بقلم : السعيد الخميسي : هل نبكى على رابعة , أم علينا تبكى رابعة....؟ * هل نبكى على رابعة , أم علينا تبكى رابعة ..؟ ، نأسى على رابعة أم علينا تأسى رابعة ..؟ نتألم ونتوجع على رابعة , أم علينا تتألم وتتوجع رابعة..؟ نعم .. لقد فاضت الدماء فى رابعة أنهارا ... وسالت الدموع من العيون مدرارا . ينقضي الليل ويمر النهار , وستظل ذكرى رابعة فى قلوبنا جذوة نار . رابعة لن تموت ولن ينجلي ليلها إلا بصبح جديد وفجر مجيد ونهار تليد . هل تعلمون ماذا تعنى رابعة..؟ رابعة روح فى جسد , وزئير فى فم أسد , هى نبض قلوبنا ولا حسد . رابعة قمر فى السماء , ونبع فى أرض بلا ماء . هى كابوس يؤرق مضاجع الطغاة الظالمين , أبى من أبى وشاء من شاء . ستظل رابعة رغم الداء والأعداء .. كالنسر فوق القمة الشماء . * رابعة قصة حياة , وليست تابوت موت , رابعة كانت انتصارا ولم تكن أبدا هزيمة وانكسارا . رابعة كانت للأحرار جوائز قبل أن تكون للشهداء جنائز . رابعة منارة فى سماء الوطن , حين تظلم سماؤه . رابعة واحة خضراء فى أرض الوطن , حين يغيض ماؤه . رابعة أمل كل عليل سقيم , قد استعصى على الأطباء شفاؤه . ليست رابعة فقط دماء سالت , وجثثا تفحمت , وأطرافا قطعت , وأطفالا يتمت , ونساء رملت , ولكن رابعة ضوء ساطع فى نفق طويل مظلم . رابعة حكاية شعب أراد الحياة , وأبى الذل والهوان , فقدم روحه رخيصة فداء لدينه ووطنه وحريته . من كان يظن أن دماء رابعة قد ذهبت سدى , وسينجو الظالمون , ويفر المجرمون بلا حساب أو عقاب , فقد خان الله ورسوله والمؤمنين إلى يوم الدين . · هلا استنشقت عبير وردة حمراء , فرابعة هى رائحتها الفيحاء . هل شاهدت فى حياتك قمر بلا سماء ..؟ وأرض بلا ماء ..؟ وشهداء بلا دماء ..؟ رابعة هى السماء , وهى الماء , وهى الدماء . رابعة هى نهار الحق مهما طال ظلام المساء . رابعة ليست قصيدة شعر يتغنى بها الشعراء , وليست رؤية فى منام أو طيف خيال , رابعة ليست ومضة باهتة , كلما جاءت خفت وذهبت , ولكن رابعة كالتعليم فى الصغر , أو كالنقش على الحجر لايمحو ذكراها ولا أثرها أنثى ولا ذكر . رابعة حكاية شعب أراد أن يستنشق عبير الحرية , ورفض الذل والعبودية , شعب أبى إلا أن يعيش مرفوع الهامة , فى حرية تامة , فانقضوا عليه كالذئاب الجائعة والوحوش الضارية . لكن أرواح شهداء رابعة تحلق فى الآفاق لتعلم الدنيا درسا فى الثبات والصمود والأخلاق . * رابعة ليست مجرد اعتصام في ميدان وانفض , أو صرح عال على ربوة شاهقة هوى وانقض , بل رابعة اعتصام دائم فى ميدان القلوب , وصرح شاهق لا تعبث به ريح الخطوب . رابعة ماض وحاضر ومستقبل . ماض لأنها تاريخ , والتاريخ لا يمحى , وحاضر لأنها لا تنسى , ومستقبل لأنها أمل للأحرار فى كل مكان والآمال تبقى حية لا ينساها إنسان مهما طال ليل الزمان . رابعة... استشهد فيها الصديق والرفيق , وجرح وأصيب فيها الإخلاء , ومنهم من مات بحثا عن شربة ماء . رابعة .. استشهد فيها الرضيع , برصاص كل خسيس وضيع . رابعة ذكرى فى سجل الخالدين . سجل صفحاته مكتوبة بمداد من ذهب , وعذرا يا دماء الشهداء لأنك أغلى من ماء الذهب . * رابعة هى خلجات نفسي , ونبضات قلبي , ونور عيني . ستظل رابعة شجرة مورقة فى أرض فلاة يستظل بها كل عابر سبيل . رابعة هى اشراقة شمس كل صباح , وضوء قمر كل ليل , لن ينساها جيل بعد جيل . هى للأحرار الأبرار يوم عيد , من مات فيها فهو بإذن ربه شهيد , ومن أحبها كتب لنفسه مجد تليد . ومن كرهها وأساء إليها بقول أو بفعل فهو بلا شك شيطان مريد . رابعة سوق قام وانفض بقدر الله , ربح فيه من ربح , وخسر فيه من خسر . ربح فيه الأخيار الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل دينهم ووطنهم . وخسر فيه الأشرار الفجار الذين أاساؤوا لدينهم , وباعوا وطنهم واستحلوا الدماء , واسترخصوا الأعراض , وانتهكوا الشرف والكرامة , واقتحموا على العباد خلوتهم . ولم يراعوا للدماء حرمة , ولا للشرف والكرامة قدسية. * سينسى التاريخ أسماءنا يوما ما , ولكن التاريخ لن ينسى اسم رابعة . ستعصف زوابع وأعاصير الجغرافيا بنا وببيوتنا يوما ما , ولكنها لن تمحو ولن تهدم صرح رابعة لأنه قائم على أصوله على ربوة سامقة تناطح عنان السماء رغم كيد الأعداء . ستظل دماء رابعة علامة فارقة وحاجزا عميقا بين العذب والفرات , بين الأمناء والعملاء , بين الاصلاء والدخلاء , بين الأشرار والأبرار , بين المؤمنين والمنافقين , بين الصامدين الثابتين , والمترددين المرجفين فى المدينة . فلا تبكوا على رابعة , ولا تحزنوا على شهداء رابعة , فرابعة وشهداؤها بإذن ربهم فى أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وأعداء رابعة ومن استباحوا وأراقوا دماءها فى أسفل سافلين مع أعداء الإنسانية أعداء الدين . وعذرا ياربعة فمهما قلت , فما وفيتك حقك وأنا دائما من المقصرين.
الآراء