هناک قضیتان؛ الأولی قضیة شرعیة الحجاب الإسلامي والثانیة الشرط القانوني للحجاب.

وفي قضیة شرعیة الحجاب لا یختلف فیه الاثنان وکل یعترف بشرعیته ولا شک فیه. ولکن المهم هو هل تستحق للحکومة أن تنخرط في هذه القضیة وتقوم بإجبار النساء علی ارتداء الأزیاء الإسلامية وتجریم عدم ارتدائها ومعاقبة الخارجات عن القانون؟ برأیي إذا كان الحجاب غير مطلوب قانونا فلا یلحق ضرر بصورته الدینیة؛ کما لا یعتقد أحد بإلزام سائر الفرائض قانونا کالصلاة مع أنه لا شک في وجوبها. المؤیدون للحجاب القسري یحتجون بموضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر ویقولون إن من اقتضاءات النهي عن المنکر منع النساء غیر المتمثلات بالحجاب الإسلامي في الأماکن العامة ومن دلائلهم الأخری أن عدم ارتداء الحجاب یؤدي إلی المفسدة وفي المقابل هناک من یقول إن قضیة الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر لا ینطبق علی الحجاب لأن ما ورد في القرآن إما معروف وإما منکر بمعنی أن ما جاء بشأن المعروف یعرفه الناس ویستأنسون به ولو لم یکن واجبا وفي الحرام قس علی هذا.

هناک کثیر من المحرمات لا یخفی قبحها علی المجتمع مثلا الظلم والاعتداء علی أعراض الآخرین ومثل هذه الأفعال لا یختلف اثنان حول شناءتها ولا یخفی علی أحد قبحها ولو لم یکن هذا القبح حراما کمن یدخن ویلقي عقب سجائره في الشارع أو یترک قشور الفواکه والقمامة في الأرض یمکننا أن نقول إن هذه الأفعال لیست حراما ولکن الناس یرونها أفعالا قبیحة وعلی أي حال أن مؤشر القبح ما یُعرف ویمیز عرفا.

وفي قضیة الحجاب هل یعتقد الناس جمیعا بوجوب الحجاب ویعتبرون عدمه شذوذا وعاراً؟ برأیي أن کثیرا من الناس لا یرون عدم الحجاب شذوذا؛ بالمناسبة أن بعض هذه الوسائل الإعلامیة تستفید من مثل هذه النساء (دون الحجاب الکامل) في المقاصد السیاسیة کالانتخابات والمشارکة في المظاهرات و... فیکشف أنها لا تعتبر عدم ارتداء الحجاب انتهاکا؛ بناء علی هذا إذا لم یعتبر المجتمع عدم ارتداء الحجاب منکرا وشذوذا فلا مجال للأمر بالمعروف فیه ولا یدخل في الموضوع.

في المصادر الإسلامیة لیست لنا حجة تدل علی معاقبة من لا یلتزم بارتداء زي الحجاب حتی نلزمها به ولم نر مثیلا لها في سیرة النبي الکریم بینما نری خلاف ذلک في عدم إلزام النساء بارتداء نوع معین من الملابس.