بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمدلله والصلاة على رسول الله ،،،، وبعد ،،

فإن الكثير من الناس - ولله الحمد - يعيشون في هذا الزمن في رغد من العيش ، فالمال قد فاض في أيدي الكثير منهم ، رواتب ضخمة ، وتجارات كثيرة ، ومساكن واسعة ، وسيارات فارهة ، ومع ذلك الكثير منهم يشكو قلة البركة فيما أُعطوا ، حتى أصاب بعضهم القلق ، وتناسوا قول الله: "ومامن دابة في الأرض إلا على الله رزقها يعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين" [هود:6]. فالله قد تكفل بالرزق ، فمن صدق في توكله رزقه الله من حيث لا يحتسب؛ "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير". والبركة إذا نزلت في المال صار كثيرا، وإذا نزلت في الأولاد صاروا نافعين، وإذا نزلت في العمر صار مُنْتِجا أينما حل نفع؛ فالله - جل في علاه - إذا أراد بعبده خيرا بارك له فيما أعطاه، حتى يُصبح القليل كثيرا، والصغير كبيرا بإذن الله . إذن ؛ فما سبب قلة البركة ؟! ثمة أسباب لقلة البركة ، أُجْمِلها فيما يلي:

السبب الأول:

قلة تقوى الله ، يقول الله "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" [آعراف:96] . فبالتقوى تنزل البركات من السماء ، وتخرج من الأرض ، وبعدَمِها تُنْتزع البركات من الأرزاق.

السبب الثاني:

الغفلة عن الدعاء وعدم الإلحاح على الله بذلك . جاء في سنن أبي داود أن النبي دخل المسجد يوما فوجد أبا أمامة وحيدا وعليه علامات الهم والغم ، فقال له: يا أبا أمامة مالذي أجلسك في المسجد في ساعة ليست بساعة صلاة؟ فقال يارسول الله: هموم أصابتني وديون أثقلتني ، قال: ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن أذهب الله همك وقضى دينك؟ فقال: بلى يارسول الله ، قال: قل: إذا أصبحت وإذا أمسيت؛ اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، ومن الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ، فقال أبو أمامة: فقلتهن فأذهب الله همي وقضى ديني.

السبب الثالث:

العقوق وقطيعة الرحم ، فإنهما سبب رئيس لضيق المعيشة وقلة الأرزاق والبركات ، يقول: "من أحب أن يُبْسَط له في رزقه ، ويُنْسأَ له في أثره ، فليصل رحمه". [أخرجه البخاري ومسلم]. فالبر والصلة من أعظم أسباب البركات في الأموال والأولاد والأعمار.

السبب الرابع:

الإمساك عن الصدقات وعن الإنفاق ، فلقد اقتضتْ حكمةُ الله أن مَنْ أنفق وتصدق، ويسَّر على المعسرين، ونفس كرب المكروبين، فإن الله ييسر عليه، ويفرج كربته وهمه وغمه، حيث يقول النبي: "يا أسماء أنفقي يُنْفِق الله عليك". [أخرجه مسلم]. ويقول الملَك كل صباح: اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا . [أخرجه البخاري ومسلم].

السبب الخامس:

الكسل وترك العمل ، فدين الإسلام هو دين العمل ، وليس الجلوس عن العمل من الإسلام في شيئ. قال: وجُعِل رزقي تحت ظل رمحي . [صححه الألباني].

السبب السادس:

التوكل الصادق على الله مع بذل أسباب الرزق ، فالطيور تخرج كل صباح تبحث عن أرزاقها ، لم تنم في أعشاشها وفي أوكارها ، بل انطلقت على فطرتها ، قال رسول الله صلی الله علیه وسلم: "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا وتروح بطانا". [أخرجه أحمد والترمذي والنساء وابن ماجة وابن حبان والحاكم ، وقال الترمذي: حسن صحيح].

أسأل الله أن يمن علينا جميعا بالتوفيق والرزق والبركات ،،، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.