قام الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح بإصدار رسالة مفتوحة للدکتور حسن روحاني ومن ضمنها تطرق إلی مشارکة أهل السنة الفعالة في الانتخابات الأخیرة مطالبا إیاه الاهتمام بمبدأ الجدارة واستخدام نخبة الأقوام والمذاهب في هیکلة الحکومة الجدیدة. نص الرسالة کما یلی:
سعادة الدکتور حسن روحاني رئیس الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة
السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته
بعد السلام والتحیة أسأل المولی الجلیل أن یتقبل منا صالح أعمالنا؛ أتقدم بخالص التنئة لإعطاء الثقة الشعب الإیراني بمناهجکم وبرامجکم؛ في أتون تأسیس الحکومة الثانیة عشر أود أن أشیر إلی بعض النکات کما تلی: الثورة الإیرانیة المجیدة والمناهضة للاستعمار التي اندلعت في أواخر الخمسینیات کانت حصیلة إرادة آحاد الشعب الإیراني من مختلف الأقوام والمذاهب والنشطاء السیاسیین والمدنیین بشتی العقائد والانتماءات الحزبیة وعقب هذا التضامن الشعبي آتت الثورة أکلها وأودت بالنظام الشاهي الجائر.
عملیة إقامة النظام الجدید شهدت صعودا وهبوطا کبیرا وفي هذه الأثناء نزل عدد من رکاب قطار الثورة في کل مرة أو اقتیدوا خارجَ عملیة القیادة ومبدأ هذا الاصطفاف وإن لم یکن هویا أو قومیا أو مذهبیا ولکن حصة مواطني أهل السنة ونشطائهم کانت أکثر بکثیر من سائر المواطنین. رغم أن بعض الأحداث والتوترات مهدت الطریق لهذا التهمیش وکانت بإمکانها أن تأتي بنتائج أسوأ ولکن معدل أهل السنة بإیران بل معظمهم منهم أتباع جماعة الدعوة والإصلاح بذلوا قصاری جهودهم لتفادي حدثین مؤسفین وهما القنوط والتهمیش من جانب وهیمنة الخطاب العنف من جانب آخر.
إن مواطني أهل السنة من الأکراد والبلوش والعرب والفارس والأتراک والترکمان والطوالش اتبعت مطالبها المدنیة في إطار الاعتدال معتمدة علی الآلیات القانونیة وحاولت أن تکون مرابطة وحماة صادقة لوطنها وقد تحملت تکالیف باهضة في هذا الطریق. مدینة سردشت أصبحت ضحیة القصف الکیمیائي وقد تعرضت مدن أخری لهجمات مختلفة. ومن أجل التصدی لظاهرة الإرهاب المشؤومة قد تعرض کثیر من أبناء أهل السنة لأضرار جسیمة وأودي بحیاة کثیر من العلماء منهم ملا کریم شریکندي وملا محمد عظیمي وملا محمد رؤوف ونجله أبوبکر حسین زاده وملا علی ونجله مسلم جلالي زاده وعشرات من العلماء ومئات من المواطنین الأبریاء.
هذه الأضرار الجسیمة وتکالیفها الباهضه إلی جانب بعض أوجه القصور وبطء عملیة التنمیة في المنطقة لم تستطع أن تزلزل إرادة مواطنین السنة الجماعیة في التزامهم بالعملیة المدنیة وقد بذلوا جهدهم في الأحداث المهمة جنبا إلی جنب الشعب الإِیراني ولعبوا دورهم في الانتخابات المختلفة بغیة الترکیز علی الوحدة والتضامن الوطني والاستقرار والتنمیة في خلق الملاحم الخالدة. سعادة الرئیس کما تعلمون أن أصوات معظم أهل السنة في إیران تؤکد من جدید علی الاتجاه الاستراتيجي الذي تبناه في العقدین المنصرمین وقد اختاروا النشاط المدني للتعبیر عن مطالبهم عبر حضورهم الحاشد وما وراء المعدل الوطني في الانتخابات.
وفي مثل هذه الظروف التي أصبح قطار إدارة البلاد مستعدا للحرکة علی سلک التنمیة والثبات والاهتمام المزید بحقوق عامة المواطنین وفي حین أصحبت بلادنا جزیرة ثبات وسط التوترات الجاریة في المنطقة؛ حاول الأعداء المغرضون بإرسال الإرهابیین إلی عاصمة البلاد وضرب رمزین هامین للبلاد حیث أودی بحیاة مجموعة من المواطنین وبغیة استهداف أمن البلاد وسلامها والمساس بوئام الشعب الإیراني.
اعتقد أن رعایة الله وذکاء الشعب وصرامة الحکومة ستضمن أمن البلاد واستقرارها وأن التنوع الدیني والسیاسي إلی جانب الإدارة الشاملة والمعتنیة بالجدارات بإمکانها أن تسهل التنمیة الثقافیة والسیاسیة للبلاد وأن المغرضین سیخفقون في المساس بهذه الصورة البهیة المکونة من مختلف الهویات. إن الشعب الإیراني الکبیر منهم المواطنین السنة لیدرکون قیمة التضامن ومکانة الأمن والاستقرار خاصة في الظروف الملتهبة التي تمر بالمنطقة.
إن مؤامرات القوی العالمیة والإقلمیة إلی جانب الجهل والعصبیة والتحیز الذي تحکم علی بعض التیارات الدینیة والسیاسیة مع بعض أوجه القصور التي لا مبرر لاستمرارها لعبت دورها في تکوین الظروف الراهنة وینبغي أن یهتم بها السلطات والخبراء والمحللون.
جماعة الدعوة والإصلاح إلی جانب الجهات الفاعلة الأخری والشخصیات والمجموعات السنة والشیعة في البلاد لا تدخر أي جهد في مسار تعزیز الوحدة الوطنیة وتعمیق العقلانیة والوسطیة والتسامح. وقد جعلت الجماعة المفاهیم الثلاثة الکرامة الإنسانیة والمعنویة الإسلامیة والهویة الإیرانیة کشعار لمؤتمرها الأخیر المنعقد قبل سنتین.
نأمل في أتون تأسیس الحکومة الجدیدة أن یزداد التماسك داخل البلاد يوما بعد يوم وأن لا یجد الأعداء نافذة للتسلل بداخل حدود البلاد الآمنة القویة المتماسکة بفضل المزید من التوافق والتأزر بین الأحزاب والتیارات المختلفة في مسار انتخاب الشعب والالتزام بمبدأ الجدارة واستخدام ذوي الکفاءات من الأقوام والمذاهب والاعتماد علی نهج التنمية المتوازنة والمستقرة.
والسلام علیکم و رحمةالله و برکاته!
عبد الرحمن بیراني
الأمین العام لجماعة الدعوة والإصلاح
25 رمضان المبارک 1438
الآراء