حضر الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح الأستاذ عبد الرحمن بیراني یوم الخمیس 16 ربیع الثاني في اجتماع المجلس المرکزي للجماعة في طهران وأشار إلی خطورة الصحوة الإسلامیة واصفا إیاها رسالة للاستقلال السیاسي والحریة وتحرير الأمم من هیمنة الأجانب ونافخة روح الکرامة في جسد الأمة الإسلامیة. أفاد مراسل إصلاح‌وب أن الأستاذ بیراني تطرق إلی هذه الآیات من سورة الحج: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّـهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ" [الحج: ٧٧-٧٨].

وأضاف سماحته: إن الصحوة الإسلامیة تحمل بین طیاتها میراثا دینیا وفکریا وسیاسیا وتأریخیا قیمة للأمة الإسلامیة کما أنها ناقلة لمعاناتها وتطلعاتها ونظرا إلی دور هذه البرهة وتأثیرها الشاملة علی حیاة المسلمین في القرن الأخیر هناک من قام بتحليل الأسباب الكامنة وراءها منهم من سلط الضوء علی أسبابها الاقتصادیة ومنهم من أبرز جانبها الاجتماعي ومنهم جعلها مصدرا للعنف عامدا أو جاهلا.

وفي إشارة إلی تصريحات بعض الشخصيات البارزة حول الصحوة الإسلامیة أردف قائلا: یری برهان غلیون مدیر مرکز الشرق المعاصر في جامعة سوربون بأن الصحوة الإسلامیة ظهرت امتدادا لمقاومة الشعوب المسلمة الوطنیة وأن تهمیش الإسلاميين وإزالتهم من المشهد السیاسي والحکومي من قبل العلمانيين الحاكمين علی الدول العربية والإسلامیة أدی إلی رد فعل الإسلامیین المتبادل وانتفاضاتهم الشعبیة.

ویعتقد عبد الإله بلقزیز المفکر الغربي أن نصوص القرآن والسنة لدیها قدرات مختلفة ذات إمكانية تفسيرات مختلفة ومناسبة مع مقاصد الإسلام؛ ومع الأسف هناک من یقوم بتصرف سيء أمام الدین والنصوص الدینیة بقراءاته المضلة والعنيفة بینما أن النصوص الدینیة بریئة من أي مظهر من مظاهر العنف ویعتبر الدموقراطیة وتطوير العدالة الاجتماعية والتجديد الثقافي استراتيجية بديلة للتطرف.

فؤاد حسن زکریا مصري یعتبر الصحوة الإسلامیة ردة فعل المسلمین أمام تخلف مجتمعاتهم وحرکات شعبیة للقضاء علی هذا التخلف. ویصف فرانسوا بورکا الصحوة الإسلامیة ظاهرة سیاسیة ودینیة نابعة من ظروف العالم الإسلامي.

والمحلل والمستشرق ريتشارد هيريه ديكشان یصف الصحوة الإسلامیة أنها جزء من ملامح الدین التجدیدية وهي ظاهرة مستکملة تصد للتحدیات والمشاکل الموجودة في العالم الإسلامي. وأکد الأمین العام علی أن أننا کمسلمین ملزمون أن نکون عابدین لربنا وخادمین لأقراننا ونجد جدنا في هذا السبیل.

وفي إشارة إلی هذه العبارة القرآنیة: "اَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى" قال: فقد حمل الإنسان أثقل أمانة علماً بعظمته وبناء علی العهد الذي بینه وبین ربه: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ" [الأحزاب: ٧٢]. فإن الإنسان یمتاز عن سائر المخلوقات وهو المسؤول عن عمارة الأرض وأن الکون وقواعده خاضعة له "وَسَخَّرَ لَکُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ" [(الجاثیة:13] وله أهلیة الإحیاء والتحدیث والتطویر وصناعة الحضارة بفضل تمتعه من العقل والإرادة والاختیار.

وحول بعض إشکالیات هذه الحرکة ونواقصها صرح الأمین العام: وتجدر الإشارة إلی أنه ظهر في القرن الأخیر بعض الإشکالیات في برامج الصحوة الإسلامیة وفي شعاراتها حیث یلزمها أن تعید النظر فیها؛ فمثلا في بادئ الأمر کان من المفترض أنها إذا تسلمت مقالید الحکم فتحصل علی کافة أهدافها وطموحاتها وکأن غياب السلطة السياسية یشکل فراغا کبیرا. ولکن تبین للإسلامیین تدریجیا أن الحصول علی السلطة السیاسیة في غیاب الإصلاح الثقافي والاجتماعي ودون التنمیة الاقتصادیة بإمکانها أن یکون سببا لتفاقم المشاکل ولذلک قال أحد قادة الصحوة الإسلامیة أمام الذین کانوا یهتفون بتطبیق الشریعة: تحقیق الحریة قبل تطبیق الشریعة.

وتابع: یظن البعض أن الإسلامیین یعتقدون أن یبدؤوا العمل من الأعلی إلی الأسفل بینما ینبغي أن یکون من الأسفل إلی الأعلی أعني علیهم أن یهتموا بإصلاح الشعب قبل تعدیل الحکومة.

وفي إشارة إلی شکوی بعض قادة الصحوة الإسلامیة من عدد من العلمانیین صرح سماحته: إن هؤلاء قاموا بإثارة الفوضی الاجتماعي وتوفیر المجال للعنف والفردیة والتحزبیة بتهمیش الإسلامیین والحرکات الإسلامیة خاصة في الدول العربیة وبالتالي وطبقوا الفردیة والإقصائیة في مجتمعاتهم. وعدد من هؤلاء الذین استولوا علی السلطة قاموا بتلبیة عنجهیتهم وغرطستهم وتهمیش الآخرین أو إزالتهم بدل إقامة تعاون وطني متماسك والسعي لتطويره.

وفي الختام قال سماحته: أدعو جمیع إخواني وأخواتي خاصة أعضاء جماعة الدعوة والإصلاح أن یقوموا بالعمل والجهاد إلی جانب الجهات الفاعلة في المجتمع مدرکین الحقائق الاجتماعیة وأن یقوموا بتنمیة ثقافة التعاون والتعاضد حتی ننجح في توجیه قدرات الفرق المختلفة إلی المصالح الکلیة وأن نخطو خطوات إیجابیة نحو تعزیز التنمیة المتوازنة مع الالتزام بمبدأ قبول الآخر وممارسة العمل الجماعي.