حضر الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح الأستاذ عبد الرحمن بیراني في الاجتماع المرکزي للهیأت التنفیذیة المرکزیة للجماعة والمحافظات في المکتب المرکزي للجماعة في طهران یوم الخمیس وأکد علی فهم متغیرات العصر والتجرؤ علی التفکیر علمیا. نص کلمة الأمین العام للجماعة کما یلي: من القضایا الأساسیة في تعالیم دین الإسلام علاقة أبناء البشر علی أساس النصح وحسن النیة والتعاون علی البر والتقوی؛ قال تبارک وتعالی:

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"(الحجرات: ١٣)

"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين"(الأنبیاء: ١١٧)

"وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى" (المائدة: ٢)

فعبارة "لتعارفوا" یرادف العلاقة الاجتماعیة وهي مبنیة علی التعارف ومعرفة الفوارق واحترامها والتفاعلات وردود الأفعال من أجل تحقیق المصالح المشترکة؛ لأن مصالح البشر وصلاحهم مبدأ اتفق علیه جمیع الأدیان السماویة والمدارس الفکریة والفلسفیة. وفقا للعدید من الآیات منها "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين" أن الأدیان السماویة إنما أنزلت لتحقق المصالح البشریة ورخائها.

یقول الإمام الماوردي في تفسیر الآیه: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى": فانّ البرّ هو رضا الناس والتّقوی هو رضا الله.

ویقول ابن القیم رحمه الله: "فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ مَبْنَاهَا وَأَسَاسُهَا عَلَى الْحِكَمِ وَمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَهِيَ عَدْلٌ كُلُّهَا، وَرَحْمَةٌ كُلُّهَا، وَمَصَالِحُ كُلُّهَا، وَحِكْمَةٌ كُلُّهَا؛ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ خَرَجَتْ عَنْ الْعَدْلِ إلَى الْجَوْرِ، وَعَنْ الرَّحْمَةِ إلَى ضِدِّهَا، وَعَنْ الْمَصْلَحَةِ إلَى الْمَفْسَدَةِ، وَعَنْ الْحِكْمَةِ إلَى الْبَعْثِ ؛ فَلَيْسَتْ مِنْ الشَّرِيعَةِ".

بناء علی هذا فإن مقتضی مهمة الإنسان عبارة عن إقامة العلاقة وتحسینها مع الخالق وهي تحتاج إلی التزکیة والعبادة من جانب ومن جانب آخر عبارة عن إقامة العلاقة الصحیحة مع أبناء الشر بناء علی التعاون علی البر والتقوی والمحاولة لعمارة الأرض ومحاربة الظلم والفساد. ولحسن الحظ في یستم المجتمع المعاصر بالاحترام للإنسانیة والکرامة الإنسانیة بغض النظر عن اللون والدین والعرق والمکانة الاجتماعیة.

نحن في عصر جدید وقضایا ومتطلبات جدیدة لذلک فإن منطق "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا" [المائدة: ١٠٤] غیر معقول وغیر مقبول بل ینبغي أن نصغي إلی نداء "كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْن" [الرّحمن: ٢٩] أو "لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ"[المدّثّر: ٣٧].

نحن کجماعة الدعوة والإصلاح نری أن الاهتمام بالدعوة العامة والسعي للإصلاح الثقافي والاجتماعي شرط التربیة لذلک فإن من الضروري أن تکون أهدافنا وبرامجنا وسیاساتنا في سبیل تحسین الحضور المجتمعي وتطبیقه مع واقع المجتمع؛ لأن علماء علم الاجتماع یقولون إن الأهداف یجب أن تکون قابلة للتحقیق ومنطقیة وقابلة لتقییم ومفیدة وملبیة للحاجات الزمنیة والحیاتیة وهذا الأمر یستلزم أن نجتاز السطحیة في الأفکار وفي التعاطي التقلیدیة مع الأمور وتجنب الأهداف غیر القابلة للتحقیق وغیر الملائمة لطاقات المجتمع والظروف القائمة.

أن شعار سریة التنظیم وعلانیة الدعوة کانت لفترة خاصة من عمر بعض الحرکات الإسلامیة ولا تهمنا في العصر الحالي؛ إن الشریعة الإسلامیة عالمیة وأبدیة ولها میزتان أساسیتان وهما:

- الثبات والاستمرار

- التغییر والتطور

الثبات في الغایات والأحکام والقیم والمرونة في الأسالیب والأدوات والمناهج الثابت في المبادئ والکلیات والمرونة في الفروع والتفاصیل التربیة أمر مستمر ولکن لا ینبغي أن نبتعد عن مجالات الحیاة بل نسعی للتأثیر الإیجابي علی إخواننا بقدر المستطاع.

علی جمیع الأعضاء أن یسیروا علی خطين مستقیمین متوازنین:

1- الإصلاح وتنمیة الشخصیة بمعنی العام في کافة الجوانب الروحیة والجسمیة.

2- السعي لتغییر الواقع والظروف غیر المواتیة حسب متطلبات العصر وعبر المشارکة الفعالة في القضایا الاجتماعیة المصیریة.