهل السنة الذین یعیشون في العاصمة طهران بأمس حاجة إلی عدد من المساجد ومع الأسف لم یسمح لهم ببناء مسجد واحد في طهران رغم متابعات کثیرة وهذه الشریحة الکبیرة (أکثر من ملیون نسمة) لا یجدون مسجدا لهم لأداء شعائرهم الدینیة إلا بعض الأماکن الاستجاریة التي یطلقون علیها البعض عنوان المسجد تیمنا وتبرکا.
ویمکننا أن نضیف إلی ذلک الحالة المعیشیة لأئمة الجمعة والجماعات ومشاکلهم المادیة؛ فعلیا أن معدل الرواتب التي یتلقاها أئمة الجماعات من مراکز خدمات الحوزات العلمیة تترواح بین 40 إلی 70 ألف تومان شهریاً [10 دولارات إلی 18 دولارا] بینما أن خط الفقر في إیران یدور حول ملیوني تومان شهریاً [500 دولار] وکثیرا ما یضطر هؤلاء الشریحة الکادحة للتوجه إلی الأعمال والمهن الحرة وهذا قد تؤثر سلباً علی کیفیة دراستهم وتعلیمهم خاصة أن هناک مساجد یبیت بجانبها عدد من الطلاب یدرسون عند إمام المسجد کما نراها في المناطق الکردیة؛ فکل من المدرس والطالب یتضرر من الناحیة الشخصیة والعلمیة إذا انخرط المدرس في الأعمال الحرة.
ومن المتوقع أن یقوم المعنیون بالأمر بتقدیم حلول للتعويض عن أوجه القصور التي تحول دون نمو عدد المساجد وتمس بمکانة العلماء خَدَمة الدین في کل ربوع البلاد ونری مساجدنا معمورة بحشود المصلین وعلماءنا یتمتعون بحیاة کریمة بغض النظر عن المذهب والمعتقد.