لم يكن مفاجئا لأحد أن يتمكن مؤيدو الرئيس المصري محمد مرسي من حشد عدد كبير في مظاهرة "الشرعية والشريعة" بميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة. لكن المفاجأة بدت واضحة للمعارضين والمؤيدين على حد سواء عندما تجاوز العدد كل التوقعات. فقد امتلأ ميدان نهضة مصر بالمتظاهرين عن آخره، وامتلأت معه جميع الساحات والطرق المؤدية إليه. وإذا قدر مراسل قناة دريم المعارضة هذا العدد بأنه يتجاوز المليون ونصف المليون، فإن مصادر أخرى قدرت بأن العدد تجاوز المليونين على أقل تقدير. وترى مصادر صحفية أن هذا الحشد هو أكبر حشد شهدته ميادين مصر حتى أيام ثورة إسقاط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. ولم تقتصر الحشود على ميدان نهضة مصر، فقد شهدت الإسكندرية وأسيوط حشودا ضمت مئات الآلاف على أقل تقدير، كما يفيد مراسلو الجزيرة في المنطقتين. المعارضة والموالاة لم يكن سهلا على شخص مثلي لم يعتد على حشد بمثل هذا الحجم أن يقدر عدده تحديدا أو تقريبا، فهذه فراسة لا أمتلكها، خاصة أنني لم أشهد مثلها من قبل. لكن حضوري لميدان التحرير في مظاهرتي المعارضة أمس الجمعة وقبله الثلاثاء الماضي جعلني أخمن في المجمل حجم مظاهرة المؤيدين اليوم قياسا بحجم مظاهرات المعارضة. ذلك أن ميدان التحرير الحالي اقتطعت منه الإنشاءات الجارية بعد الثورة نحو ثلثه، كما أن الخيم التي تفترش معظم جزيرته التي تتوسطه تقتطع جزءا إضافيا ليس يسيرا منه، ولا تكاد ترى حشودا إلا في منطقة الميدان دون الطرق المؤدية إليه، وفي هذا الحشد يمكن للمرء أن يسير مرتاحا دون مشقة. أما ميدان نهضة مصر فإن حشوده الكثيفة لم تقتصر على الساحة المقابلة لجامعة القاهرة وإنما امتدت طويلا في الطرق الفسيحة المؤدية إليه. وقد حاولت الوصول إلى أقرب نقطة مركزية في الميدان ففشلت وبقيت بعيدا بنحو خمسمائة متر. ميدان التحرير وقد شكا المتظاهرون مما أسموه "سرقة" المعارضة لميدان التحرير وحرمانهم من التظاهر فيه، كما قال أحدهم. وعبر عن أسفه لتحول مظاهرتهم من هناك إلى ميدان نهضة مصر، وقال إن ميدان التحرير هو "رمز الثورة وأيقونتها لكنه الآن أصبح تحت سيطرة الفلول". واعتبر آخرون هنا في ميدان نهضة مصر أن نقل المظاهرة من ميدان التحرير كان خطأ، لأن "الميدان ليس ملكهم وحدهم". لكن شابا آخر قال "الثوار هم من صنعوا ميدان التحرير وليس الميدان هو من صنع الثوار". يذكر أن معارضي الرئيس مرسي يعتصمون في ميدان التحرير منذ أكثر من أسبوع وينصبون فيه خيامهم ويؤكدون أنهم لن يغادروه حتى يعلن الرئيس إلغاء إعلانه الدستوري. الإعلام والقضاء إلى جانب إعلان التأييد للرئيس مرسي وإعلانه الدستوري ومسودة الدستور، تركزت هتافات ومطالب ولافتات المتظاهرين على قضيتين رئيسيتين هما الإعلام والقضاء وضرورة تطهيرهما مما أسموه "فلول" نظام مبارك. فعلى صعيد الإعلام هناك لافتات "تفضح" علاقة أبرز الفضائيات المصرية المعارضة بمبارك وحاشيته، وأخرى تشرح كيف يدير مبارك هذه الفضائيات من سجنه. بينما كانت هناك لافتات أخرى تجمع صور أبرز الإعلاميين المعارضين وقد صورتهم بأنياب متوحشة وفوق الصور الآية القرآنية "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون". هذا فضلا عن الهتافات المنددة بما أسموه "إعلام الفلول". والقضاء شهد الشيء نفسه عبر لافتات تطالب بتطهيره من الفساد وأخرى تذكرهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "قاض في الجنة وقاضيان في النار"، وثالثة تقول إن "الإعلان الدستوري صدر من رئيس منتخب لحماية مجلس شورى منتخب وحماية جمعية تأسيسية منتخبة من 19 قاضيا عينهم مبارك قبل الثورة". في حين قارنت لافتة أخرى بين الرواتب التي يتقاضاها كل من رئيس الدولة ورئيس الوزراء والوزراء عموما بالرواتب الضخمة التي يتقاضاها قضاة المحكمة الدستورية الـ19.