أبدأ مقالتي هذه بسؤالين أولهما:لمصلحة من تأجيج الصراع بين السنة والشيعة؟ وثانيهما: من المستفيد من هذه الحرب التي بدأت تحرق الأخضر واليابس؟

في الآونة الأخيرة بدأت حرب ضروس طالت المنطقة فأخذت السنة والشيعة يتكالبون بعضهم على بعض و ذلك لصالح الاستعمار الغربي لبسط سيطرته على المنطقة.

ألم يكن الاستعمار عدوا للأمة الإسلامية  في يوم ما؟ ألم تتكاتف السنة والشيعة جنباً إلى جنب دوما لنصرة إخوانهم في فلسطين لإنقاذ هذا الشعب المظلوم من قبضة العدو الصهيوني الوحشي؟ فأين هم الآن من تلك النصرة؟

فليعلم السنة والشيعة أن المستفيد الوحيد من هذه المعركة هو العدو الصهيوني الذي يسعى جاهداً لاتساع دائرة هذه الفتنة.

أريد أن أوجه لسماسرة  مشاريع الطائفية المسلحة في البلدان الإسلامية  سنة كانوا أو شيعة، ماذا تريدون أن تحققوا؟! هل بإمكانكم القضاء على الطرف الآخر، هل تريدون إشعال حرب في كل دولة إسلامية، ؟ إلى أين تقودون أمتنا، فيما مشاريع الغرب بأيديكم تُنفذ لتقطيع أوصالنا وتمزيق مجتمعاتنا والقضاء على حاضرنا ومستقبلنا؟ ما هذا الغثاء القاتل؟

نحن في هذه المرحلة الحرجة أمام أحد الخيارين :  

أولهما: إما أن نجهز الأمة لفتنة لا تبقي ولا تذر، نتقاتل على كلمات ومصالحنا الشخصية وثانيهما:  أن نرجع إلى رشدنا أحضان أمتنا وإلى ما يجمعنا ويوحد ويحصن صفوفنا للمضي قدماً لنجاة الأمة من المؤامرات الغربية وتحريرها تحت وطأتهم .وهذا الخيار هو الخيار الأمثل –خيار الوحدة والقوة - والسبيل الوحيد الذي يسير بنا إلى القدس وتحريرها . فالعقلاء والكبار في الأمة  كثيرون جدا ، وهم على إدراك تام  بأن عماد هذه الأمة هي أبناؤها من السنة والشيعة وهما المكونان الأساسيان لروح هذه الأمة وقوتها، وإن إشعال نار الفتنة بينهما لا تخدم إلا الاستعمار الغربي الذي أنشأ سوقا كبيرة  وروج فيها بضاعة التفرقة والتمزق والقتل والإرهاب داخل أمتنا. يقول الكاتب والباحث الإسلامي صالح عوض: " وفي هذه السوق ينشط تجار كبار وآخرون سماسرة وآخرون دون ذلك من صغار التجار والبزنسية حتى أصبحت التجارة بحرب الشيعة والسنة أو إيران والعرب، بل إنهم يصنعونها بين العرب أنفسهم، وبين السنة أنفسهم، وبين الشيعة أنفسهم، وبين الإيرانيين أنفسهم.. وذلك كله لصرف أنظار الأمة عن قضيتها ودفعها إلى التمزق والانهيار."

ولقد نجح الاستعمار الغربي بحنكته الخبيثة و استغلاله  سذاجة بعض المسلمين لإضعاف وتفتيت الأمة الإسلامية التي كانت يوما ما تحكم على نصف الكرة الأرضية؛ والآن ترى متآكلة من الداخل، معتقدا بأن السبيل الوحيد للخلاص لهذه الأمة هو زرع بذور الفرقة والفتنة فيما بينها للوصول إلى الغايات والأهداف والخطط التي تم وضعها طيلة عشرات السنين الماضية؛ والهدف هو السيطرة على الإسلام والمسلمين ومن ثم القضاء على الإسلام ومعتنقيه.

يقول الله عزوجل مخاطبا المخلوق بأن الفتنة أشد من القتل؛ وأن الفتنة تجلب الخراب والدمار والتخلف وتعيد عقارب ساعة التطور إلى القرون الوسطى، هذه العقيلة الرجعية التي نهى الله الأمة عنها بأن تسلك هذه المسلك الشنيع والقبيح هي أشد من قتل النفس.

يا أمة مليار ونصف مليار مسلم، من السنة والشيعة لقد تكالبت علينا الأمم وتآمرت علينا قوى الكفر والضلال والاستكبار.

كفانا هذا الضعف والذل والهوان، لا نريد مزيدا من الانشقاق والعداوة والبغضاء والفرقة بيننا، هذا العداء لايزيدنا إلا انبطاحاً وذلة وهواناً وتفككاً.

أتسأل من الذي لعب بعقول السنة والشيعة لكي يصلوا إلى أدني درجة من التخلف والرجعية و التبعية للاستعمار لضرب الوحدة بيننا؟

لماذا تخللنا عدونا الأكبر الصهيونية وتكالب على شبابنا الذين هم جوهرة هذه الأمة وأملها،لا نكون كالذي يرمي الحطب في النار ليشعلها أكثر وفي النهاية تلهبنا النار التي أشعلناها بأيدينا.

 ومن هنا أوجّه ندائي إلى السنة والشيعة بأن الغرب والشرق بما فيهما أمريكا والروس والاتحاد الأروبي والصين لا يريدون  للأمة خيرا وإنما يريدون استغلال عقول أبنائها  للوصول إلى غاياتهم المشئومة ، فلنرجع إلى أحضان الأمة وإذا صدرت من كلا الطرفين الأخطاء فلنحلها باللين والحكمة والرفق في ما بيننا؛ دون الرجوع إلي إبليس لأنه يزيدنا الكراهية والحقد وزرع الفتنة بيننا.

يقول الاستاذ محمد رفعت الأمين العام لحزب الخضر المصري

"لقد أرشدنا الله عزوجل إلى الحكمة والرفق واللين حتى مع فرعون ومع عباد الأصنام ومع اليهود والنصارى، لأن الرفق لا يكون في شي إلا زانه ولا ينزع من شي إلا شانه، أمرنا الله عزوجل بقوله : ( ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم)  فأين نحن من هذا المنهج القويم والصراط المستقيم ؟ لماذا نخرج الحيات من جحورها والثعابين من بيوتها؟ لماذا تحولت منابر الدعوة والحوار والتربية والإقناع والوحدة إلى منابر السب والشتم والتضليل والتجريح والتكفير ؟ ألا يكفينا.

هذا هو ثمن الرجوع إلى إبليس ( الاستعمار) الذي أثار فتنة راح ضحيتها أكثر من مليون شخص، ألم يشبعوا من  قتلانا ؟ كلا......

نحن ( السنة والشيعة ) من دين واحد؛ فإلهنا واحد، ورسولنا واحد، وكتابنا واحد، ولماذا هذا التشرذم والتخبط؟!  اللهَ اللهَ في الأمة.  

نداء الى عقلاء الطرفين وإلي مثقفيهم وعلمائهم ؛ كفاكم هذا الحقد البغيض بين الفريقين؛ نريد أن نتعايش كالأخوة في الله  جنبا إلى جنب، أفيقوا من هذا النوم العميق، كفانا اللعب بعقولنا، أوقفوا هذه المؤامرة بأيديكم؛ فلنرجع إلى أحضان أمتنا المكلومة، فلنكن يداً واحدة  للنهوض بها.

 أملنا فيكم كبير يا أبناء السنة والشيعة.