في مجموعة برقیة تحدث الأستاذ عبد الرحمن بيراني الأمين العام لجماعة الدعوة والإصلاح مساء الخميس 26 أكتوبر عن "رسالة الإنسان في مرآة الإسلام" ونص کلمته کما یلي: الحمدالله والصلاه والسلام علی رسول الله وعلی آله واصحابه و من والاه.

ربنا آتنا من لدنک رحمة وهیء لنا من امرنا رشداً

السلام علیکم ورحمه الله وبرکاته

تحياتي لکم أیها الأحبة الکرام والأسر المکرمة وسائر الأعزاء.

سعيد جدا وأشكر الله عز وجل على أن شرفنی بالحضور بین أعزائي في هذه المجموعة البرقیة. أرجو أن تكون هذه اللقاءات والتجمعات مصحوبة بحضور الملائكة ونزول النور والرحمة.

کلمتی تتضمن علی مقدمة وثلاثة محاور:

المقدمة: یری العلماء أن رسالة الدين الحق تفسير الوجود وما هو مصيره وماذا ستكون نهايته وما هو دور الإنسان ورسالته في هذا الوجود وما ينتظره من القدر. من الواضح أن دين الإسلام بصفته خاتم الأديان والدين العالمي الأزلي والذي هو شاهد على الأنبياء والأديان السماوية الأخرى قد أدى واجباته بشكل جيد وشرحت قوانينه الخاصة الوجود وكيفية نشئه وأصله ومراحل تكوينه وقد شرحت القوانین التي تحكم الكون ومصيره بشكل واضح ومقنع ، خاصة فيما يتعلق بمكانة الإنسان ودوره ورسالته في الكون باعتباره أشرف المخلوقات وخليفة الله على الأرض وطبيعة حياة هذه الدنیا ومنزله المؤقت وغير الدائم وأخيراً الموت والقيامة.

القرآن كتاب يحتوي على كل من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وآياته كما أن لإعجاز القرآن جوانب مختلفة: الجانب العلمي. الجوانب اللغویة والتعبيرية. الجوانب التشريعیة. التعبير عن القوانين التي تحكم الكون. وبعض القوانین الإلهية عبارة عن:

قانون التدافع: "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ"

قانون التداول: "وَتِلْک الْأَیامُ نُدَاوِلُهَا بَینَ النَّاسِ" و"هَلْ یُهْلَکُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ"

قانون الاستبدال: "وَإِنْ تَتَوَلَّوْا یسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَیرَکمْ ثُمَّ لَا یکونُوا أَمْثَالَکمْ" و"تَبَارَک الَّذِی نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَی عَبْدِهِ لِیکونَ لِلْعَالَمِینَ نَذِیرًا"

ولهذا يقول العلماء المعاصرون: أمة الرسول نوعان: أمة الدعوة وهم کل الناس في کل مکان وزمان إلی یوم القیامة وأمة الإجابة وهم الذين قبلوا دین الإسلام أو يقبلونه.

وأما المحاور الثلاثة:

المحور الأول عبادة الله:

يقول القرآن الكريم: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" (الذاريات: 55). العبادة ترجمة عملية للاعتقاد والإيمان والطاعة مصحوبة بالحب والرضا الصادق التي تسبق الوعي واليقين. العبادة الواعية والصادقة لرب الكون تنبئ عن المعرفة الصحيحة للحقائق واختيار موقف حكيم مع الله وتحقيق العهد الأبدي والانسجام مع المخلوقات الأخرى. قال تعالی: "وان من شیء الا یسبح بحمده" یعنی العبادة الکونیة والعبادة الشرعیة. ویقول علی لسان الجن: "فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا"

المحور الثاني عمارة الأرض:

خلق الله الكون ووفر فيه ظروفاً معيشيةً سعيدةً وجعل الإنسان خليفته من أجل عبادته والسعي لعمارة الأرض: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" لأن عمارة الأرض وتطویرها من أهم الأغراض التي خلق الله الإنسان من أجلها. الإنسان الذي يفتخر بتمثيل ربه على الأرض قد كرمه الله للقيام بهذه المهمة وتجلياتها هي:

أولاً: انتخابُه خلفاً لله في الأرض وتكليفه بالمسؤولية وأمانة العمارة.

الثاني: خلقُه في أحسن تقويم والاعتراف بأبعاده الجسدية والعقلية والفكرية والأخلاقية والعاطفية: "لقد خلقنا الإنسان فی أحسن تقویم" و"إن السمع والبصر والفؤاد کل أولئک کان عنه مسؤولا"

الثالث: سخّر له الکون: "وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ"

الرابع: أرسل الرسل وأنزل الكتب السماوية لهدایته.

الخامس: أعطى الإنسان والقدرة على تعلم العلم ومعرفة الکون والقوانين السائدة علیه.

المحور الثالث إقامة القسط:

العدل في اللغة الوسط بين الإفراط والتفریط والمعنى الاصطلاحي للعدالة هو وضع كل شيء في مكانه الأصلي وإعطاء الحق لذوي الحق. العدل ضد الظلم. قال الله تعالى في سورة الحديد عن أهمية القسط والعدل: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ" (الحدید:٢٥) کأنَّ إرسال الرسل وإنزال الكتب والموازین كلها تسعى إلى هدف واحد وهو إقامة القسط وتحقیق العدالة.

وفقا لهذه الآية فإن من المهام الأساسية للديانات السماوية إقامة العدل بين المجتمعات البشرية؛ ودين الإسلام ،کدين عالمي أبدي يقوم على مجموعة من المفاهيم والقيم مثل الحرية والأمن والنمو والتميز والعدالة.