إنها لظروف مؤلمة أشد الألم على النفس المسلمة العاملة لدينها الواعية لقوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (النور/55).

فإلى متى سيظل العدو يذبح وينهب ويسلب ويبيد بينما لا تتعدى ردود أفعالنا تجاه ذلك سوى الاحتجاجات الغاضبة أو التبرع بجرء من المال أو تتبع الأخبار عبر شاشات التلفازرأو الصحف ثم ينتهي رد الفعل ويحل محله الفتور والوهن ويعود كل منا للاهتمام بحياته الخاصة ودنياه الفانية, ونومه العميق ويستمر هذا النوم إلى أن يقوم العدو باعتداءات جديدة, فنستيقظ برد فعل كالسابق ثم نعود للنوم وهكذا!.

لابد إذن من وقفة.. لابد من رد فعل له استراتيجية طويلة المدى.. استراتجية لا تنتهي بموت الأفراد أو الشعوب... استراتجية هدفها إعلاء كلمة الله تعالى في الأرض, وسيادة الإسلام على العالم أجمع.. هدفها الفوز بإحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة في سبيل الله.
لماذا المسلمون؟!

لنتساءل: لماذا يحدث هذا للمسلمين فقط دون سائر الملل؟ الجواب يعرفه المسلمون أنفسهم قبل أن يعرفه العالم, ذلك أنهم أعطوا الدنية في دينهم ورضوا بالحياة الدنيا دون الآخرة واستسلموا للواقع المخزي الذي تتحكم فيه الدول الغربية وتضغط من أجل مصلحتها ومصلحة الكيان الصهيوني فقط.

يقول الإمام الشهيد حسن البنا: "إن الأمة التي تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة, يهب الله لها الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم في الآخرة, وما الوهن الذي أذلنا إلا حب الدنيا وكراهية الموت... فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة".

ولا بد أن نعي جيدا أن أمتنا الإسلامية اليوم تعيش فترة من أحرج فترات تاريخها, فهي أحوج ما تكون  إلى وحدة الصف وبذل الجهد والإخلاص في العمل ونزاهة القصد وحشد الإمكانات والقوى والطاقات واستثمار ذلك كله في سعيها للخروج من أزمتها خاصة وأنها في خطر كبير إن لم تتداركها عناية الله.

لنتذكر معاً خطاب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل القدس قبل أن يغادر بعد أن فتحها المسلمون فقال: "يأهل الإسلام, إن الله تعالى قد صدقكم الوعد ونصركم على الأعداء وأورثكم البلاد ومكن لكم في الأرض فلا يكون جزاؤه منكم إلا الشكر, وإياكم والعمل بالمعاصي فإن العمل بالمعاصي كفر بالنعم وقلما كفر قوم بما أنعم الله عليهم ثم لم يفزعوا إلى التوبة إلا سلبوا عزهم وسلط الله عليهم عدوهم". (الطريق إلى القدس للدكتور محسن صالح).

فالعمل بالمعاصي والكفر بما أنعم الله به علينا وعدم الإسراع بالتوبة يؤدي إلى تسليط الله عدونا علينا.

فماذا فعلنا لإسلامنا كي نرضي الله عز وجل منا خيراً فيمكن لنا وينصرنا ويورثنا الأرض ومن عليها لنقيم عليها العدل والحب والرحمة.
واجبات كثيرة

ولنحاول أن نعدد ما يمكن أن نفعله من أجل إسلامنا كل حسب قدرته وطاقته:

يستعرض الإمام الشهيد في واجبات الشاب المسلم الكثير من الواجبات التي نستطيع القيام بها, ومن ذلك - مع إضافة يسيرة - :

1- تجديد العهد مع الله عز وجل بأن نعمل للإسلام حتى النصر أو الشهادة.

2- أن تديم مراقبة الله تبارك وتعالى وتخلص النية له في كل عمل.

3- أن تجدد التوبة والاستغفار دائماً وأن تتحرر عن الصغائر فضلاً عن الكبائر وأن تتورع عن الشبهات حتى لا تقع في الحرام.

4- أن تحسن تلاوة القرآن والتدبر في معانيه وأن تدرس السيرة المطهرة وتاريخ السلف بقدر الإمكان وأن تلم بالضروري من قواعد العقائد وفروع الأحكام وأسرار التشريع.

5- أن تجاهد نفسك جهاداً عنيفاً حتى يسلس لك قيادها وتغض طرفك وتضبط عاطفتك وتقاوم نوازع الغريزة في نفسك وتسمو بها دائماً الى الحلال الطيب وتحول بينها وبين الحرام أياً كان.

6- أن تحسن الصلاة وتواظب على أدائها في أوقاتها وتحرص على المسجد والجماعة ما استطعت.

7- أن تصوم رمضان صياماً صحيحاً.

8- عليك بالدعاء وأن يكون لسانك رطباً بذكر الله دائماً.

9- أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.

10- أن تستصحب دائماً نية الجهاد وأن تعد لذلك ما وسعك الاستعداد.

11- أن تزاول نوعاً من أنواع الرياضة البدنية ولو كان المشي.

12- أن تحرص كل الحرص على أداء مهنتك كاملة من حيث الإجادة والإتقان وعدم الغش وضبط المواعيد.

13- أن تكون صادقاً فلا تكذب أبداً... قوي الإرادة فلا تتردد أبداً... وفياً لا تخلف وعدك مهما كانت الظروف.

14- أن تكون شجاعاً قوي الاحتمال, وأفضل الشجاعة الصراحة في الحق وكتمان السر والاعتراف بالخطأ والإنصاف من النفس وضبطها عند الغضب.

15- أن تربي أولادك تربية إسلامية صحيحة متوازنة على أن يكون كل منهم: سليم العقيدة, صحيح العبادة, متين الخلق, مثقف الفكر, قوي الجسم, نافعاً لغيره, حريصاً على وقته.

16- أن تقاطع البضائع والسلع الأمريكية والصهيونية وأن تخدم الثروة القومية بتشجيع المصنوعات والمنشأت الاقتصادية الإسلامية وأن تحرص على القرش فلا يقع إلا في يد أخيك مهما كانت الأحوال ولا تلبس ولا تأكل إلا من صنع وطنك الإسلامي.

17- اعرف عدوك وادرس شخصيته جيداً.

18- أن تكون عظيم النشاط مدرباً على الخدمات العامة تشعر بالسرور إذا استطعت أن تخدم غيرك وتعود المريض وتواسي الضعيف ولو بالكلمة الطيبة, وتبادر دائماً إلى الخيرات.

19- اكفل يتيماً, حجب امراة, صل رحمك, اعف عن من ظلمك, أصلح ذات بين, علم جاهلاً, جهز غازياً.

20- أن تكون حسن التقاضي لحقك, وأن تؤدي للناس حقوقهم كاملة غير منقوصة قبل أن يطالبوا بها ولا تماطل أبداً.

21- أن تعمل ما استطعت على إحياء العادات الإسلامية ومحاربة العادات الأعجمية في كل نواحي الحياة ومن ذلك: التحية, واللغة, والتاريخ, والزي, ومواعيد العمل, وغيرها...

22- أن تبذل المال من أجل نشر الإسلام في كل مكان وأن تؤدي الزكاة الواجبة في مالك وأن تجعل جزءاً منه معلوماً للسائل والمحروم.