ودَّع العالم الإسلامي، وودعت الأمة الإسلامية الكبرى في مشارق الأرض ومغاربها الجمعة (رابع جمادى الآخرة سنة 1435هـ - رابع أبريل سنة 2014م): قطبًا من أقطابها، وعلمًا من أعلامها، وقلمًا من أقلامها، ونجمًا من نجومها، وَهَبَ عمره من أوله إلى آخره لها ولدينها، ودعوتها وثقافتها، وحضارتها وتراثها، وهو الداعية الكبير، والكاتب القدير، المصري وطنا، الإسلامي هُوية، العالمي امتدادا: الأستاذ محمد قطب، الذي صلى الناس عليه عشاء في الحرم المكي، وصليت عليه وإخواني في قطر.
بعد حياة حافلة راضية، ثائرة على الطاغوت، مؤمنة بالله، {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة:256]. قضى هذه الحياة في خدمة الفكرة الإسلامية والدعوة الإسلامية، التي بها يعيش، ولها يحيا، ومن أجلها يدرِّس ويحاضر، ويؤلف ويكتب، ويدعو ويربِّي، حتى لقي ربه راضيًا مرضيًا، بمكة المكرمة بجوار بيت الله الحرام.
ولقد لقي ما لقي، وقاسى ما قاسى، في سبيل دعوته وفكرته؛ دخل السجن، وسُقِي المر، وتحمَّل الأذى، وتلقى نبأ قتل الظالمين أخاه سيد قطب صاحب (العدالة) و(الظلال) و(خصائص التصور الإسلامي ومقوماته)، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. وردد ما قاله يعقوب: { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } [يوسف:18].
وتلقى بعد ذلك نبأ وفاة زوج شقيقته كمال السنانيري، الذي سيق إلى معتقلات السادات، وتوفي في بداية عهد مبارك، في شبهة إيذاء وتعذيب، أدى إلى نهاية حياته رحمه الله.
كان محمد قطب آخر عضو في أسرة قطب إبراهيم، وهم أطياف أربعة: سيد، ومحمد، وأمينة، ومديحة. وكانوا كلهم من أصحاب القلم، ومن أهل النور والدعوة إلى الإسلام، وإنا لندعو الله أن يتقبلهم في الصالحين.
آل قطب كلهم برجالهم ونسائهم: أسرة أدب ودعوة، وثقافة وفكر، وقد كان موطنهم بالصعيد، فانتقلوا إلى القاهرة، ومن القاهرة انتقلوا بفكرهم ودعوتهم إلى العالم العربي، بل العالم الإسلامي، بل إلى كل العالم.
وكان سيد قطب في بداية حياته من مدرسة العقاد، في الأدب والنقد، ولم يكن من أنصار الرافعي، المعروف بانتمائه للإسلام.
وكان محمد قطب في أول أمره مشغولًا بالأدب والفن، حتى انتقل الرجلان معا إلى الإسلام، سيد قطب في كتابه (التصوير الفني للقرآن) وكتابه الآخر (مشاهد القيامة في القرآن)، وكان الكتابان فتحًا جديدًا في اتجاههما الفريد. ثم دخل الدعوة بكتابه ( العدالة الاجتماعية في الإسلام) وبدأ محمد قطب يوجه قلمه وفكره، ليكتب عن الإسلام.
كان أول كتاب قدمه إلى عالَم المؤلفين هو: (الإنسان بين المادية والإسلام). فدّل على أصالةٍ في فكره، وتمكُّن في علمٍه، ونبوغٍ في مواهبه.
واستمر تدفقه في عالم التأليف، يمتع المسلمين في بلاد العرب، والعالم الإسلامي، وعالم الغرب والشرق، بكتبه القيمة، التي تقدم البيّنات، وترد على الشبهات، وتقاوم الباطل، وتنشر الحق، فهو من الطائفة المنصورة، التي شهد لها محمد صلى الله عليه وسلم، بأنها التي تظل قائمة على الحق، لا يضرها من خالفها، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، وهي التي قال الله فيها: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:181].
قدم من أول ما قدم (شبهات حول الإسلام)، و(منهج التربية الإسلامية)، و(منهج الفن الإسلامي)، و(جاهلية القرن العشرين). ويعني بها جاهلية الغرب التي زيف بها الحقائق، وروج بها الأباطيل، وقدم للناس حلوى مسمومة، ولكنها في عُلَب جميلة، وكان عندنا نحن جاهلية القرن الرابع عشر، ولكنها جاهلية مقلِّدة، اتخذت الغرب ربًّا، فاتخذ أهلها له عبيدًا.
وما زال محمد قطب، وخصوصًا بعد فقد شقيقه الأكبر سيد قطب، الذي أصر عبد الناصر على إعدامه رغم توسط المتوسطين، وشفاعة الشافعين له من زعماء العالم العربي، فلقي ربه شهيدًا، كما قال الله {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران:140].
وظل أخوه محمد يحمل الراية، ويمد المكتبة الإسلامية بكتبه الإسلامية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وكلها قذائف في وجه الباطل، وكواكب في سماء الحق، ويمد الجامعات بما يمد به شبابها من فقه وثقافة، حتى استقرَّ به المقام في مكة -حفظها الله- يدرِّس لشبابها، ويهيئهم لحمل الماجستير والدكتوراه، وقد تتلمذ عليه كثيرون، ودانوا لفكره.
وقد كنت، وكثيرون مثلي، ننتظر ظهور كتبه الجديدة، فنتلقفها لنقرأها وندرسها ونقتبس منها، ومنها: (واقعنا المعاصر)، و(مذاهب فكرية معاصرة)، و(كيف نكتب التاريخ الإسلامي)، و(دراسات قرآنية)، و(حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية)، و(مفاهيم ينبغي أن تصحح) وغيرها.
ولقد كان يعيد طباعة كتبه القديمة مرات ومرات، وكثيرًا ما كان يراجع نفسه فيها، ويتراءى له من الأفكار ما قد يعاتب عليه نفسه. انظر إلى ما كتبه في مقدمة الطبعة الرابعة، بعد عشرين سنة من الطبعة الأولى، لكتابه الأول (الإنسان بين المادية والإسلام). يقول رحمه الله:
"هذا الكتاب هو أول كتبي، ومن أحبها إلي!
إنه يمثل في نفسي خط الاهتداء إلى الإسلام!
ولقد عشته سنوات طويلة قبل كتابته بالفعل. عشته خواطر متفرقة، وتأملات متشعبة في النفس والحياة. ولكنها لم تتبلور، ولم تأخذ صورتها النهائية، إلا في أثناء كتابة الكتاب!
ولذلك أحسست وأنا أكتبه، أنني أجد نفسي! وأجد إسلامي واضح الصورة، مفصل القسمات!
ولقد كان مدخلي إليه هو دراسة النفس الإنسانيَّة. وما زال هذا أوسع مداخل البحث لدي. فأنا أشعر دائمًا أن دراسة النفس الإنسانيَّة هي القاعدة التي نبني عليها معرفتنا وتصوراتنا، في كل ما يختص "بالإنسان" سواء كان أدبًا وفنًّا، أو تاريخًا، أو سياسة، أو اقتصادًا، أو اجتماعًا، أو تربية وعلم نفس.. وأننا لا نستطيع أن نخوض في هذه المجالات بغير تصور سليم، ودراسة وافية للنفس الإنسانية.
وأيًّا كان الرأي، فهذا هو المدخل الخاص الذي دخلت منه إلى الدراسة الموضوعية في هذا الكتاب، وفي كتب كثيرة تالية.. وما زلت مقتنعًا بأنه يمكننا التوصل إلى كثير من الحقائق عن هذا الطريق!
ثم إن هذا الكتاب– في الوقت الذي تبلورت فيه أفكاري ومشاعري و"مدخلي" إلى الإسلام ذاته- كان في الحقيقة "مستودعًا" لكثير من الأفكار التالية التي تولدت عنه، فكانت امتدادًا له أو بلورة أو تخصيصًا لما جاء فيه من موضوعات. وبهذه النظرة أنظر مثلًا إلى كتاب "شبهات حول الإسلام" و"في النفس والمجتمع" و"معركة التقاليد" و"منهج التربية الإسلامية" و"دراسات في النفس الإنسانية" و"التطور والثبات في حياة البشرية" وحتى "جاهلية القرن العشرين"!
لقد كانت كلها بذورًا محتواة في الكتاب، أو براعم تفتحت فيما بعد، وامتدت في شتى الاتجاهات..
وربما كان هذا كله تفسيرًا للصلة النفسية التي تربطني بالكتاب!
غير أنه ينبغي لي أن أقول: إنني عند مراجعتي له من أجل هذه الطبعة– وتلك أول مراجعة حقيقية منذ كتبته أول مرة سنة 1951- وجدت أن هذه المدة المتطاولة من الزمن قد فعلت فعلها، ولا شك في طريقة تفكيري وفي موقفي من بعض قضايا الكتاب!
لقد وجدت مثلًا أنني أعطيت فرويد– والتفكير الغربي عامة- أكثر مما ينبغي من "التوقير العلمي"! وأن هذا التفكير الغربي– بما فيه فرويد بالذات- لا يستحق كل هذا التوقير، ولا كل هذه العناية بتفنيده! ولست أعني بذلك أنني عدلت عن منهج المناقشة الموضوعية لأية فكرة أو نظرية. بل هذا الذي ينبغي دائمًا أن نفعله. ولكن المناقشة الموضوعية شيء و"التوقير" شيء آخر.. وأرى اليوم– بعد زيادة خبرتي بانحرافات الفكر الغربي، وبمخططات الإفساد التي تخطط لإفساد البشرية– أن ذلك الفكر يناقش- إذا لزم الأمر- مناقشة موضوعية، نعم، ولكن بغير الحفاوة والاحتفال الذي كان قبل عشرين سنة من الزمان! وأن الأجدر بنا أن نعرض حقائق الإسلام المشرقة الوضيئة، دون التفات لتلك الانحرافات!".
ومن أهم كتبه (منهج التربية الإسلامية) بجزئيه، وقد نال على تأليفه لهذا الكتاب جائزة الملك فيصل، وهو جدير بذلك.
إن محمد قطب- بكتبه المتنوعة في موضوعاتها وموادها، أو في محاضراته الشائقة المركزة وفي إنتاجه الغزير- أصبح يمثِّل مدرسة إسلامية في الدعوة والتربية، والحوار والفكر الإسلامي، الذي يتميز بالأسلوب النيِّر، الذي يخاطب العقل، ويحرك العاطفة، ويحاور الآخر، ويرد على الغرب، كما يرد على المخالفين، ويثير في الشباب اعتزازًا خالصًا للإسلام، وتكاتفا عليه، وجهادا في سبيله، ورفضا لما سواه.
لا أريد أن أظهر ما فارق به محمد قطب غيره، فليس هذا وقت الممايزة ولا المفاضلة، حسبنا أن الرجل كان ابن الإسلام في كل ما يصدر عنه، لا يتبنى فكرا غيره، ولا يشرك به دينا ولا مذهبا ولا فلسفة لمخلوق، كبر أو صغر، شرقيا كان أو غربيا، بل رأيناه فيما طبعه أخيرا من كتبه الأولى يعتذر عما كان فيه من توقير زائد لبعض رجالات الغرب الذين رآهم حادوا عن سواء السبيل مثل (فرويد) في كتابه الأول (الإنسان بين المادية والإسلام). وهو كلما اتسعت ثقافته وامتدت وتعمقت، ازداد إيمانا بصدقية الإسلام، وأحقيته بأن يسود ويقود؛ لأنه كلمة الله الوحيدة في هذا الوجود، وكلمة الله هي العليا.
تزوج الأستاذ محمد قطب بعدما تقدم به العمر من أسرة دمشقية عريقة، وأنجب ثلاثة أبناء بررة: أسامة، وعبد الرحمن، وابنته المتخصصة في علم التاريخ.
وبقي رغم طول مكثه في المملكة يحمل الجنسية المصرية، إلى أن أنتقل إلى رحمة الله.
انتقل مدرسًا في قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز بمكة، والتي سميت بعدُ بجامعة (أم القرى)، واستفاد منه طلابه، وتعلقوا به، وأنزلته المملكة آنذاك منزلته، فكان محاضرًا في كل الجامعات وشتى المناسبات، وحظيت كتبه بالشهرة والانتشار، وطلب منه وزير التعليم العالي الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ بإشارة من الأستاذ محمد المبارك أن يكتب (منهاج التوحيد) لطلاب الثانوية، فألف كتاب (التوحيد) بأجزائه الثلاثة، وقرأه ألوف الطلاب وانتفعوا به، ثم غُيِّر المنهاج إلى أسلوب آخر، وكاتب آخر. وقد أخرج فيما بعد كتبه التي كتبها في منهج التوحيد إلى كتاب سماه: "ركائز الإيمان"، وهو من كتبه التي يستفاد منها كسائر كتبه.
وبعض الشباب السعودي الذين تخرجوا على يديه، وساروا على دربه، وحملوا فكره الحر، ودافعوا عنه، وجادلوا رجال المملكة، بما آمنوا به، وأشرف على بعض رسائلهم، ولا يعني إشرافه الموافقة على كل ما كتبوه، بل الطالب هو الذي يحمل مسؤولية ما سطره بقلمه، واختاره بفكره؛ ربما كان موقف هؤلاء الطلبة وتشددهم أحيانا، هو الذي خوف بعض العلماء على على فكرهم التقليدي الموروث من الشيخ محمد وأمثاله، ولعل هذا هو الذي سول لبعض غلاة المشايخ والعلمانيين أن يطلب إبعاده عن المملكة.
وكم دُعي محمد قطب إلى محاضرات في بلاد شتى: في بلاد الخليج ومنها قطر، وفي بلاد العرب وغيرها، يستمع إليها العلماء والمفكرون والدعاة، ويستمع إليها المثقفون، والشباب والشابات خاصة، فتؤثر محاضراته في أفكارهم وتنورها، وتؤثر في عواطفهم وتوجهها، وتؤثر في عزائمهم وتحفزها.
وقد دعوته أكثر من مرة إلى جامعة قطر، وإلى كلية الشريعة فيها، فاستجاب لدعوتنا عدة مرات، وألقى محاضرات جامعية، ومحاضرات عامة، واستفاد الطلبة، واستفاد الجمهور، وسعد العلماء والدعاة والمهتمون بالشأن الإسلامي بالجلوس والمحادثة والمناقشة معه. وكم شعرت بالسعادة حين دعوته في بيتي مع الإخوة، فاستجاب، وملأ بيتنا سرورا وبهجة.
وقد دعوته لينتقل إلى قطر، ليعمل فيها، ويستقر بها، وكل أهل قطر يرحب به، وكم حاول معه صديقنا وصديقه الدكتور عبد الرحمن بن عمير النعيمي، ولكنه رفض أن يترك جوار المسجد الحرام الذي جعله الله قياما للناس وأمنا.
وقد أراد أناس من المملكة أن يخرجوه منها، مع من خرج من الإخوان، ولكن كثيرين توسطوا له، وحققوا له ما أراد، من الإقامة والاستقرار بمكة المكرمة، دون أن يمارس أي نشاط، فوافقوا على ذلك فبقي بها، حتى وافاه الأجل وهو فيها {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [المنافقون:11].
كان محمد قطب يعرف أن لي ملاحظات على كتابات شقيقه الشهيد سيد قطب، وما يضره هذا؛ لأن ما قاله إنما قاله عن اجتهاد، والمجتهد – وإن أخطأ- مأجور على اجتهاده أجرا واحدا. وربما كان لي ملاحظات على بعض كتبه هو، ولكنه لم يكلمني قط في ذلك، ولم أكلمه، لأننا نتحدث في المتفق عليه، لا في المختلف فيه، وهو يعلم أن اختلاف الناس في بعض هذه الأمور وارد، وأن لكلٍّ فكرَه، ولا حرج عليه فيما اجتهد فيه، وكل مجتهد يعتز باجتهاده، وهذا من حقه، وإنما المهم هنا هو النية "وإنما لكل امرئ ما نوى".
وكنت لقيته عدة مرات في زياراتي إلى مكة المكرمة وجدة، وكم دعاني أن أزوره في بيته في مكة المكرمة، ووعدته بذلك، وكم تمنيته والله، ولكن كل زياراتي في مكة كانت سريعة، ولم يتحقق لي ما رجاه مني، فأرجو أن يسعني صفحه، فما له مني غير المودة والتقدير والحب في الله، وصدق الله إذ يقول: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67].
وكنت على تواصل معه، ولما بلغني دخوله إلى المستشفى في رمضان 1423، إثر نوبة قلبية، اتصلت به، واطمأننت على صحته، وبثثته حبي وتقديري ودعائي الخالص.
كان محمد قطب في عالم الدعوة والثقافة الإسلامية في دنيا المسلمين: نورًا يهدي، وغيثًا يُحيي، وروحًا يسري، وصوتًا يدوِّي، وعزمًا يقوّي، وشمسًا تشرق، وشهابًا يثقب ويحرق، ولكنه لا يحرق إلا الشياطين.
اللهم ارحم آل قطب الأبرار، وارحم محمد قطب واغفر له، وعافه واعف عنه، وتقبل منه، واكتبه في عبادك المرضيين، وعلمائك العاملين، ودعاتك الصادقين، وأسكنه الفردوس الأعلى، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، واحشرنا في زمرتهم يا رب العالمين.
الآراء