قبل قرن من الزمان وفي سنة 1315هـ ولد الأستاذ عبد الرحمن فرامرزي في أسرة دینیة وکان والده عبد الواحد یعیش مع أسرته في قریة کجویه فرامرزان ببستک. والتحق عبد الرحمن بالمکتب کبقیة أقرانه وتعلم القرآن ودیوان حافظ وکتابي بوستان وکلستان للسعدي. وکان حریصا علی طلب العلم ویحفظ کل شيء سریعا بسبب تممتعه من ذکائ عال؛ وبعد مرحلة الطفولة ذهب عبد الرحمن إلی بحرین لطلب العلم وتعرف علی الأدب العربي لغة القرآن والسنة ثم ذهب إلی السعودیة حتی یتم معلوماته وبعد الحصول علی العلوم والمعارف العالیة عاد إلی البلاد وعمل أستاذا ومعلما في جامعة طهران.

وعلاوة علی ذلک کان لدیه قدرة کبیرة في مجال الخطابة ونظرا لمهارته هذه صار محامیا في المحکمة ثم تم انتخابه نائبا في مدن لار وورامین وإیوانکی ودخل البرلمان. وأصدر الأستاذ عبد الرحمن فرامرزي صحیفة کیهان وکان مؤسسها والتي لا تزال تنتشر وبسبب براعته في فن الکتابة کان ینشر کثیرا من مقالاته في الصحف العربیة ببحرین ومصر علاوة علی کیهان ونشر مجلة "تقدم" بمساعدة شقیقه في سنة 1349هـ في طهران.

وقدم فرامرزي خدمات واسعة للأدب الإیراني حیث إن إذاعة طهران أعلنت یوم وفاته: "توفيت واحدة من الرکائز الأربعة للأدب الإیراني". وحین یطبع مقالا من الأستاذ فرامرزی ففي الیوم تالي کان الناس یرددونه في مجالسهم؛ کان الأستاذ رجلا متواضعا ذا براعة في الإجابة ومزاحا ذا تفکیر حر وجریئا.

وهو في زمرة کتاب إیران المعاصرین کأحمد آرام وجلال آل أحمد وعلي أضغر حکمت وعلي أکبر دهخدا والدکتور ذبیح الله صفا ومحمد علي فروغي والدکتور محمد معین وصادق هدایت وجلال الدین همایي. وکان أول من طرح قضیة فلسطین في البرلمان ودافع عنها بجدیة وتذکر حقوق الشعب الفلسطیني المظلوم لمواطنیه وکتب في کتاب له بعنوان قضیة فلسطین:

"إن قضیة فلسطین لیست قضیة المذهب فقط؛ إنها لیست مسألة إحراق القبلة الأولی لنبي الإسلام بل هي قضیة البشریة بأکملها".

وإذا کان یدخل البرلمان یستهل کلامه بمزحة وکان یتمنی دائما شیئین اثنین: أن یکتب بقلمه طلقا وأن یکون له کرسیا في البرلمان لتعبر عن آرائه حرا. وله عدة مؤلفات وکثیر منها لم یتم جمعه حتی الآن وبعض من مؤلفاته:

قضیة فلسطین

قصة رجل بائس

قصة الأصدقاء

الخواطر

رشحات القلم

دستور الحیاة (ترجمة)

وأخیرا توفي الأستاذ عن عمر یناهز 75 سنة في سنة 1394هـ في طهران بعد حیاة ملیئة بالمجاهدة والمکابدة في سبیل رفع المستوی العلمي والثقافي للبلاد ولم یتوفر له مزید من الفرصة حتی یستمر في تقدیم خدمات أوسع.

وفي فراقه وصفه أصحاب الفضل الأدب وکثیر من الشعراء بـ "رجل لا بدیل له".

وقال مسعود بهنود: توفي عبد الرحمن فرامرزي کاتب المقالات الساخنة والآراء اللا تتغیر والتهکمات اللازعة ورجل الخواطر.

وکتب الأستاذ یغمایي بعد وصف فرامرزي: أجل أنه توفي رجل ذات الصفات الموجودة والذي قل نظیره في عصرنا وینبغي الإشارة إلی أن فرامرزي کان مسلما متشددا من أهل السنة والجماعة.

وقال دولت آبادي: إن سهم الأجل أصاب بأعظم الکُتاب والکاتب الشهیر بإیران عبد الرحمن فرامرزي وأنه لیس من الواضح مِن أین ومتی ومَن سیملأ فراغه بین حلقة الکتاب.

وکتب اسماعیل یکانکي في مجلة سبید وسیاه ( الأبیض والأسود): لقد فقد مجتعمنا رجلا لیس له بدیل؛ قد أطفئ برکان لن تسمع له هدیر أبدا وضاع رأس مال لن نتمکن من تعویضه قط.

وقال ابو القاسم باینده: یعد فرامرزي من زمرة عدد قلیل من الرجال جدا وهو في طلیعتهم وأن فقدانه خسارة فادحة بالنسبة للأدب الإیراني.

وقال الدکتور سامي: لا أظن أن یری مجتمعنا مثل هذا الشخص في مستقبل قریب. وقال المهندس والا مدیر مجلة طهران مصور: هل سیسمح للعصور القادمة أن تهب للشعب الإیراني رجلا کفرامرزي؟

وکتب صفي بور مدیر مجلة أمید إیران: لا یکاد یمکن العثور علی رجل یکون بإمکانه أن یمتلأ فراغه في الصحافة الإیرانیة.

وقال أمیراني مدیر مجلة خواندنی‌ها (القراءات): إن قضیة من یخلفه أصعب من فقدانه وأن الأستاذ فرامرزي بعد نصف قرن من التعلیم والکتابة لمصلحة البلاد والشعب وتربیة آلاف من التلامیذ والقراء لیس له خلیفة وأن مکانه فارغ بین الصحافة وأن الصداقة والتصریح في المقال لیس له زبون حتی نبحث عن طالب له.

وقال مسعود فرزاد: إن شخصیات أفاضل وصدیقة وشجاعة کفرامرزي لن توجد بالسهولة في البیئة الأدبیة والثقافیة للغة الفارسیة.

وکتبت مجلة فردوسي: الصحفیون الإیرانیون یشعرون بالفتور والتقصیر في صفوفهم وعسی أن یملأ فراغه في وقت متأخر وربما لن یملأ أبدا.

وقالت الدکتورة مصاحب: إن وفاة فرامرزي مع کل آلامه أثبتت مرة أخری بأن الحقیقة والصداقة والثبات والصلابة العقدية ستکون سائدة دائما وأن نهج التقدیر والامتنان والرجولة والولاء لا یزال باقیة.