قال الأستاذ بیراني: إن تغییر الأسلوب وفقا للزمان والمکان والمخاطبین أمر ضروري مشیرا إلی هجرة المسلمین إلی الحبشة ومؤکدا علی أهمیة التحدیث في أسالیب الدعوة واستطرد قائلا: تغییر الأسلوب وفقاً للزمان والمکان والمخاطبین أمر ضروري في الدعوة. أفاد مراسل موقع إصلاح‌وب بأن الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح الأستاذ بیراني حضر اجتماع الهئیة التنفیذیة المرکزیة یوم الأربعاء 28 ربیع الأول في طهران وأشار إلی هجرة عدد من المسلمین إلی الحبشة قائلا: الدفعة الأولی من المهاجرین قد هاجروا في السنة الخامسة وشملت 11 رجلاً وأربع نسوة.

وقد روي أن النبي صلی الله علیه وسلم لمّا رأی أن المشاکل تزداد یوما بعد یوم وأن أصحابه یلاقون ألوان الإیذاء من زعماء قریش ولا یملک أن یدفع عنهم الأذی، أمَرهم بالهجرة إلى الحبشة قائلا: إنّ فيها ملكاً لا يُظْلَم عنده أحدٌ فهاجِروا إلیها حتی نتخلص من هذا الضیق والاختناق. وقد روی الأصحاب أنهم حین قدموا إلى الحبشة وجدوها أرضاً جیدة للغایة وقد رحب بهم أهلها ووجدوهم مواطنین وجیرانا صالحین. لقد قام المسلمون هناك بأداء شعائر دینهم ولم یتعد علیهم أحد وکانوا في أمن وسلام.

وعدّ سماحته الدروس التي تستخرج من هذه الحرکة التأریخیة کما یلي:

1- إن النبي صلی الله علیه وسلم قد عانی معاناة کثیرة وتباعا له أصحابه ربما عانوا أشد منه وأنكى وهذا یعني أن من دعا إلی الله ولم یستعد لمواجهة الصعوبات فهو لیس داعیا حقيقيا.

2- قاعدة حفظ الدین بمعنی أن من لیس بإمکانه الحفاظ علی دینه فیُسمح له بالهجرة من مکان إلی آخر.

3- الموضوع الآخر الذي یبرز هنا هو دور العدالة والقسط في خلق العلاقات الاجتماعیة الحسنة؛ إن بعض الناس یسافرون من بلد إلی بلد آخر الذي یجدون فیه العدالة والقسط حتی یشعروا بالأمن والسلام.

4- إن العدالة والقسط أداة لتوفیر الأمن والسلام؛ فحین تقام العدالة في بلاد أو منظمة أو مؤسسة فأهل تلک البلاد أو الأسرة أو المنظمة یشعرون بالراحة والسلام وهذه من البرکات التي أشار الله إلیها في کتابه العزیز: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ"(الحدید:۲۵).

5- إن جمیع الرسل قد بعثوا لإقامة العدالة لیس فقط لإقامتها بین الأمراء والحکام ولکن لکي تصبح العدالة ثقافة بین الناس.

6- الأمن والسلام ثمرة إقامة العدالة وأداة للنمو والتطور ولا یتم تطور إذا لم تکن هناک عدالة وأن دعاء إبراهیم یشیر إلی هذه الحقیقة: "و إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ"(ابراهیم:۳۵)

7- والنقطة الأخری هي فضل الحاکم العادل والملتزم بالعدالة حیث یعتمد علی سیاسة عادلة وحکیمة تجاه مواطنیه وفي الحدیث الذي تمت روایته کان لعم النبي أبي طالب دور واسع في دفع الأذی عنه وأن الحبشة رغم کونها أرضاً فقیرة أصبحت أول مهجر المسلمین نظراً للعدالة التي کانت تسود فیها.

8- المهم أن یعیش الإنسان في بلد یشعر فیه بالأمان والسلام ویمکنه الحفاظ علی دینه؛ لیس المهم أن یکون ذلک البلد إسلامیا والحاکم مسلما بل الأهم أن تسود فیها العدالة. إذا کان الحاکم عادلا فبإمکاننا أن نعیش في ظل عدالته ولکنه إذا کان ظالما فلا قیمة للهجرة إلیه وسیکون من المتسحیل أن يشعر الإنسان بالسلام والحفاظ علی الهویة.

9- والنقطة الأخری هي أهمیة التحدیث في أسالیب الدعوة بمعنی أنه لا ینبغي أن نفکر بأن الدعوة لها طور ثابت؛ وعلی الدعاة أن یهاجروا في أرض الله ویقوموا بالتواصل مع الشعوب الأخری ویبلغوهم رسالة الدین والشریعة وهذا یشیر إلی أنه لیس للدعوة أسلوب واحد. الحضور في المؤتمرات والتواصل مع الآخرین وتعریف الآخرین بمناهج الحرکات وسیاساتها وأسالیبها قد باتت أمرا ضرورياً جداً إذاً لا ینبغي أن نقتصر بتلک الجلسات الدینیة التي نعقدها رغم أهمیتها ولکنها لیست کافیة وأن تغییر الأسالیب وفقا للزمان والمکان والمخاطبين أمر ضروري جدا.

10- والموضوع الأخیر هو التوحید؛ کلنا عباد الله تعالی وأن التوحید یستحق أن نهاجر من بلد إلی آخر لأجله وأن الأمن والسلام لیتم تحقیقهما في ظل التوحید وتطبیق العدالة.