ليس كل مسلم إخواني ولكن كل إخواني مسلم، قضية منطقية لا أحد يمكن أن ينكرها أو يجادل فيها إلا حاقد أو معاند أو اعمي لا يرى إلا نفسه، وينفي الآخر ويسعى إلى سحقه أو تغيبه في السجون فوق الأرض أو بالدفن تحت الأرض ولكن الحق سينبت وقوده الدم والعذاب والمعاناة وهذا كله سيجعله أكثر قوة؛ لأن هذه هي ضريبة الحرية.

ما يجري في مصر هو محاولة لاستنساخ تجربة عبد الناصر، ونسي من رسم سيناريو التعامل مع الحركة الإسلامية وفي مقدمتها الإخوان المسلمين أن الزمان تغيير، وأن الأمر لم يقتصر بعد على الأخوان، كما أن الشهود باتوا كثر في ظل تكنولوجيا المعلومات التي تكشف بالصوت والصورة، والتعليق على كل شاردة وواردة؛ أي أن هؤلاء المُستنسخين لعهد عبد الناصر مفضوحون على الملأ، كما أن زمن عبد الناصر لم يك فيه الشعب المصري على ما هو عليه من وعي وانتشار للوعي الإسلامي رغم أن شعب مسلم بالفطرة ولكنه كان مبهورا بالثورة التي قادها الضباط الأحرار وسرقها عبد الناصر من أصحابها الحقيقيين تماما كما تُسرق اليوم الثورة المصرية على يد قادة الانقلاب والمارقين المسترزقين المتسلقين للوصول الى الحكم حتى لو كان على جثث الشهداء ودماء الجرحى وخراب البلاد.

ما يجري اليوم في مصر ظاهره العذاب والخوف وباطنه فيه الخير؛ لأن سلمية التيار الإسلامي ومواجهته البطش والقتل والاعتقال دون مقاومة أو اشتباك أو غير ذلك من الأمور التي كان يتمناها قتلة الشعب المصري ومؤيدوهم في الساحة السياسية المصرية، سوف تقف بالمرصاد لمحاولة شيطنة الحركة الإسلامية ووصمها بالإرهاب وستدفع الشعب المصري المسلم بطبعة وسجيته الرافض للعلمانية وتطرفها والعسكر وجبروتهم وظلمهم، وأذكر ما ذكره العارفون في مصر ما فعل المصري الريفي الطيب مع قساوسة جاءوا للتبشير وبعد أن جمعوا الناس ووعدوهم بالهدايا والأموال وشرقوا وغربوا مع الناس ثم استأذنوا لإحضار الهدايا والمال، ويبدو أن الناس استطالوا غيابهم وهم في حالة صمت وكأن على رأسهم الطير. خرج من بينهم من وقف وقال (وحِدُوه) وكانت لحظة خروج القساوسة للناس فقال أحدهم (من ساعات الصباح ونحن نتحدث ونشرح ونعد ونُمني، وفي لحظات قليلة تعودوا إلى طبيعتكم؛ قوموا وانصرفوا)، هذا هو الشعب المصري المسلم.

لا خوف على التيار الإسلامي، و لا على الإخوان المسلمين وما هذا الذي يجري ما هو إلا أذى وإن اشتد، فهذه مرحلة لابد منها مرحلة يمكن أن نطلق عليها مرحلة المفاصلة؛ إما أبيض وإما أسود ولا وجود للمساحة الرمادية، فالمرحلة مرحلة تمحيص، مرحلة حق وباطل، وهو ليس صراعا على سلطة أو حكم ولكنه صراع على الهوية والعقيدة ، صراع على هوية مصر عربية وإسلاميتها السمحة في مواجهة من يريدون أخذ مصر بعيدا عن هويتها ودينها.

سيعود لمصر وجهها الحقيقي وستعود مصر لتكون الدولة القوية القائدة والرائدة صاحبة الإرادة وسيحفظ الله مصر أرضا وشعبا وسيحصد الظالمون الندم والخيبة وسيصدق فيهم قول الله تعالى "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" وعلينا أن نؤمن بقول الله تعالى "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"، النصر حليف المؤمنين، "ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا" وربما يقول قائل: هم أيضا مسلمون، ونقول: من يقتل الركع السجود ويقتل شعبه بهذه الطريق عليه علامات استفهام خاصة لو علمنا أن من قتلوا عثمان رضي الله عنه كانوا مسلمون أيضاً !.