حضر الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح في الاجتماع المشترک للمجلس المرکزي والهیأت التنفیذیة للجماعة و کبار المسؤولين التنفیذیین في المحافظات وأکد علی الوحدة الثقافیة في ظل القیم الإسلامیة معتبرا إیاها ضرورة لقیادة الأمة الإسلامیة. بناء علی تقریر مراسل إصلاح‌وب أن في الاجتماع الذي عقد یوم الخمیس 21 جمادی الأول في طهران أکد الأستاذ عبد الرحمن بیراني في الجزء الأول من کلمته علی أهمیة التعاون والتفکیر الجماعي ونمطه الصحیح مشیرا إلی الآیة 114 من سورة النساء:

"لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا".

وتابع الأمین العام: تطرق القرآن الکریم إلی النجوی بطرق متعددة ویقول الله تعالی في هذه الآیه أنه لا خیر في الندوات والاجتماعات الخاصة إلا الوصول إلی ثلاثة أهداف:

1- الأمر بالصدقة ودفع المال أو تحقيق منفعة للآخرين.

2- الأمر بالمعروف أو أي عمل صالح والقیام به بنمط جید.

3- القیام بالإصلاح بین الناس وإصلاح علاقة الناس مع الله ومع بعضهم البعض ومع العالم.

إن هذه أبواب الخیر الثلاثة وهي من مؤشرات السلوک الاجتماعي للمتدینین وإذا أصبحت هذه الأهداف الثلاثة محورا للتعاون في الاجتماعات الخاصة فهو في رضا الله ویستحق مکافأة کبیرة وفي غیر هذه الاستثناءات الثلاثة تکون النتائج مأساویة وهي بضعة من تلک العداوة التي جاءت قرینة لهبوط آدم: "وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ".

وأضاف: کأن الشر مستقبل تنموي للحیاة الدنیویة وأن وجوده وأرضیة العدالة یتطلب الدفاع الخطیر وتثبيط قوى الشر بدافع الإيمان والعبادة والمحاولة لإقامة الحریة والعدالة في المجمتع وهذا ما یعرف في الأعراف والقیم الدینیة بالتدافع: "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ..."

وأکد سماحته: طریق الإیمان والعبودیة وإقامة الحریة والعدالة یتطلب التعاون والمسؤولیة الجماعیة وأن تشکیل الجماعات والأحزاب نوع من هذا التعاون.

الوحدة الثقافیة

وفي جزء آخر من کلمته تطرق الأمین العام بأهمية المواءمة والوحدة الثقافیة وأردف قائلا: إن من أهم نعم الإسلام هو خلق توافق ثقافي بین أتباع الدین المختلفین؛ إن بلالا کان عبدا مملوکا فقیرا غریبا ولما تم عتقه من قبل إبي بکر الصدیق قال عمر بن الخطاب: "أعتق سیدُنا سیدَنا". وفي موقف آخر اعتبر رسول الله صلی الله علیه وسلم العنصریة من بقایا الثقافة الجاهلیة.

وصرح الأستاذ بیراني: من أعظم ثمرات تعالیم الإسلام العالیة الوحدة الثقافیة؛ الوحدة التي تلتها حضارة لا مثيل لها تجاوزت الانتماءات العرقية والقبلیة والإقلیمیة واللغویة وجعلت العرب والفرس والرومان في صف واحد وبلون واحد صبغتها بصبغة إلهیة:

"صِبْغَةَ اللَّـهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ"

"إِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..."

وتابع: إذا کانت القیم والأسس الفکریة مختلفة فإن الأحکام وبالتالي السلوکیات ستکون متناقضة وأن العدید من الصراعات والنزاعات تکمن في هذه الفوارق المختفیة في حنایا الأفکار والقیم الثقافیة؛ ولهذا یؤکد القرآن الکریم علی القیم الثقافیة المشترکة ویوفر المجال للتماسک الفکري والثقافي بین المسلمین. وصرح الأمین العام: الأمة التي تحمل الأمانة الإلهیة وتقوم بدور الرائد للشعوب "لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ" لن تکون قویة وصاحب إرادة إذا کانت متمزقة ومتفرقة تقاتل بعضها بعضا ومن هنا نری أن تعزيز وتعميق المعايير المشترکة أمر هام جداً وهي ما جعلته جماعة الدعوة والإصلاح نهجا لها وتعبر عنها بالإصلاح والتربیة وفق المبادئ والقیم الإسلامیة.

التربیة الثقافیة

وفي الجزء الثالث من کلمته أشار الأمین العام إلی إنجازات الجماعة في مجال التربیة والإصلاح والوحدة مؤکدا علی مزید من السعي في مجال التشاور والفعالیات الجماعیة وتابع قائلا: إن الجماعة لعبت دورا هاما في مجال التربیة الثقافیة إلی جانب التأکید علی التربیة والتقوی واستطاعت أن تجمع الأقوام والمذاهب المختلفة في ظل هذه القیم التقاربیة وتعزز السياق النفسي للتناسق الثقافي والوفاق الوطني.

وصرح سماحته: إلی جانب الحیلولة الواعیة دون المشاعر التي تؤدي إلى العزلة والتشاؤم إن الجماعة قامت بتربیة أشخاص لدیهم قدرات التواصل الاجتماعي بناء علی تحمل المسؤولیة والشفقة علی الشعب والأمة؛ نحن باعدنا عن العنف بفضل اتخاذ نهج الوسطیة في الفکر والسلوک وفي ظل الوحدة الفکریة والتماسك الجماعي.

وأضاف: أقول تحدثا بنعمة الله وبعیدا عن الفخر والخداع إن تربیة جیل واثق بنفسه ناصح خاضع وتنسیقه في مسار الخدمة والإصلاح والاعتدال هو إنجاز کبیر وملئ بالاعتزاز وتعزیز هذا الجیل الفرید ودعمه من واجب ناصحي المجتمع والبلاد.

وفي الختام أکد الأمین العام علی أن الجماعة إلی جانب التعلیم الإسلامي تهتم بالتقدم الثقافي السياسي للمواطنین وتمد ید العون والمساعدة لتنمیة البلاد وتحاول لإرساء الحریة والعدالة والرعایة الاجتماعیة في البلاد في إطار قواعدها ونهجها ووفقا لقدراتها وإمکانیاتها.