في الاجتماع المرکزي للهیأت التنفیذیة المرکزیة أکد الأستاذ عبد الرحمن بیراني الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح علی أن رسول الله کان رسول الحریة والتسامح والعدالة للعالمین جمیعا. وفیما یلي نص کلمة الأمین العام للجماعة:
اﻟﺤﻤﺪ لله رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﯽ رسول لله وعلی آله وأصحابه ومن والاه. ربنا آتنا من لدنک رحمة وهیأ لنا من امرنا رشدا بدایة أسأل الله الرحمة والمغفرة للذین قضوا نحبهم بسبب مرض کورونا وأسأل الشفاء العاجل للمصابین.
أؤکد علی المراعاة الجدیة والالتزام التام بجميع التوصيات الطبية والصحية خاصة في الظروف الصعبة الحالیة ونتوقع أن یقوم الشخصیات والجمعیات والمنظمات الأهلیة والمؤسسات الخیریة بجدیة بتقدیم الخدمات إلی الفقراء والتخفیف من معاناتهم وآلامهم.
بعد هذه المقدمة ، أود التأكيد على بعض النقاط وهي: نحن الآن في شهر ربيع الأول ، موسم ولادة النبي الکریم محمد (صلى الله عليه وسلم) نبي عالمي کان رسالته رحمة للعالمین ولذلک تلقی رسالة الرحمة: "وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ" حتی یصنع علاقته مع العالم والعالمین علی هذا الأساس الذي تم رسمه. لا شک أن النبي الخاتم کما کان رحمة للعالمین جمیعا ، کان رسول الحریة والعدالة والتسامح وحریة التعبیر أیضا في الظروف التي كان أتباع الديانات الأخرى متورطين في النزاعات مع بعضهم البعض ومع أتباع الإسلام وکانوا یرفضون قبول الآخرین کما یشیر إلیه القرآن الکریم: "وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ" بینما أنهما متساویان في قراءة الکتاب السماوي.
وهذه الدعاوي تشبه الخطب ومناقشات العامة الذین لیس لدیهم کتاب سماوي وأن الله تعالی سیحکم بینهم یوم القیامة. وهذه الآية تعبر بوضوح عن موقف أتباع الديانتين العظيمتين اليهودية والمسيحية بعضهم من بعض ولکن کان موقف أتباع الأدیان السماویة من الإسلام: "وَإِذا قيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَکْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ"
علی الرغم من آرائهم الضیقة هذه وعدم قبولهم للآخرین یبین القرآن الکریم موقف الإسلام في التعامل مع سائر الأدیان بطریقة أکثر شمولا من موقف الأدیان الموجودة في عصر نزول القرآن ویقول في هذا الصدد: "آمِنُوا بِما أَنْزَلَ" "قولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ" ووضع الإیمان بالأدیان السماویة والرسل الإلهیة في عداد الإیمان بالرسول الخاتم والقرآن الکریم وفضل قاعدة التفاعل والتعاون والوفاق ، على التحرک في مسار الفتنة والشقاق والعداوة. لذلک أن هذا الدین وهذا النبي لا یتسحقان سوى الإعجاب والتقدير والثناء وأن حرمتهما وقداستهما أعلى وأغلى من بعض الكلمات والمواقف التي تنبئ عن نوع من الجهل والغرض والمرض والضغینة وأنها مرفوضة علی الإطلاق.
وفي المقابل ینبغي للمسلمین تجنب الغضب واتخاذ اجراءات غیر عقلانیة وعنیفة وردود أفعال خاطئة مخالفة للمعايير وتعاليم الدين الإسلامي. ولقد ذکر الله تعالى بصراحة جزءا كبيرا من المخالفات والأوصاف الخاطئة التي یطلق المعارضون علی الأنبياء على مر التاريخ ، کاتهامهم بالغباء والسحر والخداع والضلال وما إلى ذلك وبما أن القرآن سیدوم إلی الأبد هذا من أبرز مصادیق حریة التعبیر. كما أن تعزیز الأنبياء بالمعجزات كان فعلاً إيجابياً ورد فعل يتناسب مع معارضة المعارضين وإنكار المنكرين وبعد ذلك ، استمر الموقف نفسه برأفة ورحمة من جانب الأنبياء وبعد الإنذار مارسوا سلوکا إیجابیا وتعاطفا بعیدا عن العنف والقمع.
وفي هذا الصدد قال إبراهیم علیه السلام بطل التوحید: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" هذا نمط الأنبیاء في التعامل مع المخالفین ومن البدیهي أن أتباعهم یتخذون نفس الموقف وقد جاء في قصة التثلیث:
"أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"
الآراء