أ.د. زينب عبد العزيز «الفاتيكان كيان إجرامي دولي».. بهذه العبارة المرعبة بكل ما تتضمنه من معاني إدانة مهينة، قررت «محكمة العدل الدولية لقانون الأعراف» (ICLCJ) في بروكسل، والمتضامنة مع «المحكمة الدولية ضد جرائم الكنيسة والدولة(ITCCS)، وأعلنت حكمها في واحدة من أخطر وأقبح قضايا العصر إجراماً وبشاعة، والتي تم ويتم التعتيم عليها بصورة فاضحة لكيفية تعامل الغرب الصليبي المتعصب مع بعض الحقائق التاريخية والعصرية. ونظراً لأهمية مثل هذا الموضوع وكل ما يتضمنه أو يشير إليه من حقائق تاريخية جسيمة مهولة وممتدة، يتم التعتيم عليها منذ بضعة قرون، فلا يسعني إلا أن أبدأ بترجمة قرار الإدانة هذا، وفيما يلي نصه: «في 25 فبراير 2013م تم الاعتراف قانوناً بأن الكنيسة الكاثوليكية الرومية وقياداتها العليا اقترفوا جرائم ضد الإنسانية والتآمر الإجرامي الدولي لتسهيل وتشجيع تجارة الأطفال». وهذا القرار الصادر عن «محكمة العدل الدولية لقانون الأعراف» قد أثبت أن الكنيسة الكاثوليكية ومقرها الإداري، بما في ذلك الفاتيكان، عبارة عن كيان إجرامي وفقاً للقانون الدولي. جاء هذا الكلام الذي لا يتصوره عقل في التقرير الصادر عن المحكمة ووقع عليه الأمين العام، السيد «جورج دوفور» George Dufort) ) بتاريخ 4 أغسطس 2013م، ويواصل التقرير: «وفي 11 يوليو 2013م قام البابا «فرانسيس» (يورج برجوليو) بتأكيد الكيان الإجرامي للكنيسة، وذلك بإقرار قوانين كنسية جديدة تنصح أتباعها ورجال الدين والعاملين بها وتحثهم على الإجرام.. فهذه القوانين والوضع العام للبابا يؤكد وجود قانون كنسي يحمي اغتصاب الأطفال والمحاولات الإجرامية، وذلك بدفع الكاثوليك إلى محو الآثار الدالة على اغتصاب الأطفال والاتجار بهم عن طريق الكنيسة، وتهديد كل من يقوم بكشف هذه الأدلة». خرق القوانين ووفقاً لهذه الملاحظات والقوانين، فإن البابا «فرانسيس» لم يأمر فحسب أتباعه بخرق القانون، وإنما بالقيام بخيانة بلدانهم، وذلك بخرق قوانين حماية الأطفال وتقويض عمل أقسام البوليس.. وباختصار فإن البابا لا يقوم فحسب بتسهيل الاغتصاب الدولي للأطفال والاتجار بهم، لكنه يدير مؤامرة إجرامية ضد سيادة دول أخرى وقوانينها. فوفقاً للقانون الدولي، إن مثل هذه الأفعال تعد بمثابة عمل حربي، وهؤلاء المسؤولون تم الإعلان رسمياً أنهم أعداء للإنسانية، فلابد من أن نقوم بتعريف العالم أن البابا «فرانسيس»، رئيس الكنيسة الرومية، هو في الواقع عدو للإنسانية، وبناء على ذلك أصدرت «محكمة العدل الدولية لقانون الأعراف» في بروكسل أول أغسطس 2013م أمراً بالاعتقال الفوري لـ«يورج برجوليو» على هذه الجرائم. وعلينا أن نكشف على أوسع نطاق أن الكنيسة الكاثوليكية الرومية، بصفتها كيان إجرامي دولي متورطة فعلاً في الاتجار بالأطفال، واغتصابهم، وتعذيبهم، ومتورطة أيضاً في غسيل الأموال، لذلك فهي بمثابة منظمة إجرامية دولية في حرب ضد الإنسانية والأطفال وقوانينها. وبالتالي، فإن الكنيسة الكاثوليكية الرومية خاضعة لكافة العقوبات التي أقرّتها الأمم المتحدة ضد الجرائم الدولية المنظمة (عام 2000م)، وهذه العقوبات تتضمن الاستيلاء على كافة الأموال والممتلكات والثروات الخاصة بالكنيسة، واعتقال المسؤولين الرسميين بها وإعادة كل ما قاموا بالاستيلاء عليه. حل الفاتيكان وهناك منظمات معترفٌ بأنها إجرامية، مثل الفاتيكان وكنيسته، فقد جُرّدوا من حقهم في الوجود، وحكمت الإنسانية المتمدينة بحلها، وذلك لا يتعلق بثرواتها فحسب وإنما بنظامها وقوانينها وسلطاتها فقد أُلغيت إلى الأبد، وكل من يساهم في مثل هذه المؤسسات ويدفع أموالاً لنشاطها يقترف جريمة التورط مع خونة رسميين. إن القيادات العليا للكنيسة الرومية بدءاً من البابا «فرانسيس» نفسه هم هاربون من العدالة، وصدرت ضدهم أحكام أول أغسطس، بل وقبل ذلك في 5 مارس 2013م، لذلك فإن هؤلاء الكنسيين الرسميين لم يعد لهم أي حق لا قانوني ولا أخلاقي، أوالانتماء أو الطاعة لأي من كان، وكلاهما، ومنظماتهما يجب أن يُشجبوا وأن يُقالوا وفقاً للقانون. وعلى نطاق أوسع، فإن إنكار هذه المؤسسة الإجرامية وإقالتها ليس قانونياً فحسب وإنما ضروري، وذلك منذ فترة طويلة، لأن كنيسة روما، منذ قرون، تتصرف كقوة خارجية لا تكف عن النهب وإشعال حروب بلا حدود ضد الإنسانية.. إن كنيسة روما والحكومات الحليفة قد اعتدوا عن غير وجه حق واحتلوا وهدموا أمماً، واغتصبوا وأخلوا بلداناً من ثرواتها الواسعة ومن حيويتها، وأشعلوا حروباً شرسة من العدوان والقتل العرقي ضد شعوب أخرى واغتالوا الملايين منهم وحدّوا من حرياتهم، وألغوا حقوقهم وحرياتهم، واغتصبوا وعذبوا وحطموا عدداً لا حصر له من الأطفال، وأبقوا العالم في حالة من الذعر والتبعية والإفقار، وكل هذه الجرائم لا تزال تتواصل بمساعدة بعض حكومات العالم. قوى متواطئة وبعض هذه القوى المتواطئة تضم التاج البريطاني، والحكومة والكنائس في كندا، وقد تمت محاكمتهم وإدانتهم عن طريق محاكمتنا لهذه الجرائم من القتل العرقي، وهم خاضعون لنفس الإدانة القانونية التي تنص على إيقافهم وإلغائهم، كما أن أي حكومة أو وكالة في العالم تستمر في الاعتراف أو في مساندة الكنيسة الإجرامية في روما والعاملين بها يعد متورطاً في الجريمة وخاضعاً للعقوبات. وخاصة الحكومة الإيطالية من خلال التزاماتها تجاه الفاتيكان بموجب اتفاقيات «لاتران»، فهي بذلك مساهمة فعالة في جرائم الكنيسة الكاثوليكية الرومية، إذ بموجب هذه الاتفاقية فهي متورطة في نفس المؤامرة الإجرامية لجرائم الحرب التي تقوم بها هذه الكنيسة. إن الحكومة الإيطالية وأي دولة تعتمد أو تعترف بالفاتيكان يمكن بالتالي أن تخضع للقانون بما أنه نظام إرهابي إجرامي يمثل تهديداً ضد الإنسانية، ويخضعون بجدارة للقانون وللعقوبات وللضغوط المستخدمة عادة ضد البلدان التي تشعل الحروب. وهذا يعد صُلب موضوع هذا البيان: لذلك من الضروري أن نذكر «لورد آكتون» (Lord Acton) لكي يحكم التاريخ على هذه الأنظمة الإجرامية حينما ترفض القوانين القائمة تنفيذ ذلك.. واليوم إن التاريخ ممثلاً في قدرة الرجال والنساء في كل مكان للمطالبة بالقانون واستخدامه لإقالة السلطات التي تقهرهم منذ قرون وحطمت أطفالهم. إن محكمتنا للعدالة الدولية وقانون الأعراف هي أول خطوة لهذه المطالبة، وإدانة البابا «بنديكت 16» والفاتيكان في فبراير الماضي كانت طلقة الانفتاح على العالم؛ واليوم فإن هذا البيان الصادر في 4 أغسطس 2013م هو الخطوة التالية لإلغاء سلطة أقدم وأعنف منظمة في تاريخ البشرية وهي «كنيسة روما». وبناء عليه، فإن هذا البيان هو في آن واحد تأكيد لهدف ووسيلة قانونية يمكن بواسطتها أن ينضم الرجال والنساء من جميع أنحاء العالم إلى القانون والعدالة، وأن يدعموا حكم التاريخ وحكم هذه المحكمة ضد الفاتيكان ونظامه الإجرامي. مجرم حرب وبناء على ذلك يتم إقرار ما يلي: 1- «يورج برجوليو»، البابا المدعو في كنيسة روما هو مجرم حرب تبحث عنه العدالة الدولية، وكل الرجال والنساء عليهم مساعدة المفوضين والوكلاء المنتدبين من هذه المحكمة لتنفيذ القرار والعقوبة. 2- ابتداءً من هذا التاريخ، فإن الكنيسة الكاثوليكية الرومية تم الاعتراف بأنها منظمة إجرامية عالمية مجردة من ثرواتها وممتلكاتها وسلطتها وأيضاً من حقها في الوجود كهيئة نظامية، فقد تم حلها كمنظمة وإلغاء تنظيماتها وقوانينها، وجميع الأشخاص ملزمون بإنكار منظمة بلا أساس مع هذا الكيان الإجرامي وإلا خضع للعقاب والسجن. 3- جميع مواطني كل دولة مصرح لهم بالتعاون على الإقالة الفعلية للكنيسة الكاثوليكية الرومية بما فيها الفاتيكان والاستيلاء سلمياً على أموال وممتلكات وثروات هذه المنظمة، والعمل على اعتقال الرسميين والأعضاء الكنسيين خاصة المتعرّف عليهم أو المتشكّك فيهم بأنهم مغتصبو أطفال. وهذا البيان الموقع والمؤرخ من المستخدم، بمثابة التصريح القانوني للقيام بهذه الأعمال تبعاً لقرار القبض الصادر عن محكمتنا في أول أغسطس 2013م. هذه الوقائع وسلطة المحكمة معلنة ومصدق عليها من الموقّع على هذا البيان: «جورج دوفور»، الأمين العام، في 4 أغسطس 2013م. أدلة جديدة وفي 28 أكتوبر 2013م أصدرت «المحكمة الدولية ضد جرائم الكنيسة والدولة» (ITCCS) وإدارتها العامة في بروكسل، بياناً تؤكد فيه ظهور أدلة جديدة تدين الفاتيكان والبابا السابق «بنديكت16»، دفعت ببعض السياسيين الإيطاليين إلى تناول الموضوع جدّياً للتدخل فيه، بعد أن تقدمت السيدة «تووس نايجنهويس» الهولندية، كشاهد عيان، لتعترف بأنها شاهدت «بنديكت 16» وهو يقوم شخصياً بذبح طفلة في أحد الطقوس العبادية عام 1987م، وذلك في أحد القصور الفرنسية في هولندا! والمعروف أن «بنديكت 16» من المؤمنين بعبادة الشيطان، وهناك تسجيلات له وهو يقدم القداس الكنسي لـ«الوسيفير»، كبير الشياطين في المفهوم الكنسي، والمعروف أيضاً أنه قام أثناء توليه كرسي البابوية بتعيين أحد طاردي الشياطين في الفاتيكان، وقد تناولت ذلك الموضوع في حينها (راجع الفاتيكان وطرد الشياطين). وفور الاستقالة التاريخية في 11 فبراير 2013م، وأصبح من المفترض أنه من المواطنين العاديين ولا يحظى بالحصانة الدبلوماسية، تم اتهام «جوزيف راتزنجر» رسمياً بتاريخ 25 فبراير 2013م باقتراف جرائم ضد الإنسانية، بقرار من «المحكمة الدولية لقانون الأعراف»، ومقرها بروكسل، وصدور قرار سارٍ دولياً للقبض عليه، لذلك يفر من العدالة باختبائه بين جدران الفاتيكان الذي يحظى زوراً بالحصانة الدبلوماسية بموجب اتفاقيات «لاتران». مراجعة اتفاقيات «لاتران» وتؤكد هذه الأحداث ضلوع الفاتيكان في اغتيال الأطفال، مما دفع بمجموعة من السياسيين الإيطاليين للتعاون مع المحكمة لتصل القضية أمام «محكمة الأعراف الدولية»، وقد تفاوضت هذه المجموعة من السياسيين مع «المحكمة الدولية ضد جرائم الكنيسة والدولة» وممثليها منذ يوم 22 سبتمبر 2013م، وقد علق المتحدث الرسمي لأحد هؤلاء الدبلوماسيين قائلاً: «إننا ننوي مراجعة اتفاقيات «لاتران» مع الفاتيكان وإلغائها وإلغاء تلك الحصانة الدبلوماسية التي تسمح بتقديم ملجأ وحماية لمغتصبي الأطفال، وهو ما يؤكد تعريف أنها منظمة دولية إجرامية لاغتصاب الأطفال والاتجار بهم». وكرد فعل لهذه الإجراءات القانونية، قام الفاتيكان منذ 7 أكتوبر 2013م، عندما تم الكشف عن هذه الوقائع، ببداية سلسلة من الهجوم ضد مجموعات المحكمة الدولية في أوروبا، الذين يعملون على ملفات ووثائق تتضمن العبادات الطقوسية القاتلة في الكنيسة، كما قام الفاتيكان بأعمال تخريبية ضد العاملين في المحكمة في هولندا وأيرلندا منذ 14 أكتوبر 2013م، وقاموا بالهجوم على الموقع الإلكتروني للمحكمة ونسفه تماماً. ويوضح البيان الصادر عن المحكمة يوم 28 أكتوبر 2013م: إن مصادرنا السياسية في روما كشفت عن أن هذه الهجمات مدفوعة الأجر وتمت بالتنسيق مع مكتب الفاتيكان، وكالة التجسس المعروفة باسم «التحالف المقدس» أو «الكيان» ومكاتبه المشبوهة التي تقوم بأعمال الجرائم الدنيئة، وهو مكتب قائم في روما منذ عام 1913م، كما استعان مكتب الفاتيكان بأعوان الممثل الرسولي للبابا في هولندا، الأسقف «أندريه ديبوي» الذي كان على صلة مباشرة بالمخرّبين، ومع أسقف مدينة دبلن «دياموند مارتن»، الذي دفع الرشى لوقف أعمال المحكمة في أيرلندا. ويعلق القس «كاين آنيت»، الذي أثار فضائح الكنيسة في جرائم القتل العرقي المتعمّد للسكان الأصليين للأمريكتين، قديماً وحديثاً، والأمين العام الميداني للمحكمة الدولية ضد جرائم الكنيسة والدولة، قائلاً: «لقد تصاعد المد السياسي ضد الكنيسة ولم يعد من الممكن لقتلة الأطفال وأرديتهم المزركشة أن يحتموا خلف اتفاقيات «لاتران».. وفي لحظات تخبطها القاتل تقوم المؤسسة الكنسية باستخدام أساليب كاذبة وتشويه المعلومات لتبعد أنظار الأتباع عن أفعالها الإجرامية». وقد أعلنت الإدارة العامة للمحكمة في بروكسل ومن خلال وكالاتها في 26 دولة، أنها ستقوم خلال شهر نوفمبر 2013م بعمل مؤتمر صحفي دولي في روما، بالاشتراك مع مجموعة السياسيين الإيطاليين الذين بادروا بالعمل مع المحكمة، للإعلان عن مرحلة جديدة في حملة المعلومات الهادفة لإسقاط السيطرة العتيقة للفاتيكان. وسوف تتضمن هذه الحملة الإعلان عن دعوى قانونية وفقاً لقانون الأعراف ضد البابا الحالي «فرانسيس» وعملائه لتواطئهم في جرائم ضد الإنسانية والقيام بطقوس وعبادات إجرامية قاتلة. وقد تم إعادة تشغيل موقع «المحكمة الدولية ضد جرائم الكنيسة والدولة»، وتمت حمايته وفقاً لأعلى المعايير الأمنية، وتقرر أن تقوم كافة أقسام المحكمة بالعمل وفقاً لميثاق رسمي يوقع عليه كافة الأعضاء. وفيما يتعلق بتطور خطوات القضية، فإن البابا «فرانسيس» وباقي الرسميين في الفاتيكان سيكونون ضمن وثيقة دعوى جديدة تتهمهم بالإجرام لقيامهم بمخالفات بشعة تتضمن الاتجار بالأطفال وبتعذيبهم وقتلهم. وينتهي البيان بتوجيه إنذار عام، يحذر أي شخص يفكر في الدفاع عن البابا، بأنه سيُدان ويقع ضمناً في تهمة المساهمة في مخطط إجرامي ثابت يتعلق بالفاتيكان ومكتب المخابرات التابع للبابا. وننشر روابط الموضوع، وآخرها نص اتفاقية «لاتران» بالفرنسية، من وثائق الفاتيكان، ليرى القارئ مدى التنازلات التي قدمتها الحكومة الإيطالية لاسترداد أراضيها من قبضة البابوات على مدى القرون، ومدى تمسكهم بالسلطة المدنية إضافة إلى السلطة الدينية. ويا له من كيان إجرامي لم يكف عن استخدام الدين كغطاء فضفاض لكل جرائمه عبر التاريخ. الجذور والخلفيات الإجرامية كلما بحثنا ونقبنا في الوثائق والأحداث التاريخية أدركنا أن الأسس العميقة لآفة الإنسانية الممتدة ونشأة الاستعمار ترجع، بلا شك، إلى العقائد المحرفة والغش الذي يسود العالم الغربي الصليبي المتعصب، المنبثق أساساً من عقائده المنسوجة عبر المجامع ونصوصه المغرضة ووثائقه المشينة عبر القرون، ومن أهم هذه الوثائق الكنسية الخطاب البابوي المعنون «بابا روما» (Romanus pontifex)، الذي أصدره البابا «نيكولا الخامس» عام 1455م؛ والخطاب البابوى المعنون «من بين الأعمال»، الذي أصدره البابا «إسكندر السادس» عام 1493م، ونطالع فيهما: في خطاب «بابا روما» يقول «نيقولا الخامس»: «مع مراعاة أنه منذ أن سمحنا للملك «ألفونس» في خطابات سابقة ومنحناه، ضمن أشياء أخرى، الحق الكامل والتام للهجوم وغزو وأسر وهزم وسحق وإخضاع كل المسلمين والوثنيين وأي أعداء أخرى للمسيح أينما كانوا، والاستيلاء على ممالكهم، وضياعهم، ومقاطعاتهم، ومناطق نفوذهم، وملكياتهم من عتاد وبيوت، وكل ما يمتلكونه أو حصلوا عليه وإخضاع شخوصهم إلى العبودية الدائمة، وحق الاستيلاء لنفسه (أي للملك «ألفونس») ولمن يرثه، على الممالك والضياع والإمارات وكل ملكياتهم وأموالهم، وتنصيرهم واستخدامهم لمصلحته»، وباقي الخطاب يقر ما قام به الغزاة الإسبان والبرتغال للاستيلاء على أراضي السكان الأصليين، ويعرب عن أمنيته في أن يتم تنصيرهم وإخضاعهم، كما يعلن الحرب على المسلمين وكل الوثنيين أو غير المسيحيين، ويختتمه قائلاً: «وأن هذا الخطاب ساري المفعول إلى الأبد»! وفي خطاب «من بين الأعمال» يقول «إسكندر السادس»: «إن العقيدة الكاثوليكية والديانة المسيحية في زماننا تحديداً يجب أن يتم تمجيدها، وأن يتم نشرها في كل مكان، والاهتمام بالوضع الديني للشعوب الوثنية وإسقاطها وإخضاعها للعقيدة المسيحية، وبموجب هذا الخطاب نمنحكم السلطة للاستيلاء على أي أراضٍ أو جزر تجدونها وتكون لغير مسيحيين فتكون ملكاً لكم ولذريتكم إلى الأبد». وقد أقام هذا الخطاب البابوي الأسس الدينية والشرعية للاستعمار الغربي المسيحي منذ أواخر القرن الخامس عشر حتى يومنا هذا. فاستخدام عبارات من قبيل «يغزو»، و«يهزم»، و«يُخضع»، و«يستولي»، و«يُجبر على التنصير»، تؤكد أن هذه الخطابات البابوية وغيرها من نصوص تؤسس الإطار العالمي للاستعمار والغزو والعنف والسيطرة والتنصير الإجباري الذي يمارس حتى الآن، ففي كل خطاب يمدح البابا الغزوات التي تقوم بإخضاع المسلمين وكل من هم غير مسيحيين والاستيلاء على أراضيهم ومواردهم وثرواتهم وتنصيرهم قهراً. عقيدة الاكتشاف وقد نجم عن هذه الوثائق المجحفة وغيرها أساس انتهاك حرمة أراضي المسلمين والسكان الأصليين للأمريكتين، وذلك بزعم أن أي إنسان غير مسيحي يُعد عدماً ولا يساوى شيئاً، وأي أرض مملوكة لغير مسيحي تعد أرضاً لا صاحب لها، وقد تم بعد ذلك إدماج هذه العقيدة سراً وبالتحايل والتزوير في التشريعات والسياسات القومية والدولية سواء الأمريكية أو الغربية، وهي أصل انتهاكات حقوق الأفراد والجماعات لغير المسيحيين، وسمحت للدول الغربية الصليبية بالاستيلاء على أراضيهم، ثرواتهم الطبيعية وممتلكاتهم، بل هي السبب الأساس في عمليات القتل العرقي سواء للمسلمين والسكان الأصليين للأمريكتين أو ما يدور من اقتلاع لمسلمي ميانمار والفلسطينيين أو في قطاع غزة وغيرها. نصوص سابقة ولاحقة ومن أشهر النصوص الكنسية التي سبقت هذين الخطابين أو بعدهما وأدت إلى ترسيخ الاستعمار وإلى القتل العرقي، لا للهنود الحمر سكان الأمريكتين الأصليين فقط، وإنما لكل شعب قام الصليبيون بغزوه واحتلاله والعمل على إخضاعه للتنصير أو إبادته عرقياً، نطالع ما يلي: - الخطاب البابوي الذي أصدره «إينوسنت الرابع» في 15 مايو 1252م بعنوان «لاقتلاع» (Ad extirpanda) الذي يبيح فيه البابا التعذيب في محاكم التفتيش ويبرر فيه ضرورته. - مقولة أحد جهابذة المسيحية: «إذا لم يتب غير المؤمن فمن واجب الكنيسة ومهمتها أن تنقذ الأمة (يقصد المسيحية) وأن تطرد هذا الهرطقي من العالم بقتله» (توما الإكويني 1267م). - لا توجد إلا كنيسة واحدة مقدسة كاثوليكية والخارج عنها لا يوجد أي خلاص.. فالكنيسة تمسك بيديها سيفاً الدين والدنيا.. ومن الضروري من أجل سلامة الكل، الخضوع كلية لسلطة بابا روما» (البابا «بونيفاس الثامن» 1302م). - الغزو والتنقيب والبحث عن واعتقال وهزم وإخضاع كافة المسلمين والوثنيين أياً ما كانوا، وكل أعداء المسيح أينما كانوا، وتحطيم كيانهم إلى درجة العبودية الدائمة» (البابا «نيقولا الخامس» 1455م). - وأيام العصر الروماني، الذي تولدت فيه المسيحية، فإن قرار غزو الآخر الصادر عن أكثر من بابا، كان يعطي الحق للصليبي المعتدي الملكية المطلقة على البلدان والشعوب التي يغزوها، وكان عليه أن يُفقدها كيانها وحقوقها وملكياتها ويفرض عليها العبودية الدائمة، وقد تزايدت هذه السلطة بسبب وثيقة ثبت تزويرها، معروفة باسم «وثيقة هبة قسطنطين» التي منحت زوراً كل أراضي الإمبراطورية الرومانية إلى الكنيسة الكاثوليكية. - الخطاب البابوي للبابا «أوربان الثاني» الذي أعلن الحروب الصليبية عام 1095م باسم المسيح والصليب، وفرض وضعه على كل شيء من ثياب وعتاد، قد أعلن أن كل الجرائم التي يقوم بها الصليبيون ستمحو ذنوبهم وتطهرهم بقتل المسلمين، وتوالت الخطب والقرارات التي لا تكف عن إباحة قتل الآخر واقتلاعه.
الآراء