"آسف" كلمة رائعة تدل على أدب اجتماعي رفيع لا يملك الكثير ذكرها في أحاديثه ، صاحبها يملك قلباً أبيضاً لا يحمل حقداً ولا بغضاء لأحد بل حب وتقدير لمن حوله ، تشعر فيمن يقولها ببعده عن الكبر والبغضاء بل التواضع والحرص على الصف وجمع الناس حوله ..
"آسف" لا يعتبرها الكبار نقيصة يتهربون منها ، أو عيباً يستحيون منه ، بل هو خلق يتقربون به إلى ربهم.
"آسف" تفعل في النفوس فعل السحر ، تلين بها القلوب الجافة الغليظة ، وبها تمحو خطأك عند الناس مهما كان ، فكم من اعتذار قصير أُطفأت به نار حقد وخصام تأكل الأخضر واليابس.
"آسف" أبحث عنها في قاموس يومياتنا فأجدها نادرة الوجود بالنسبة للمواقف التي تتطلبها ، حيث لا تنتهي والأخطاء التي لا تعد والتقصير الذي لا ينفك عنا وعن حياتنا ..
"آسف" لماذا غابت عن حياتنا ؟! .. أين هي بين الزوج وزوجته ؟! .. أين هي بين المدير وموظفيه ؟! .. أين هي بين الجار وجاره ؟! .. أين هي بين الطالب ومدرسه ؟! ..
"آسف"آه لو شعرنا بأثرها ما تركنها دونما أن ننطق بها .. فكم من نفس تطيب بآسف ؟! .. وكم تُحقن دماء بآسف ؟! .. وكم يُشفى غليل بآسف ؟! .. وكم تنتهي مشكلات بآسف ؟! .. آسف علاج للكثير من مواقف قد تحدث أزمات كبيرة في حياتنا ..
"آسف" ها هو صلى الله عليه وسلم يقبلها ويقبل مَن يقدمها , فلا يرد معتذراً من كرم نفسه وحسن خلقه , ألا تذكر معي موقفه من هبار بن الأسود الذي يقول عن نفسه وعن فعله: "لما ظهر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ودعا إلى الله، وكنتُ فيمن عاداه، ونصب له وآذاه، ولا تسير قريش مسيرًا لعداوة محمد وقتاله إلا كنتُ معهم"ثم يزيد هبار موقفه سوءاً بموقفه من ابنته صلى الله عليه وسلم عندما دفعها وهي حبلى فسقطت من فوق بعيرها فأسقطت جنينها ولا زالت مريضة في المدينة بعدها ,حتى لقيت ربها, وبعد الفتح يأتي هبار إلى رسول الله ويعتذر إليه فيقول ابن حجر"فوقف هبار قائلاً: السلام عليك يا نبي الله أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله, ولقد هربت منك في البلاد وأردت اللحاق بالأعاجم ثم ذكرت عائدتك وصلتك وصفحك عمن جهل عليك, وكنا يا نبي الله أهل شرك فهدانا الله بك وأنقذنا من الهلكة فاصفح عن جهلي وعما كان يبلغك عني فإني مقر بسوء فعلي معترف بذنبي, فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"قد عفوت عنك وقد أحسن الله إليك حيث هداك إلى الإسلام والإسلام يجب ما قبله".
الآراء