في دورته الخامسة يومي 17-18 شوال 1442هـ الموافقين 29-30 مايو 2021م. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،، اجتمع مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في دورته الرابعة يومي السبت والأحد بتاريخ 17-18 شوال 1442ه الموافقين 29-30 مايو 2021، وتداول أعضاؤه في المسائل التي تضمنها جدول أعماله مما يهمّ أداء أعماله المتعلّقة بدوره العلمي الذي تأسّس من أجله، ومما يتعلّق بقضايا المسلمين التي تندرج ضمن اهتماماته، وانتهت مداولاته إلى ما يلي:

1. يهيب الاتحاد بكافّة المسلمين أن يتمسّكوا بدينهم في مسلكه الوسطي المعتدل كما هو مأخوذ من مصادره المعتبرة، وأن يعملوا بمقتضى ما كلّفوا به من التعمير في الأرض، ومن نشر الخير في الناس كافّة، وأن يتعايشوا مع الآخرين من المجتمعات والطوائف والشعوب والدول بالتعاون والتآلف من أجل خير الإنسانية وفي كنف السلم وحفظ حقوق الإنسان باعتباره إنسانا، ويتعاملوا مع البيئة الطبيعية بالرفق الذي يحفظها صالحة للحياة كما خلقها الله تعالى، وأن يصحّحوا ما عسى أن يطرأ على بعضهم من خلل في فهم الدين يؤدّي إلى التطرّف في السلوك.

2. يدعو المسلمين إلى التصالح فيما بينهم بما يوحّد القلوب والأعمال، وأن يتفادوا أسباب الخلاف التي قد تنتهي إلى التنافر الذي قد يتحوّل إلى التنابذ والعداوة والاحتراب، فتذهب ريحهم خلافا لما أمرهم به الله تعالى من الوحدة والتعاون على البرّ والتقوي، وأن يعملوا على توفير أسباب الوفاق والمصالحة من تأسيس المؤسّسات التي تقوم على إصلاح ذات البين، ونشر ثقافة التعايش بالحسنى، ويسجّل الاتحاد في هذا الصدد ارتياحه للجهود التي تبذل في هذا الشأن والتي تحقّق النتائج المحمودة كما حصل من تصالح بين الفصائل المتنافرة في الصومال وغيرها لزمن طويل، وما حصل في ليبيا من توافق بين الفرقاء بعد احتراب مهلك، ويضع الاتحاد نفسه تحت الطلب في مساعي الصلح بين المسلمين في كلّ مكان.

3. يؤكّد الاتّحاد أنّه لا يألو جهدا في العمل على تحقيق الأهداف العلمية التي من أجلها نشأ، اجتهادا في الإفتاء في القضايا المستجدّة التي تعترض المسلمين في حياتهم المتطورة وفي علاقاتهم بغيرهم من الأمم والشعوب والدول، وتصحيحا للمفاهيم الدينية التي قد يصيبها الخلل في التصور أو الفساد في السلوك، وتعبئة للأمّة من أجل أن تنصرف في سبيل النهضة تعميرا في الأرض وشهادة على الناس ونشرا للخير، وذلك عبر ما يقيم به من مؤتمرات وندوات علمية، وما ينشر من بحوث علمية، وما يبلّغ من خطاب دعوي رشيد.

4. يتّجه الاتحاد إلى الدول والأمم والشعوب بالدعوة إلى نشر السلم في العالم، وبسط العدل والحرية بين الناس أجمعين، وتقديم المعونة للمحتاجين والمحرومين، وحفظ حقوق الإنسان أينما كان، ويدعو إلى نصرة المظلومين والمستضعفين، كما يدعو في هذا الصدد إلى رفع المظالم لتي تسلّط على الأقلّيات المسلمة في أكثر من مكان في العالم، وأن تعامل هذه الأقلّيات بالعدل كما تقتضيه القيم الإنسانية العليا والمواثيق والمعاهدات الدولية.

وفي هذا السياق يتابع الاتحاد بانشغال وقلق شديدين تصاعد الإسلاموفوبيا في بعض دول أوروبا وأمريكا، وما تشرعه هذه البلاد وتسنه من قوانين فيها إضرار بالمسلمين، بل بحقوق الإنسان وحرياته، ويدعو إلى الحكمة وتغليب صوت العقل، علما بأن حماية الأقليات الموجودة في هذه البلاد هو ضمان السلام الاجتماعي فيها، والاتحاد على جاهزية تامة لمد يد العون بتقديم ما يسهم به في صالح المجتمعات والأفراد. كما يدعو في الوقت نفسه هذه الأقلّيات إلى التعايش مع المجتمعات التي يعيشون فيها بالتعاون والاحترام للأديان والثقافات المخالفة لهم، وأن يسهموا في البناء الحضاري الذي تقوم به مجتمعاتهم، وأن يكونوا خير ممثّل للإسلام في تسامحه وعطائه وبنائه.

5. يتابع الاتحاد مجريات الأحداث في فلسطين والقدس والأقصى، وما يسلّط على الفلسطينيين من ظلم وقهر وإبادة وتمييز عنصري، ويعبّر عن مساندته للمظلومين بما يستطيع من الوسائل المتاحة، وفي هذا الصدد يبارك الاتحاد لأهل القدس وغزة وفلسطين كافة صمودهم وثباتهم في وجه العدو الصهيوني الظالم ويدعو لشهدائهم بالرحمة ولجرحاهم بالشفاء، ويعبر الاتحاد عن فرحه بما تحقق من نصر للمستضعفين في فلسطين، ويطلب من الأمة أن تكثف من القيام بواجباتها المتنوعة نحو هذه القضية المقدسة والمباركة، كما يدعو كل الحكام العرب والمسلمين وأحرار العالم بتحمل مسئولياتهم بنصرة هذه القضية العادلة ودعمها بكل الإمكانات، وأن يتخلى المطبعون عن مواقفهم التي لا تتفق مع مبادئ الحق والعدل والحقوق العربية والإسلامية والإنسانية، ويشيد الاتحاد في هذا الصدد بالحضور العلمائي الواضح وأهمية استرداد العلماء لدورهم في تنوير الأمة وبيان ما يجب في الأحداث، ويدعوهم لمزيد من القيام بواجباتهم العلمية، وتكثيف أنشطتهم وبياناتهم وخطبهم ومحاضراتهم وندواتهم لحشد طاقات الأمة، حتى يتحقق العدل ويزال لظلم، كما يشيد بالمواقف الإيجابية من هذه الأحداث الداعمة للحقّ التي صدرت من بعض الدول والمنظمات ومن الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية.

6. يتابع الاتحاد ما يجري في السودان وما تقوم به السلطة من إجراءات مؤسفة وخطيرة تخالف الشريعة الإسلامية، وتناقض هوية الشعب السوداني، من إجراءات متجاوزة على المستويات السياسية والتشريعية والقانونية والحقوقية والاقتصادية والدعوية، وذلك بسن تشريعات تخالف الشرع الشريف وإلغاء قوانين تتفق مع هذا الشرع.. والاتحاد إذ يتابع هذه الإجراءات الخطيرة فإنه يطالب السلطة القائمة بسرعة الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، والرجوع عن سن قوانين تخالف الشريعة وإلغاء قوانين تتفق مع الشريعة، وعليها فورا فتح المؤسسات الخيرية والدعوية التي أغلقتها بطريق التعسف بما يضر مصلحة الشعب، وعلى الشعب السوداني أن يقوم بدوره في حفظ هوية البلد وتاريخه وحضارته.

7. يتابع الاتحاد بألم شديد ما يحدث في اليمن وسوريا، والعراق ولبنان وغيرها من مآسي وفتن، وظلم واستبداد، واقتتال وفساد، بالإضافة إلى سوء الأحوال الإنسانية والاقتصادية والفقر والمرض ونحو ذلك. فيطالب الاتحاد أمته جمعاء، والعالم لوضع حدٍ للانتهاكات الخطيرة، والجرائم الكبيرة في هذه البلاد، ليعود إلى هذه البلاد المهمة أمنها وأمانها وشرعيتها وسيادتها وقوتها، ولتقوم بدورها المنشود داخلياً وخارجياً.

وكذلك يطالب الاتحاد الحكومة الأفغانية، وحركة الطالبان بإتمام الصلح الكامل فيما بينهم، ووقف القتال الشامل لتعود إلى أفغانستان وحدتها وقوتها ودورها الحضاري. ولا يمكن للاتحاد أن ينسى إخوانه المضطهدين في أي مكان، ويطالب بقوة الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي، والمنظمات الأممية والحقوقية بالوقوف مع الأقلية الروهنجية في ميانمار، والإيغور في الصين، وشعب كشمير في الهند، لتعود إليهم حقوقهم الكاملة.

8. ينشغل الاتحاد بقوة بما يتعرض له العديد من العلماء في أكثر من قطر من الأقطار العربية والإسلامية من اضطهاد بالسجن والتعذيب والاختطاف ومصادرة حرية الرأي، وهو يعبر بقوة عن شجبه لهذه التصرفات، ويدعو إلى الإفراج الفوري عن كل المضطهدين منهم، وتوفير حرية الرأي لهم؛ ليقوموا بدورهم العلمي والتوجيهي لما فيه خير الأمة وخير الأوطان وخير البشرية، ويطالب الاتحاد كافة المؤسسات الحقوقية والقانونية الأممية أن تقوم بواجبها نحو هذه القضية التي تدخل في صميم عملها.

9. تابع الاتحاد ولا يزال ما يجتاح العالم من وباء الكوفيد ١٩، ويدعو الناس عامة والمسلمين خاصة إلى الالتزام بما يقرره العلماء المختصون ودوائر القرار المحلية والعالمية من توجيهات وقائية وعلاجية لمقاومة هذا الوباء كما يدعو أهل اليسار من الدول والمنظمات والأفراد إلى مد يد المعونة إلى الفقراء والمحتاجين لتوفير العلاج اللازم لهم، والتكافل مع الأسر المعيلة وغير ذلك؛ ليكون العلاج شاملا ويحصل الانتصار على هذا الوباء.

وفي هذا الصدد يدعو الاتحاد جميع الناس إلى احترام البيئة الطبيعية والحفاظ عليها من أن يطالها أيّ خلل في توازنها أو تغيير في طبيعتها التي خلقها الله تعالى عليها حتى لا تفاجئ الإنسان بتغيّرات بيئية تعود عليه بالوبال في حياته الصحية وتعطّل مسيرته في التعمير والبناء الحضاري. وبهذه المناسبة يهيب الاتحاد بالدول والحكومات ألّا تتخذ من الإجراءات الاحترازية ذريعة للتضييق على الشعائر الإسلامية دون ضرورة.

وفي الختام يقدم المجلس شكره للرئاسة والأمانة العامة واللجان والفروع والإدارة التنفيذية على الإنجازات الطيبة التي تمت خلال هذا العام ، ولكل من ساند الاتحاد من الدول والمؤسسات والأفراد لتحقيق أهدافه ومقاصده، مؤكداً على الشكر والدعاء لهم جميعاً، ولدولة المقر قطر حفظها الله قيادة وشعباً.

والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدوحة

يومي 17-18 شوال 1442هـ الموافقين 29-20 مايو 2021م.